موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٢٢ مايو / أيار ٢٠٢٢
البابا فرنسيس: لنطلب بإصرار عطية الروح القدس الذي يعطينا السلام

فاتيكان نيوز :

 

تلا البابا فرنسيس، ظهر الأحد، صلاة إفرحي يا ملكة السماء مع المؤمنين.

 

وقبل الصلاة ألقى قداسته كلمة قال فيها: في الإنجيل الذي تقدّمه لنا الليتورجيا اليوم، يقول يسوع، وهو يودع تلاميذه في العشاء الأخير، كنوع من الوصية تقريبًا: "السَّلامَ أَستَودِعُكُم". وفي الحال يضيف: "وسَلامي أُعْطيكم"، لنتوقّف عند هاتين الجملتين القصيرتين.

 

أضاف: "السَّلامَ أَستَودِعُكُم". يودِّع يسوع تلاميذه بكلمات تعبِّر عن المودة والصفاء، ولكنه يقوم بذلك في لحظة لم تكن هادئة. كان يهوذا قد خرج ليخونه، وبطرس على وشك أن ينكره، وكان الجميع تقريبًا سيتخلون عنه: كان الرب يعرف ذلك  ومع ذلك فهو لا يوبِّخ، ولا يستخدم كلمات صارمة، ولا يلقي خطابات قاسية. وبدلاً من أن يُظهر قلقه، يبقى لطيفًا حتى النهاية. هناك مثل يقول إننا نموت كما عشنا. والساعات الأخيرة ليسوع هي في الحقيقة جوهر حياته كلها. يشعر بالخوف والألم، لكنه لا يترك مجالًا للاستياء والاحتجاج. لا يسمح للمرارة أن تسيطر عليه، ولا ينفِّس عن غضبه، ولا يفقد صبره. بل يبقى في سلام، سلام ينبع من قلبه الوديع، الذي تسكنه الثقة. ومن هنا يتدفق السلام الذي يتركه لنا يسوع. لأنه لا يمكن للمرء أن يترك السلام للآخرين ما لم يكن يحمله في داخله. لا يمكننا أن نعطي السلام ما لم نكن في سلام.

 

تابع: "السَّلامَ أَستَودِعُكُم". لقد أظهر يسوع أن الوداعة ممكنة. وهو قد جسدها في أصعب اللحظات، ويريدنا أن نتصرف بهذه الطريقة أيضًا، نحن الذين هم ورثة سلامه. هو يريدنا ودعاء، ومنفتحين وجاهزين للإصغاء، قادرين على نزع فتيل الخلافات ونسج الانسجام. هذه هي الشهادة ليسوع وهي تساوي أكثر من ألف كلمة والعديد من المواعظ. لنسأل أنفسنا إذا كنا، في الأماكن التي نعيش فيها، نتصرف نحن تلاميذ يسوع بهذه الطريقة: هل نخفف التوترات، هل نضع حدًا للنزاعات؟ هل نحن أيضًا في تنافر مع شخص ما، ومستعدون دائمًا للردِّ، والانفجار، أم أننا نعرف كيف نردُّ باللاعنف، بكلمات وتصرُّفات وديعة؟ هذه الوداعة ليست سهلة بالتأكيد: ما أصعب أن ننزع فتيل الخلافات على جميع المستويات!

 

وقال: هنا تأتي جملة يسوع الثانية لمساعدتنا: سَلامي أُعْطيكم. هو يعلم أننا غير قادرين وحدنا على أن نحفظ السلام، وأننا بحاجة إلى مساعدة، وعطيّة. إنَّ السلام، الذي هو التزامنا، هو أولاً وقبل كل شيء عطيّة من الله. ويسوع يقول في الواقع: "سَلامي أُعْطيكم. لا أُعْطي أَنا كما يُعْطي العالَم". ما هو هذا السلام الذي لا يعرفه العالم ويعطينا الرب إياه؟ إنه الروح القدس، روح يسوع عينه؛ إنه حضور الله فينا، إنه "قوة سلام" الله وهو الذي يجرّد القلب من السلاح ويملأه بالصفاء. هو الذي يذوِّب القساوة ويطفئ تجارب التهجُّم على الآخرين. وهو الذي يذكرنا أن هناك إلى جانبنا إخوة وأخوات لا عوائق وأعداء. هو الذي يمنحنا القوة لكي نغفر، ونبدأ من جديد، وننطلق مجدّدًا، ومعه نصبح رجال ونساء سلام.

 

وختم البابا فرنسيس بالقول: لا ينبغي لأيّة خطيئة أو أي فشل أو أي حقد أن يثبط عزيمتنا في أن نطلب بإصرار عطية الروح القدس الذي يعطينا السلام. وبالتالي كلما شعرنا أن قلبنا قلق، كلما شعرنا بالعصبية وعدم التسامح والغضب في داخلنا، كلما كان علينا أن نطلب روح السلام من الرب. لنتعلم أن نقول كل يوم: "يا رب، أعطني سلامك، أعطني الروح القدس". ولنطلبه أيضًا للذين يعيشون بقربنا، والذين نلتقي بهم يوميًّا، ومن أجل قادة الدول. لتساعدنا العذراء مريم لكي نقبل الروح القدس لكي نكون صانعي سلام.