موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأربعاء، ٧ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠٢٠
7 تشرين الأول: عيد القديسـة مـريـم البتـول، سيــدة الـورديـة
يا سيدة الوردية، صلّ لأجلنا

يا سيدة الوردية، صلّ لأجلنا

إعداد الأب وليم عبد المسيح سعيد الفرنسيسكاني :

 

تحتفل الكنيسة الكاثوليكية في السابع من شهر أكتوبر من كل عام بعيد العذراء سيدة الوردية، وقد أقام هذا العيد البابا بيوس الخامس عام 1573، تخليدًا لانتصار المسيحيين في معركة ليبانتو في اليونان عام 1571، بمساعدة من العذراء الذين استنجدوها بتلاوة الوردية، والتي أوقفت تقدمَ الإمبراطوريةِ العثمانيةِ نحو الغرب. عزا الحبر الأعظم هذا النصر لمعونة العذراءِ مريم التي استنجدها المؤمنون بتلاوة صلاة الورديّة. ومن شأن هذا العيد، أن يذكِّر المؤمنين بضرورة التأمل في أسرار المسيح بهدى من السيدة العذراء، التي شاركت ابنها في تجسده وآلامه وقيامته، وعليه نرى أن السبحة الوردية هي في حقيقتها صلاة إنجيلية تدور حول السيد المسيح.

 

إن وردية العذراء مريم التي انتشرت تدريجيًا خلال الألف الثاني، هي صلاة أحبها العديد من القديسين، وشجعتها الكنيسة، أنها ليست تسبيحًا للعذراء، بل تسبيحًا لله مع مريم العذراء التي قالت: "تعظم نفسي الرب"، والتكرار فيها إعلان متجدد يعبّر عن حب المؤمنين لوالدتهم الروحية. إنها ببساطتها وعمقها مستمرة بقوة حتى اليوم، لأنها صلاة ذات معنى كبير، معدة لتحمل ثمار القداسة، ولتسير في نهج المسيحية الروحي، دون أن تفقد شيئًا من نضارة جذورها. ونستطيع أن نقول أن الروح القدس يدفعها كي تتقدم إلى الإمام للتعرف على السيد المسيح واختبار عمق حبه، ولتعلن للعالم أن المسيح هو الرب والمخلص وأنه الطريق والحق والحياة، وأنه محور التاريخ والحضارة والسلام، وانه بالوردية يغرف المؤمن وافر النعم، وكأنه ينالها من يدي أم الفادي.

 

نعم، من خلال العذراء سيدة الوردية نستطيع أن نتأمل معها وجه ابنها يسوع كونها أمه وعاشت معه طوال حياته، وأن هذا التأمل سيقودنا حتمًا إلى معرفة الإنجيل، والدخول إلى قلب الحياة المسيحية، ويذكرنا بكل مراحل حياة يسوع منذ ولادته وحتى صلبه وموته وقيامته، كما نستطيع أن نتعرف على الإنجيل وننشر البشرى السارة في كل مكان، كما نستطيع أن نطلب شفاعتها من ابنها يسوع ليمنحنا النعمة واليقين والثبات، كما شفعت في عرس قانا الجليل، فهي بحق أم مسيحنا ومخلصنا وأمنا حيث أوصاها ابنها بنا في الصليب، وأعطانا إياها من خلال شخص يوحنا الحبيب.

 

من خلال سيدة الوردية نعرف كيف نصلي ولمن نصلي ولماذا نصلي، نعرف كيف نركز صلاتنا على حياة يسوع الناصري وموته وقيامته من خلال إسرار الفرح والنور والحزن والمجد، ونستطيع بالتالي أن نفهم من هو يسوع حلمنا، وكيف نسكب له الطيب، وكيف يطيب إليه السجود، وكيف نرتبط به في علاقة حميمة ودائمة. وإذا صلينا الوردية بطريقة تأملية نستطيع أن نسير مع سيدة الوردية، نحو المسيح ابنها الذي حملته لنا، فهي البلسم والراحة ومنهل الرجاء والأمل الوضاء وهي المرشدة والحنونة والشفيعة.

 

إن عيد سيدة الوردية هو دعوة لنا جميعًا لأن نحب أم نورنا المسيح وأمنا مريم البتول، ونكرمها ونسلم عليها ونطوبها مدى الأجيال، وأن نتخذ من سيرتها قدوة لنا ومثالاً يحتذى به، وأن نستذكر من خلال ورديتها أسرار الحياة الإنجيلية المباركة، كما أنه مناسبة سانحة لنصلي من أجل رهبنة الوردية المقدسة التي انطلقت بالكنيسة بأمرها، لتستمرّ برسالتها السامية بزهد وعفة وقوة وشموخ ورجاء واستقامة على درب المسيح.

 

عيد سيدة الوردية هو نداء إلى الفتيات للإقبال على الحياة الرهبانية للعمل من أجل المسيح، كما أنه دعوة للمؤمنين للتضحية من أجل المسيح والثبات بمحبته، كما أنه نداء إلى أمنا النقية العذراء لتؤتينا الحصانة والسلامة والنجاة ولتعلمنا الخدمة والطاعة والتواصل مع الله خاصة في هذه الظروف الصعبة من حياتنا.