موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الجمعة، ٣ سبتمبر / أيلول ٢٠٢١
3 أيلول: القديس غريغوريوس الكبير، البابا ومعلم الكنيسة

إعداد الأب وليم عبدالمسيح سعيد الفرنسيسكاني :

 

ولد البابا غريغوريوس، في روما حوالي السنة 540، كان من أسرة شريفة؛ وقد لمع في الوظيفة التي كان يشغلها؛ إذ كان قد أصبح حاكمًا لروما وهو في الثلاثين من عمره، فأظهر، أثناء توليه هذا المنصب، بأنه إداري ممتاز. استقال من الوظيفة بعد فترة قصيرة، وأنشأ ديراً للرهبان البندكتيين في قصره الذي كرّسه للقديس أندراوس وعاش فيه كراهب بسيط، ثم وهب كل ما ورثه عن أهله في صقلية لإنشاء ستة أديار، وما تبقى من تلك الورثة وزعه للأعمال الخيرية.

 

أرسله ﺍﻟﺒﺎﺑﺎ بيلاجيوس الثاني إلى القسطنطينية سنة 569 بصفة موفد من قبله لدى القيصر، وكان لوجوده هناك منفعة وخير، إذ جعل المدينة كلها تتأثر بحياته الرهبانية البسيطة التي كان يعيشها. عاد إلى روما سنة 585 ﻣ قَبِلَ السلطة الباباوية مرغماً، وقد توسّل إلى الإمبراطور كثيراً ليعفيه من ذلك، ولكن توسلاته ذهبت أدراج الرياح، فحاول الفرار من ذلك ولكنه فشل أيضاً.. إذ لم يكن يرى نفسه مستحقا لأن يكون الحبر الروماني.

 

ما إن أصبح حاكم روما السابق حبراً أعظم حتى أثبت للملأ بأنه لم يفقد أيّاً من صفاته الإدارية. نفّذ في روما بعض الأشغال العمرانية، وخاصة ترميمه جميع أملاك الكنيسة الرومانية (بدءاً بالبلاتيوم ووصولاً إلى كورسيكا)، وجعل لها مكانة إدارية صلبة سيتكوّن منها، في المستقبل، الأساس المكين الأفضل للدولة الباباوية المقبلة. كان لمراسلاته - الوافرة - مع وكلاء الممتلكات الموروثة أهمية بالغة. أما علاقاته مع الدول المسيحية فتختلف بحسب موقعها في الشرق أم في الغرب.

 

أعاد الرحلات التبشيرية من الكنيسة لشتى بقاع الأرض كما كان حال الكنيسة في زمن الرسل، واختار لها أكفأ أبناء الكنيسة من حيث النمو الروحي والتكوين العقيدي والكتابي. وكانت من أشهر الرحلات التبشيرية الناجحة هي رحلة تبشير الراهب البندكتيني أغسطينوس إلى مملكة لندن ونجح في ﻧﺸ الإيمان بإنجيل ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ بها حتى تعمد ملكها الوثني ذاته. وأصبح هذا المرسل هو القديس أغسطينوس أسقف كانتربري.

 

حافظ غريغوريوس على لهجة الاعتدال، حتى مع أسوأ الأباطرة البيزنطيين.

 

ترك القديس غريغوريوس تعالمياً عقائدية ورعوية وافرة، استمدت منها العصور الوسطى من ﺑﻌﻩ غذاء التقوى في كيان الكنيسة برغم إنتشار ﺍﻟﻤﻔﺎﺳ، كتب سيرة حياة القديس بنديكتوس؛ كان له تأثير عظيم في تطور وانتشار الرتب الكنسية. لكننا لا نقدر أن ننسب إليه ما يسمى باللحن الغريغوري بالكامل. "إنه لخليق بأن يكون "ممثل الإله" لخصت هذه العبارة المكتوبة على ﻗﺒﻩ شعور الكنيسة نحوه. وقد وضع فعلاً أسس الفكر الروماني والفكر المسيحي.

 

ترك لنا كتابات هامة منها: عظات مختلفة، شروحات في الكتاب المقدس، أربعة عشر رسالة بابوية، قانون الرعاة (الذي أصبح فيما بعد المصدر الأهم في تنشئة الاكليروس)، حياة بعض القديسين ومنها حياة القديس بنديكتوس، نصوص خطابات متبادلة بينه وبين المبشرين، بأخبار الكنائس الناشئة ببلدان التبشير، ﻭﺇﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺗﻬﺎ من كهنة، ومرسلين، وأدوات مذبح، وكتب مقدسة، وكتب تعليم مسيحي.

 

يذكر التقليد بأن غريغوريوس قد أُعلِن عند موتهِ قديسًا من قِبَل الشعب بطريقة الهتاف، أي قبل أن تعلنهُ السلطة الكنسيّة. ذلك وهو ﻳﻌﺘﺒ أحد معلّمي الكنيسة.