موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٦ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢٠
البابا فرنسيس في صلاة التبشير الملائكي: لا يوجد وباء بإمكانه أن يطفئ نور الميلاد
"لنسمح لنور الميلاد بأن يدخل قلوبنا، ولنمد يدنا لمن هم في أمس الحاجة إليها. فيولد الله هكذا من جديد فينا وبيننا"

فاتيكان نيوز :

 

تلا البابا فرنسيس، ظهر الأحد، صلاة التبشير الملائكي مع المؤمنين والحجاج المحتشدين في ساحة القديس بطرس.

 

وقبل الصلاة ألقى قداسته كلمة قال فيها: يقدّم إنجيل هذا الأحد صورة يوحنا المعمدان وعمله. فهو قد دلَّ معاصريه على مسيرة إيمان تشبه تلك التي يقترحها زمن المجيء علينا نحن الذين نستعدُّ لاستقبال الرب في عيد الميلاد. ومسيرة الإيمان هذه هي مسيرة ارتداد. ماذا تعني كلمة "ارتداد"؟ تعني في الكتاب المقدس أولاً تغيير الاتجاه والتوجه، وبالتالي تغيير طريقة التفكير. في الحياة الأخلاقية والروحية، يعني الارتداد أن ينتقل المرء من الشر إلى الخير، ومن الخطيئة إلى محبة الله. هذا ما علّمه يوحنا المعمدان، الذي كان ينادي في صحراء اليهودية "بِمَعمودِيَّةِ التَوبَةِ لِغُفرانِ الخَطايا". لقد كان قبول المعمودية علامة خارجية ومرئية على ارتداد الذين سمعوا وعظه وقرروا أن يتوبوا. وكانت تلك المعمودية تتِمُّ بالتغطيس في الأردن، في الماء، ولكن هذا التغطيس كان بلا فائدة ومجرّد علامة ما لم يكن المرء مستعدًّا ليتوب ويغيّر حياته.

 

تابع: يتضمّن الارتداد الألم بسبب الخطايا المرتكبة، والرغبة في التحرر منها، والعزم على أن يستبعدها المرء من حياته إلى الأبد. لكن ولاستبعاد الخطيئة، علينا أيضًا أن نرفض كل ما يتعلق بها: العقلية الدنيوية، والإفراط في تقدير وسائل الراحة، والإفراط في تقدير المتعة، والرفاهية، والغنى. والمثال لهذا التجرّد يأتينا مرة أخرى من إنجيل اليوم في صورة المعمدان: رجل مُتَقَشّف، يتخلى عن الفائض ويبحث عن الجوهري والأساسي. هذا هو الجانب الأول من الارتداد: الابتعاد عن الخطيئة وروح العالم.

 

أضاف: أما الجانب الآخر من الارتداد فهو البحث عن الله وملكوته. إن التخلي عن وسائل الراحة والعقلية الدنيوية ليس غاية في حد ذاته، ولكنه يهدف إلى تحقيق شيء أعظم، ألا وهو ملكوت الله والشركة مع الله والصداقة مع الله، لكن هذا ليس بالأمر السهل. لأن هناك العديد من الروابط التي تقرِّبنا من الخطيئة: عدم الثبات، الإحباط، الحقد، البيئات الضارة، والأمثلة السيئة. وأحيانًا يكون الاندفاع الذي نشعر به تجاه الرب ضعيفًا للغاية ويبدو أن الله يصمت؛ وتبدو لنا بعيدة وغير واقعية وعوده بالعزاء، مثل صورة الراعي المحب والمتنبّه التي يتردد صداها اليوم في القراءة التي تقدمها الليتورجية لنا من النبي أشعيا. عندها نميل إلى القول إنه من المستحيل أن نرتدَّ حقًا، فما الذي يمكننا فعله في هذه الحالات؟ أولاً، علينا أن نتذكر أن الارتداد هو نعمة، لا أحد يمكنه أن يرتدّ بواسطة قواه الخاصة وبالتالي علينا أن نطلبه من الله بقوة. نحن نرتدُّ حقًا بقدر ما ننفتح على جمال الله وصلاحه وحنانه.

 

وختم البابا فرنسيس كلمته قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي بالقول لتساعدنا العذراء مريم كليّة القداسة التي سنحتفل بعد غد بعيد الحبل بها بلا دنس، لكي نبتعد أكثر فأكثر عن الخطيئة وروح العالم وننفتح على الله وكلمته ومحبّته التي تجدّد وتخلّص.
 

لنسمح لنور الميلاد بأن يدخل قلوبنا

 

وبعد تلاوة صلاة التبشير الملائكي، حيّا البابا فرنسيس المؤمنين المحتشدين في ساحة القديس بطرس.

 

وقال: أحيي بحرارة جميع الحاضرين هنا، سكان روما والحجاج، وجميع الذين يتابعوننا عبر وسائل الإعلام. كما ترون، تم رفع شجرة عيد الميلاد في الساحة فيما يتمُّ العمل على المغارة. خلال هذه الأيام أيضًا، يتم إعداد هاتين العلامتين لعيد الميلاد في العديد من البيوت، من أجل إسعاد الأطفال... والكبار أيضًا. إنها علامات رجاء، لاسيما في هذا الوقت الصعب".

 

أضاف البابا فرنسيس: "لنجتهد لكي لا نتوقّف فقد عند العلامات، ولكن لننتقل إلى المعنى، أي إلى يسوع، إلى محبة الله التي أظهرها لنا، وإلى الخير اللامتناهي الذي أشعّه على العالم. لا يوجد وباء، ولا توجد أزمة بإمكانهما أن يُطفئا هذا النور. لنسمح لهذا النور بأن يدخل قلوبنا، ولنمد يدنا لمن هم في أمس الحاجة إليها. فيولد الله هكذا من جديد فينا وبيننا.