موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٢١ مارس / آذار ٢٠٢١
البطريرك الراعي: لنحسن رؤية السير البناء في حياتنا الشخصية والوطنية

أبونا :

 

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي، قداس الأحد، على مذبح كنيسة الباحة الخارجية للصرح البطريركي في بكركي "كابيلا القيامة"، عاونه فيه المطرانان الياس سليمان وبيتر كرم، أمين سر البطريرك الاب هادي ضو، المرشد العام لرابطة أخويات لبنان الاب ادمون رزق، بمشاركة عدد من الأساقفة والكهنة والمؤمنين التزموا الإجراءات الوقائية.

 

وألقى غبطته عظة أشار فيها إلى أنّ "أعمى أريحا الجالس على قارعة الطريق يرمز إلى الذين لا يعنون شيئا للمجتمع المترف بالمادية والإستهلاكية والأنانية. فيهمشون ويهملون ويقصون عن الحياة العامة، أمثال الفقراء والمعوقين والمضطهدين، بل وأيضا أمثال المتحررين من التبعية والإستقواء والإستعباد". ووجّه التحيّة لكل الذين يعتنون بهؤلاء الأشخاص، خاصًا بالشكر "الأبرشيات والرهبانيات والمؤسسات الكنسيّة والخيريّة التي ما تزال تضمد الجراح وتؤمّن المساعدات. ولا ننسى الدول التي ما زالت ترسل لشعبنا وللمؤسسات المساعدات بروح التضامن الإنساني".

 

وقال: "ومع ذلك، فيما يتفاقم عدد الفقراء في لبنان، المحرومين لقمة العيش، وقد فاقوا المليون، بالإضافة إلى مئات الآلاف الذين هم تحت خط الفقر، والشعب المهدد بالمجاعة، أجدد الدعوة إلى التضامن الإنساني من قبل الدول العربية والغربية الصديقة، كي يساعدوا ماديًا وإنسانيًا الشعب اللبناني الذي هو ضحية الطبقة السياسية الحاكمة. ليس الشعب اللبناني خصمكم، بل صديقكم. لقد قدّم لبنان الكثير للعربِ وللعالم، فلا يجوز أنْ تجافوه وتقاطعوه وتقاصوه وتربطوا مساعدة الشعب -وأقول الشعب تحديدًا- بمصيرِ الحكومة أو الرئاسة أو السلاح غير الشرعي أو أي قضية أخرى. أفصلوا السياسة عن الإنسانية. إن الانكفاء السياسي لا يبرِر الإحجام عن تقديم المساعدات الضرورية للناس مباشرة. ماذا يستفيد أصدقاء لبنان، كل أصدقاءِ لبنان، وماذا يستفيد العرب، كل العرب، وبخاصةٍ عرب الاعتدال والانفتاح، وعرب حوارِ الأديان والحضارات من سقوط لبنان؟".

 

أضاف: "كم نتمنى لو أن المسؤولين السياسيين عندنا، المؤتمنين على مصير وطننا وشعبنا وإرثنا الوطني النفيس، يلتمسون من الله نور البصيرة الداخلية، لينظروا إلى أية حالة من البؤس أوصلوا شعبنا بفسادهم ومصالحهم الشخصية وتقاسمهم المال العام، وتعطيلهم عمل القضاء وأجهزة الرقابة وتسييسها، وارتباطاتهم الخارجية، وإلى أي إنهيار وتفكك أوصلوا الدولة بسوء إدائهم. فحرصًا منا على ولوج الحل الحقيقي نشجع جميع المبادرات والمساعي على خط تأليف الحكومة، ونأمل أن يسفر اللقاء بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف عن نتيجة إيجابية، فيؤلفا بعد طول إنتظار، وشمولية إنهيار، حكومة إنقاذ تضم اختصاصيين مستقلين ووطنيين، حكومة مواجهة الوضع المالي والنقدي والمعيشي، تجري الإصلاحات، وتعزز الإقتصاد الليبرالي الحر والإنتاجي، وتصحح الثغرات في صلاحيات الوزراء فلا يتقاعسون عن تنفيذ القانون، ولا يمتنعون عن تطبيق قرارات مجلس الوزراء، ومجلس شورى الدولة، حماية لمصالح الدولة والمواطنين".

 

تابع: "إننا ننتظرها حكومة مبادئ وطنيّة لا مساومات سياسيّة وترضيات على حساب الفعالية. ونأمل من الرئيسين أيضًا أن يخيبا أمل المراهنين على فشلهما، فيقلبا الطاولة على جميع المعرقلين، ويقيما حائطًا فاصلاً بين مصلحة لبنان وبين مصالح الجماعة السياسية ومصالح الدول، كفى إقتراحات جديدة وشروط تعجيزية غايتها العرقلة والمماطلة"، مشيرًا إلى أنّ "تأليف حكومة للبنان فقط، وللبنانيين فقط، لا يستغرق أكثر من أربع وعشرين ساعة. لكن إذا كان البعض يريد تحميل الحكومة العتيدة صراعات المنطقة ولعبة الأمم والسباق إلى رئاسة الجمهورية وتغيير النظام والسيطرة على السلطة والبلاد، فإنها ستزيد الشرخ بين الشعب والسلطة، وستؤدي إلى الفوضى، والفوضى لا ترحم أحدا بدءا بمفتعليها".

 

وخلص البطريرك الراعي في عظته إلى القول: "ولأننا نتمسك بالسلام الوطني وبوحدة لبنان تحديدًا، نطرح الحياد بثقة وإيمان، وسنواصل العمل لتحقيقه بإرادة داخلية، وبدعم عربي ودوليٍ يتجسد في عقد مؤتمر دولي خاص بلبنان. معظم اللبنانيين يريدون الحياد بمفهومه الصحيح، لأنه لصالح الجميع، ولأنه يجمعنا، فيما الانحياز يفرقنا. والحياد هو الحلّ الوحيد لمنع جميع أشكال التقسيم والانفصال والحكم الذاتي، ولتحقيق سيادة الدولة داخليًا وخارجيًا. أما المؤتمر الدولي الخاص بلبنان فالغاية منه شفاء لبنان من معاناته الناتجة عن نقص وتحوير في تطبيق وثيقة الوفاق الوطني، والدستور، وميثاق العيش المشترك، أساس شرعية السلطة في لبنان".