موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر السبت، ٤ سبتمبر / أيلول ٢٠٢١
4 أيلول: القديسة روزاليا، شفيعة مدينة باليرمو الإيطالية والأوبئة

إعداد الأب وليم عبدالمسيح سعيد الفرنسيسكاني :

 

مع تفشي فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" حول العالم وفشل حلول الأرض وترك الأمر للسماء إثر فقدان السيطرة على انتشاره.. فكل حالة نواجهها في هذه الحياة لها شفيع سماوي مرتبط بها وإن بدا الوضع مستحيلًا، يمكن دائمًا اللجوء إلى الله والقديسين. فعلى مر العصور نتشفع بالقديسين وندعوهم لمواجهة ضيقات أو أوبئة أو أمور مستعصية... وبما أنّ فيروس كورونا يحتل مكانة حاليًا فبعض القديسين يحتلوا شفاعة ضد الأوبئة وقد يفضِّل مَن يصيبهم اليأس جراء أمرا مستعصيا التضرع إلى القديس الشفيع. فهناك قديسين لهم باع كبير ضد الأمراض المستعصية والأوبئة على مر العصور.

 

وُلِدت روزاليا عام 1130، بمدينة بالرمو بمملكة صقلية، ومن المعروف أنها أصولها تنحدر لعائلة نُورماندية نبيلة، ترجع إلى شارلمان ملك الفرانكشيين (فرنسا في العصور القديمة)، حيث النورمانديين يحكمون صقلية، وفي زمن ميلادها كان حاكم مملكة صقلية هو الملك روجيه الثاني. أما عن والدها فهو اللورد سينيبالدي أمير روزيس وكويسكوينا، وقد كان من المقربين من الدوائر الملكية الصقلية.

 

صارت روزاليا فتاة يانعة بعمر الثالثة عشر، تمتاز بشعرها الطويل الأشقر وعينيها الزرقاوين، وأصبح جمالها شيء لافت للنظر، بينما كان قلبها يحيا حياة في الروح ومتحولاً بكامله إلى الله بشكلٍ حدا بها أن تُقرِّر تكريس حياتها للصلاة والتأمل والعشق الإلهي.

 

آنذاك حدث أن ذهب الملك روجيه الثاني للصيد بمنطقة مونتي بلّجرينو، وبرفقته بعض الأمراء، فهاجمه أسد بشراسة، إلا أن أميراً شاباً يُدعىَ الكونت بلدوين دافع عن الملك بشجاعة واستطاع إنقاذ حياته من هجمة الأسد. روجيه الثاني المدين بحياته لبلدوين عرض على الأخير أن يطلب ما يشاء ولن يردّ طلبه. فطلب إليه أن يأمر بزواجه من روزاليا إبنة الأمير سينيبالدي. رفضت روزاليا عرض الكونت بلدوين، وذهبت إلى المجلس الملكة أمام جميع المراء تحمل في يدها شعرها الذي قامت بقصّه مُعربةً عن قرارها بالتكريس لله.

 

لجأت الفتاة بعد ذلك إلى دير الراهبات الباسيليات ببالرمو، لكنها لم تجد سلامها هناك بسبب تكرار زيارات أفراد عائلتها والكونت بلدوين نفسه، لمحاولة إثنائها عن التكريس الرهباني. كانت نتيجة ذلك أن فرّت روزاليا من الدير لتختفي بكهف. بحثت عنها العائلة لسنوات دون جدوى، فقد عاشت حوالي 12 عامًا في كهف بجبل كويسكوينا، ثم انتقلت لكهف آخر بمونتي بلّجرينو، يقول التقليد أن ملاكين أرشداها إليه، وخلال تلك الفترة عاشت في حياة الخفاء المُكرَّس لله بإماتة الحواس والتقشف والإرتقاء لحرية النفس من سجن الجس، حتى توفيت بعطر القداسة في كهفها وحيدة لا يؤنسها إلا الحضور الإلهي حوالي عام 1166 عن عمر السادسة والثلاثين. وقد كتبت على جدارن كهفها: "أنا روزاليا ابنة سينيبالدي أمير روزيس و كويسكوينا، نذرت العيش بهذا الكهف لحُبّ ربي يسوع المسيح".

 

إنتشر الطاعون بپالرمو عام 1624، في تلك الفترة العصيبة على ظهرت لسيدة مريضة فشُفيَت، ثم لصياد وشَفته وأرشدته عن مكان رفاتها المباركة. فتسلَّق جبل بلّجرينو ووجد رفاتها وأعلم الكنيسة بما حدث، فكرّمتها بالرمو عندما هدأت هجمة وباء الطاعون ببركة شفاعتها وظهورها. ومن وقتها صارت روزاليا شفيعة مدينة بالرمو، كما أصبح كهفها مزارًا للحج الروحي.