موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ٢٢ فبراير / شباط ٢٠٢١
البطريرك يونان يحتفل بقداس عيد مار أفرام السرياني شفيع الكنيسة السريانية

أبونا :

 

احتفل بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي إغناطيوس يوسف الثالث يونان، الأحد 21 شباط 2021، بالقداس الإلهي الحبري الرسمي بمناسبة عيد مار أفرام السرياني، شفيع الكنيسة السريانية ومعلّم الكنيسة الجامعة، وذلك في كنيسة مار اغناطيوس الأنطاكي، في مقرّ الكرسي البطريركي للسريان الكاثوليك، بالعاصمة اللبنانية بيروت، بحضور بعض المؤمنين، فيما تابع المؤمنون القداس عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، بسبب التدابير الوقائية المتّخذة نظرًا لتفشّي وباء كورونا.

 

بعد الإنجيل المقدس، ألقى غبطته عظة أشار فيها إلى أنّ الكنيسة السريانيّة بجناحيها الكاثوليكي والأرثوذكسي تفخر أن تتّخذ من أفرام السرياني شفيعًا لها. كما تكرّمه جميع الكنائس الشرقية الشقيقة، وتغرف الصلوات والأناشيد من إرثه الروحي والطقسي، وفي مقدّمة هذه الكنائس: السريانية المارونية، والكلدانية، والسريانية الملنكارية والملبارية في الهند، وكذلك الأرمنية، والقبطية، واللاتينية، ومعظم الكنائس ذات التراث البيزنطي.

 

وقال: "هذا القديس من شرقنا، استحقّ أن يرفعه البابا بندكتس الخامس عشر في عام 1920 إلى رتبة ملافنة الكنيسة الجامعة، أي معلّمو الإيمان، الذين منهم نستقي ينابيع المعرفة للتعمّق في أسرار الخلاص. وقد بدأنا احتفالات مئوية إعلانه معلمًا، ونحن نتطلّع كي تسمح الظروف والأوضاع الراهنة أن نقيم في وقتٍ قريبٍ، وببركة قداسة البابا فرنسيس، الاحتفالَ برفع الستار عن تمثالٍ لمار أفرام كنّا قد وضعناه على مدخل جامعة اللاتران الحبرية في وسط روما".

 

وأشار إلى أنّه "من سيرة حياة مار أفرام نعلم أنّه التزم بقضايا مدينته الأولى نصيبين والثانية الرها. وبهذا يعطينا المثال في التضحية والبذل من أجل القريب، واليوم نعني به الآخر، دون تمييز، سيّما في زمن الشدّة والضيق، من آفاتٍ مَرَضيةٍ وحروبٍ ألمّت بأهل زمانه ووطنه. لقد اختبر معاناة التهجير قسراً عن موطنه الأول نصيبين، لذلك نراه يفكّر أيضًا بالغرباء، أي المهجَّرين أمثاله، ويتعاطف معهم ساعيًا لعيش شهادة المحبّة الحقيقية".

 

 

نداءات وتضرعات

 

وقال البطريرك يونان في عظته:

 

على مثال شفيعنا مار أفرام، سَعَتْ كنيستنا السريانية أينما وُجِدت، شرق دجلة وغرب الفرات، في مشرقنا المتوسّط كما في بلاد الانتشار، ورغم التشتُّت والاضطهاد والتهجير قسرًا وطوعًا، سَعَتْ أن تبقى أمينة لدعوتها، كنيسةً رسوليةً، ناشرةً حضارتها ذات الجذور الآرامية، مستشهدةً ومعترفةً في سبيل إنجيل المحبّة والسلام.

 

في العراق، نضرع إلى الرب يسوع أن يكلّل زيارة قداسة البابا فرنسيس بالنجاح التامّ. إنّنا نرحو أن تحمل هذه الزيارة البابوية بلسمًا ومواساةً وتشجيعًا لأولادنا كي يبقوا متجذّرين في أرضهم، متساوين مع أقرانهم بحقوق المواطنة كاملةً. كما نأمل ألا تقتصر الزيارة على لقاءاتٍ بروتوكوليةٍ للرئاسات المدنية وبعض المراجع الدينية، باسم الحوار الذي يكتفي بالأقوال والبيانات.

 

وفي العراق الغالي علينا، أصيبت كنيستنا في الصميم، جراء العنف التكفيري والفوضى الضاربة أطنابها في غالبية المناطق. وأكبر شاهدٍ على قولنا هذا، كاتدرائيتنا في بغداد، "سيّدة النجاة" التي قدّمت عشرات الشهداء قبل عشر سنواتٍ ونيّف، وبعدهم الاقتلاع الإجرامي لعشرات الآلاف من الموصل وقرى وبلدات سهل نينوى، لا لشيءٍ سوى تعلُّقهم بإنجيل المحبّة والسلام، وإيمانهم بقيامة وطنهم، راجين من أقرانهم ذوي الغالبية الدينية أن ينهوا صراعاتهم الطائفية، ويغلّبوا الخير، ويفعّلوا ثقافة المحبّة.

 

إنّنا نصلّي من أجل سوريا العزيزة، كي تتابع درب استعادة عافيتها رغم هول المآسي وسنوات الحرب والمحنة التي ألمّت بها، إذ تدهور الاقتصاد ومستوى المعيشة وهاجر الكثيرون من أبناء الوطن بحثًا عن عيشٍ كريمٍ ووضعٍ أفضل. وإنّنا نجدّد نداءنا ودعوتنا إلى المسؤولين عن القرار في العالم وإلى جميع أصحاب الإرادة الصالحة، للسعي الحثيث إلى رفع العقوبات الاقتصادية الجائرة المفروضة على الشعب السوري الذي يعاني الظروف العصيبة، كي يبقى لديه بريق أملٍ في مستقبلٍ زاهرٍ في أرضه.

 

ونحن في الوطن الغالي والمميّز لبنان، نعتبر أنّه واجبٌ علينا كما على غيرنا من مختلف الطوائف، كبيرةً كانت أم قليلة العدد، أن ندافع عنه، وطنًا حرًّا، وطنًا للجميع، وطناً لكلّ الطوائف وليس حكراً على طائفة أو دين. ونحن مقتنعون بأنّ لبنان أولاً وأخيرًا يُبنى بشعبه ويزدهر بأبنائه وبناته المؤمنين به، وطنًا نهائيًا للحرّية، وللمشاركة التوافقية الحضارية، وهو الوطن - الرسالة للعالم أجمع، على حدّ تعبير البابا القديس يوحنّا بولس الثاني.

 

إنّنا نضرع إلى الرب كي ينير عقول المسؤولين في لبنان وضمائرهم، ليعملوا جادّين وجاهدين في سبيل إيجاد الحلول للأزمات التي يرزح الوطن تحت وطأتها، سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا وماليًا، وبخاصّة تداعيات الجريمة الرهيبة بتفجير مرفأ بيروت، ونطالب بمحاسبة المجرمين وعدم تمييع التحقيق وإدخاله في المهاترات السياسية، وكذلك الإفراج عن أموال المودعين وجنى أتعابهم المحتجَزة في المصارف، ومكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين، فضلاً عن جائحة كورونا التي تتطلّب العناية الخاصّة بالقطاع الطبّي والاستشفائي، وتأمين اللقاحات وتوزيعها بعدالة وشفافية ومهنية مطلقة.

 

كما نناشد المسؤولين بالترفّع عن المصالح الشخصية والفئوية والحزبية والمسارعة إلى تشكيل حكومةٍ، بعيدًا عن تناتُش الحصص والادّعاء بصحّة التمثيل والمحافظة على حصص المسيحيين، لتبدأ بالإصلاحات قبل أن يفوت الأوان وينهار ما تبقّى من مقوّمات الدولة.

 

كما نتوجّه بقلبنا الأبوي ومشاعرنا إلى جميع أبنائنا وبناتنا في بلدان الشرق، في مصر والأراضي المقدسة والأردن، وفي تركيا، كما في بلاد الإنتشار، في أوروبا والأميركيتين وأستراليا، ونرافقهم بالصلاة في هذه الأيّام العصيبة التي يجتازها العالم بأسره، كي تنقشع الغيمة السوداء، فيزول الوباء لتعود الحياة إلى طبيعتها، ويتابعوا مسيرة حياتهم وبناء مستقبلهم وتأسيس عائلاتهم وتربية أولادهم، بالتعلّق بإيمان آبائهم وأجدادهم والالتزام الكنسي والوطني.

 

ختامًا، يسرّنا أن نتوجّه بالمعايدة بعيد مار أفرام من إخوتنا الأحبار الأجلاء آباء سينودس كنيستنا السريانية، وجميع أبنائنا وبناتنا من الإكليروس والمؤمنين في كلّ مكان. ونخصّ أبناءنا الرهبان الأفراميين، وبناتنا الراهبات الأفراميات، وكلّ من يحمل اسم أفرام. ونسأل الله أن يقبل صومنا وصلاتنا، ويؤهّلنا لنحتفل بعيد قيامته المجيدة بالخير والفرح والصحّة والعافية".