موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٣٠ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠٢٢
البطريرك الراعي: الطريق إلى قصر بعبدا يمرّ باحترام الدستور والشرعيّة
البطريرك الراعي يلقي عظة قداس الأحد 30 تشرين الأوّل 2022 (تصوير: إعلام البطريركيّة)

البطريرك الراعي يلقي عظة قداس الأحد 30 تشرين الأوّل 2022 (تصوير: إعلام البطريركيّة)

أبونا :

 

قال الكاردينال بشارة بطرس الراعي: "لو وجدت ذرة من الرحمة والعدالة لدى المسؤولين السياسيين النافذين عندنا الممسكين بمفاتيح الحل والربط، تجاه الشعب اللبناني، لما تركوه يئن تحت عبء الفقر والحرمان والظلم والتهجير، ولما أمعنوا في هدم مؤسّسات الدولة تباعا وصولاً إلى رئاستها التي هي فوق جميع الرئاسات والمؤسسات، فأوقعوا هذه الرئاسة العليا والأساسيّة في الفراغ، إما عمدًا، وإما غباوة، وإما أنانية!

 

واعتبر البطريرك الماروني في عظته خلال قداس الأحد 30 تشرين الأوّل، أنّ "هذه الرئاسة بصلاحياتها ودورها هي أساس الاعتراف بوحدة لبنان، كيانًا ودولة. فرئيس الجمهورية ليس رئيسًا بين رؤساء بل هو فوق كل رئاسة. إنّ العودة إلى نغمة الترويكا قد ولت، لأنها تعطل التآلف بين السلطات والفصل في ما بينها، وتطعن في مفهوم نشوء قيام الدولة اللبنانيّة وميثاقها والشراكة الوطنيّة، وتولد الفوضى الدستوريّة".

 

انتهاء الولاية الرئاسيّة

 

وبالتزامن مع انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، اليوم الأحد، شارك البطريرك الراعي اللبنانين في وداعه، متمنيًّا "له الخير والتوفيق بعد حياة طويلة في مختلف المواقع العسكريّة والوطنيّة، وصولاً إلى رئاسة الجمهورية التي يغادرها من دون أن يسلمها لخلف، ولا لحكومة أصيلة كاملة الصلاحيات".

 

وأشار إلى أنّ عهد الرئيس عون "لم يكن سهلاً، بل محفوفًا بالأخطار والظروف الصعبة. فكان لبنان وسط محاور المنطقة وصراعاتها، وعرف أسوأ أزمة وجوديّة في تاريخه الحديث، انعكست عليه وعلى الشعب اللبناني اقتصاديًّا وماليًّا واجتماعيًّا؛ وما زال في دائرة الخطر على كيانه ونظامه الدستوري".

نداء إلى النواب

 

وناشد البطريرك الراعي النواب "القيام سريعًا بواجبهم وانتخاب رئيس جديد، لأن الشغور الرئاسي ليس وكأنه قدر في لبنان، بل هو مؤامرة عليه بما يشكل في هذا الشرق من خصوصيّة حضاريّة يسعى البعض إلى نقضها. والدولة بلا رئيس كجسم بلا رأس. والجسم لا يحتمل أكثر من رأس".

 

وقال: "يا أيها السادة النواب ورؤساء الأحزاب والكتل النيابية، أنتم تعرفون منذ ست سنوات موعد انتخاب رئيس جديد للدولة، وقد كان لكم المديد من الوقت وبخاصة في الشهرين الأخيرين الدستوريين، لتتحاوروا وتتناقشوا وتتفاوضوا حول اختيار مرشح جدير للرئاسة وانتخابه. فهل يعقل أن تنعقد ثلاث جلسات انتخابيّة فقط في الشهرين الحاسمين تنتهي كلها بتعطيل النصاب؟ ليس اليوم، وقد انتهت المهلة الدستوريّة، وقت الحوار بل وقت انتخاب الرئيس الجديد. ويتم الإنتخاب لا بالإتفاق المسبق على الإسم، لأنه غير ممكن، بل بجلسات الإقتراع المتتاليّة والمصحوبة بالتشاور وبالمحافظة الدائمة على النصاب".

 

وتساءل: "أتدركون جسامة مسؤوليتكم عن التسبب بالشغورين: شغور رئاسة الجمهورية، وشغور حكومة كاملة الصلاحيات، وكلاهما يشكلان السلطة الإجرائية في الدولة؟ أتدركون أنكم بهذا تفاقمون من دون سقف الأزمة السياسيّة والأزمات الإقتصاديّة والماليّة والمعيشيّة والإجتماعيّة؟ كيف ستواجهون ثورة شعبنا الجائع وغضبه؟ فلا تظنوا أن دولة لبنان بتمشي بدون رئيس!".

لاحترام الدستور والشرعيّة

 

أضاف البطريرك الراعي: "ثم لماذا هذا التشكيك في الشخصيات القادرة على تبوؤ هذا المنصب وتصوير الواقع كأن ليس بين كل موارنة لبنان شخصية صالحة لتسلم الرئاسة وإنقاذ البلاد! فكلما طرح اسم ينهال الطعن بقدراته أكان مدنيًّا أو عسكريًّا، دبلوماسيًّا أو مفكرًا إستراتيجيًّا، تقنيًّا أو سياسيًّا، من الجيل الجديد أو من الجيل المخضرم. هذا أمر مدبّر ومخطط له، إما لإطالة الشغور الرئاسي، وإما لفرض رئيس من خارج الثوابت الوطنيّة يكون خاضعًا للمشاريع المتجولة في المنطقة".

 

وخلص إلى القول: لا أيها السادة، الطريق إلى قصر بعبدا يمرّ باحترام الدستور والشرعيّة وعدم تجييرهما لهذا المحور أو ذاك، وباختيار رئيس يتمتع بتجربة إدارة الشأن العام ومعرفة الإدارة اللبنانية والمؤسسات، وبالقدرة على جمع المواطنين حول مبادئ لبنانية والولاء للبنان فقط، وباستعادة علاقات لبنان مع أصدقائه وتوسيعها. فالرئاسة ليست هواية ولا دورة تدريبيّة بل ريادة في الحكم وقيادة الشعوب"، رافعًا الدعاء إلى الله "كي يمسّ ضمائر النواب والكتل النيابية، فيبادروا للحال إلى عقد جلسات المجلس النيابي الانتخابي وفق الأصول الديمقراطيّة، وينتخبوا رئيسًا للدولة تنتظم معه المؤسسات الدستوريّة الأخرى".