موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الإثنين، ١٣ سبتمبر / أيلول ٢٠٢١
13 أيلول: القديس يوحنا ذهبي الفم، الأسقف ومعلم الكنيسة

إعداد الأب وليم عبدالمسيح سعيد الفرنسيسكاني :

 

ولد القديس يوحنا ذهبي الفم في مدينة أنطاكية سنة 354، في عصر استشرى فيه الفساد وانتشرت فيه الآثام والمعاصي، حيث كانت تشيع فيه روح البذخ والتنعم والافتخار بالثروة، وامتلاك القصور والعبيد والإماء، والانهماك في الشهوات والملذات.

 

كان القديس يوحنا ذهبي الفم يراقب كل هذا عن كثب، ورغم أن المناخ كان يتسم بالفساد، إلاّ أنه سلك بالتقوى التي نشأ عليها، وكرّس حياته لنشر كلمة الإيمان، وتحقيق حياة الفضيلة، والسعي في خلاص النفوس بلا فتور. وفي كل هذا لم يكن يخشى أحدًا مهما كانت مكانته، بل إنه هاجم أباطرة بسبب سلوكهم غير المستقيم، وأيضًا لم يكن يتردد لحظة في مقاومة الظلم مهما كلفه هذا من متاعب ولم يثنيه الاضطهاد عن التمسك بمبادئه والتشبث بالحق.

 

كان والده قائدًا للجيش، أما أمه وتدعى "أنثوسا" فقد ترملت في سن مبكر جدًا، وقد رفضت هذه الأرملة الشابة التقية الزواج مرة أخرى وكرّست كل حياتها لتربية يوحنا تربية روحية مستقيمة. ولقد كان لهذه النشأة الروحية أكبر الأثر في حياته فيما بعد. فقد مارس حياة النسك فعليًا حتى أثناء تواجده مع أمه. لكن بعد انتقالها، ترك منزله وتوجه إلى البرية ليقضي 4 سنوات في النسك إلى جوار ناسك سوري، ثم قضى سنتين بمفرده في احدى المغائر في جبال أنطاكية. لكن تدهور حالته الصحية أجبره على العودة إلى أنطاكية. وقد تعمّق في العلوم اللاهوتية أثناء فترة تنسكه تعمقًا كبيراً، ظهرت نتائجه في تعاليمه اللاهوتية حتى أنه لقب بذهبي الفم.

 

في عام 381 رسم شماسًا. وفي عام 386 رسم كاهنًا. ومن هذه اللحظة بدا خدمته الحقيقية ونشاطه المكثف، وصارت له شهرة واسعة، حيث ذاع صيته من خلال عظاته المتميزة وقدرته على الخطابة. ولم تقتصر خدمته فقط على عمله الوعظي، لكنه انشغل أيضًا وبشكل أساسي بأعمال الرحمة في خدمة الفقراء والمعوزين، ولهذا فقد كرّس جزءً كبيرًا من حياته في خدمة المحتاجين، الأمر الذي جعله محبوبًا جدًا في كل أنطاكية. وقد عاش حياة متقشفة، وكان ملبسه خشنًا ومأكله بسيطًا وكان يدوام على افتقاد الفقراء في بيوتهم ويزور المرضى والمسجونين ليخفف من آلامهم، وبهذا السلوك قد أكد على أن الحياة التعبدية لا يمكن ولا ينبغي أيضًا أن تكون فى عزلة عن الحياة العملية.

 

عام 397، وبأمر من الإمبراطور اركاديوس، ذهب الى القسطنطينية لتقلد الكرسي البطريركي، فقد أجمع الكهنة وكل الشعب على تزكيته لهذا المركز الرفيع على غير رغبته. وقام برسامته البابا ثافيلوس الأسكندري سنة 398. ومنذ ذلك الحين عاد النظام إلى بطريركية القسطنطينية، فاعتنى بالحياة الروحية للمؤمنين وكثف من عمله التبشيري ونجح في ضم كثيرين من الهراطقة والوثنيين إلى الطريق المسيحي القويم. وبسبب استقامة رأيه وجرأته في الحق، تصادم مع كثيرين منهم الإمبراطورة أفذوكسيا والوزير الأول في الإمبراطورية أفتروبيوس. وقد وُجهت له اتهامات عدديدة وأُجبر على النفي ولكن بسبب زلزال أصاب القسطنطينية قال البعض إنه حدث بسبب نفيه أمرت الإمبراطورة بعودته من المنفى. لكن بعد شهرين من عودته اختلف مرة أخرى مع أفذوكسيا، وأُقتيد إلى المنفى، وكانت أول محطة له هى مدينة كوكوسوس الأرمنية، وبعد وقت قليل صدر أمر آخر بإرساله إلى مدينة بيتوندا في الضفة الشرقية للبحر الأسود. لكنه لم يصل إلى هناك لأن الطريق كان طويلاً وشاقًا. وبسبب المتاعب الكثيرة والمعاملة السيئة التي لاقاها، تنيح في الطريق سنة 407. فلتكن صلاته معنا.