موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٢٠ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢٠
البابا: ليكن عيد الميلاد قرب من ’المغارة الحيّة‘؛ من يسوع في الأخوة المعوزين

فاتيكان نيوز :

 

تلا البابا فرنسيس ظهر الأحد صلاة التبشير الملائكي مع المؤمنين والحجاج المحتشدين في ساحة القديس بطرس.

 

وقبل الصلاة ألقى قداسته كلمة قال فيها: يقدم لنا الإنجيل في هذا الأحد الرابع والأخير رواية البشارة. إفرحي، قال الملاك لمريم "ستحمِلينَ وتَلِدينَ ابنًا فسَمِّيهِ يَسوع" يبدو إعلانًا لفرح خالص، موجّه لإسعاد العذراء: من بين نساء ذلك الوقت لم تكن تحلم بأن تصبح أم المسيح؟ ولكن مع الفرح، تنذر هذه الكلمات مريم بمحنة عظيمة. لماذا؟ لأنها في تلك اللحظة كانت "مخطوبة" ليوسف. وفي هذه الحالة، كانت شريعة موسى تنُصُّ على أنه لا ينبغي أن تكون هناك علاقات ومساكنة. لذلك، بحملها، تكون مريم قد تجاوزت الناموس، وكانت العقوبات فظيعة بالنسبة للنساء: كُنَّ يستوجبنَ الرجم.  إنَّ الرسالة الإلهية قد ملأت بالتأكيد قلب مريم بالنور والقوة. ولكنّها على الرغم من ذلك قد وجدت نفسها أمام خيار حاسم: أن تقول "نعم" لله وتخاطر بكل شيء، بما في ذلك حياتها، أو رفض الدعوة والمضي قدمًا في مسيرتها المعتادة.

 

تابع: ماذا فعلت؟ أجابت هكذا: "ليَكُنْ لي بِحَسَبِ قَوْلِكَ". ولكن في اللغة الذي كُتب فيها الإنجيل هذا التعبير لا يعني "ليكُن" وحسب. يشير التعبير اللفظي إلى رغبة قوية، وإرادة لتحقيق شيء ما. بعبارة أخرى، إن مريم لا تقول: "إذا كان لابد لذلك أن يحدث، فليحدث...، أو إذا لم يكن هناك من طريقة أخرى...". إنّه ليس استسلام؛ لا، هذا التعبير لا يعبر عن قبول ضعيف وخاضع، وإنما عن رغبة قوية وحيوية. إنها ليست مُذعنة وسلبيّة، وإنما فعالة. كما أنها لا تتحمّل الله، بل تتبعه وتلتزم معه، إنها مُغرمة ومستعدة لخدمة ربها في كل شيء وعلى الفور. كان بإمكانها أن تطلب بعض الوقت للتفكير في الأمر، أو المزيد من التوضيحات حول ما كان سيحدث؛ أو ربما أن تضع بعض الشروط... ولكنّها لم تطلب وقتًا، ولم تجعل الله ينتظر، ولم تؤجِّل.

 

أضاف: كم من مرّة تتكون حياتنا من تأجيلات، حتى حياتنا الروحية! أعلم أن الصلاة تفيدني، لكن ليس لدي وقت اليوم؛ أعلم أن مساعدة شخص ما هي أمر مهم، لكنني سأقوم بذلك غدًا،. اليوم، على أبواب عيد الميلاد، تدعونا مريم إلى عدم التأجيل، ولنقول "نعم". كل "نعم" تكلِّف، ولكنّها أقل كلفةً من الـ "نعم" الشجاعة والمستعدّة، من ذلك الـ "ليَكُنْ لي بِحَسَبِ قَوْلِكَ" الذي حمل لنا الخلاص. ونحن أي "نعم" يمكننا أن نقول؟ في هذا الوقت العصيب، بدلاً من أن نتذمّر مما يمنعنا الوباء من القيام به، لنفعل شيئًا لمن لديهم موارد أقل: ليس هدية أخرى لنا ولأصدقائنا، وإنما لشخص معوز لا يفكر فيه أحد! ونصيحة أخرى: لكي يولد يسوع فينا، علينا أن نعدَّ قلوبنا لتكون على مثال قلب مريم: خالٍ من الشر، ومضياف، ومستعد لاستقبال الله.

 

وختم البابا فرنسيس كلمته قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي بالقول: "ليَكُنْ لي بِحَسَبِ قَوْلِكَ"؛ إنها الجملة الأخيرة للعذراء في الأحد الأخير من زمن المجيء، وهي الدعوة لكي نقوم بخطوة ملموسة نحو عيد الميلاد. لأنه إن لم تلمس ولادة يسوع حياتنا، فإنها ستذهب سدى. في صلاة التبشير الملائكي الآن سنقول نحن أيضًا "ليَكُنْ لي بِحَسَبِ قَوْلِكَ": لتساعدنا العذراء مريم على أن نقولها بحياتنا.
 

وبعد تلاوة صلاة التبشير الملائكي، حيا الأب الأقدس المؤمنين المحتشدين في ساحة القديس بطرس.

 

وقال: إنّ وباء فيروس الكورونا قد سبب محنة خاصة للبحارة. كثيرون منهم - يقدر عددهم بنحو أربعمائة ألف في جميع أنحاء العالم - عالقون على متن السفن بما يتجاوز شروط عقودهم ولا يمكنهم العودة إلى ديارهم. أطلب من مريم العذراء، نجمة البحر، أن تعزّي هؤلاء الاشخاص وجميع الذين يعيشون في أوضاع صعبة، وأحث الحكومات على بذل كل ما في وسعها لكي يتمكن هؤلاء البحارة من العودة إلى أحبائهم.

 

أضاف: كان لدى المنظمين هذا العام فكرة جميلة بعقد معرض "مائة مغارة" تحت الأعمدة. هناك العديد من المغارات التي تقدم تعليمًا مسيحيًا للإيمان لشعب الله. أدعوكم لزيارة هذه المغارات تحت الأعمدة لكي تفهموا كيف يحاول الأشخاص بواسطة الفن أن يُظهروا كيف ولد يسوع. إن المغارات الموجودة تحت الأعمدة هي تعليم مسيحيٌّ عظيم لإيماننا.

 

وخلص البابا فرنسيس إلى القول: أحييكم جميعًا، يا سكان روما وأيها الحجاج من مختلف البلدان. ليكن عيد الميلاد، الذي أصبح قريبًا، لكل فرد منا مناسبة تجديد داخلي، وصلاة، وارتداد، وخطوات إلى الأمام في الإيمان والأخوَّة بيننا. لننظر من حولنا، ولننظر بشكل خاص إلى الفقراء: إلى الأخ الذي يتألم، أينما كان، إنَّ الأخ الذي يعاني ينتمي إلينا. إنه يسوع في المذود: الذي يتألم هو يسوع، لنفكر قليلاً في ذلك. وليكن عيد الميلاد قرب من يسوع في هذا الأخ وفي هذه الأخت. إنّه هناك، في الأخ المحتاج، هذه هي المغارة التي يجب أن نذهب إليها بتضامن. هذه هي المغارة الحيّة: المغارة التي فيها حقًا بالفادي في الأشخاص المعوزين. لنسر إذًا نحو الليلة المقدسة وننتظر تحقيق سر الخلاص.