موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٣١ يوليو / تموز ٢٠٢٢
البابا: لنحذرنّ من عبادة المال والطمع والتطلع إلى الثراء بالخيور المادية
"من الجميل أن نصبح أغنياء، ولكن حسب الله، فالله هو الأغنى، إنه غني بالشفقة، بالرحمة. ثراؤه لا يُفقر أحدًا، ولا يخلق شجارات وانقسامات. إنه غنى يُحبّ أن يهب، أن يوزع ويتقاسم".

فاتيكان نيوز :

 

تلا البابا فرنسيس، والذي أنهى للتو زيارته الرسولية إلى كندا، صلاة التبشير الملائكي ظهر اليوم الأحد.

 

وتحدّث قبلها إلى المؤمنين والحجاج المحتشدين في ساحة القديس بطرس عن إنجيل اليوم والذي يحدِّثنا عن توجه رجل إلى يسوع قائلاً له "يا مُعَلِّم، مُرْ أَخي بِأَن يُقاسِمَني الميراث" (لوقا 12، 13)، فأشار إلى أنّ هذا وضع يتكرر، وأننا نجد مشاكل شبيهة اليوم أيضًا، فكم من الأخوة والأخوات ومن أفراد العائلة الواحدة يتشاجرون مع الأسف، وربما لا يتحادثون بعدْ بسبب الميراث. وأشار قداسته إلى أنّ إجابة يسوع إلى هذا الرجل لم تتوقف عند التفاصيل، بل تطرّقت إلى جذور الانقسام، وللرغبة في الامتلاك، فقال يسوع "تَبَصروا واحذروا كل طمع".

 

وتسائل البابا فرنسيس: وما هو الطمع؟

 

أجاب: إنه جشع لا يُكبح ورغبة متواصلة في الثراء، إنه مرض، مرض يدمّر الشخص، وذلك لأن الرغبة في الاستحواذ تخلق إدمانًا، فمَن يملك الكثير لا يكتفي أبدًا، فهو يريد المزيد دائمًا ولنفسه فقط. يفقد مثل هذا الشخص الحرية، حيث يصبح عبدًا. ويا لها من مفارقة، لما يُفترض أن يخدمه كي يعيش في حرية وصفاء. إنّ هذا الشخص بدلاً من أن يجعل المال في خدمته يصبح هو خادمًا للمال.

 

كما توقّف عند كون الطمع مرضًا خطيرًا للمجتمع أيضًا، فبسببه وصلنا إلى لا مساواة لم نشهد مثلها من قبل في التاريخ حيث قليلون لديهم الكثير وكثيرون القليل. كذلك، لفت إلى الحروب والنزاعات ترتبط دائمًا تقريبًا بالرغبة في الحصول على الموارد والثراء. فهناك مصالح كثيرة وراء الحرب، وإحدى هذه المصالح هي بدون شك الإتجار بالسلاح.

 

وأشار إلى أن يسوع، في هذا النص الإنجيليّ، يعلِّمنا أنّ في جوهر هذه القضية ليس هناك فقط الأقوياء أو أنظمة اقتصاديّة بعينها، بل هناك الطمع الذي هو في قلب كل واحد منا. وقال: لنحاول أن نسأل أنفسنا: ما هو مستوى عدم اهتمامي بالممتلكات والثراء، هل أشكو بسبب ما لا أملك أم أن بإمكاني الرضا عما لدي؟ هل أنا على استعداد من أجل المال والفرص للتضحية بالعلاقات وبالوقت المخصص للآخرين؟ وهل يحدث لي أن أضحي على مذبح الطمع بالشرعية والنزاهة؟

 

أضاف: أنه استخدم هنا كلمة مذبح لأن الخيور المادية، الأموال والثراء، يمكنها أن تصبح عبادة، عبادة أصنام بكل معنى الكلمة. ولهذا فإن يسوع ينبهنا مستخدمًا كلمات قوية، حيث قال إنه لا يمكن لخادم أن يعمل لسيدين. ولفت إلى أن يسوع لم يقل إن السيدين هما الله والشيطان أو الخير والشر، بل الله والمال، مشددًا على أن جعل المال في خدمتنا أمر ممكن، أما غير الممكن فهو أن نخدم نحن الثراء، فهذه عبادة أصنام وإهانة لله.

 

وتساءل: هل هذا يعني ألا نتطلع إلى الثراء؟

 

أجاب البابا فرنسيس: يمكن هذا، بل ومن الصحيح أن نرغب في هذا، ومن الجميل أن نصبح أغنياء، ولكن حسب الله، فالله هو الأغنى، إنه غني بالشفقة، بالرحمة. ثراؤه لا يُفقر أحدًا، ولا يخلق شجارات وانقسامات. إنه غنى يُحبّ أن يهب، أن يوزع ويتقاسم.

 

وشدد على أن جمع الخيور الماديّة لا يكفي من أجل عيش جيد، وذلك لأن حياة المرء وإن اغتني، كما يقول يسوع، لا تأتيه من أمواله، داعيًا كل شخص أن يتساءل كيف يريد أن يغتني، حسب الله أم حسب طمعه، وأي ميراث يريد أن يترك، أموالاً في مصرف وأشياء مادية، أم أشخاصًا يشعرون بالرضا من حوله وأعمال خير لا تُنسى، وأشخاصًا ساعدهم على النمو والنضوج؟