موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
ثقافة
نشر السبت، ٢٨ أغسطس / آب ٢٠٢١
هل تبدد متحورة دلتا آمال تحقيق المناعة الجماعية باستخدام اللقاحات؟

أ ف ب :

 

يبدو أن تحقيق مناعة جماعية بالاعتماد فقط على اللقاحات في طريقه إلى التبدد مع تفشي في المتحورة دلتا الشديدة العدوى، وإن كانت ما زالت ضرورية لاحتواء جائحة كوفيد-19، كما يقول المختصون.

 

ومنذ أشهر، كان يُنظر إلى المناعة الجماعية -وهي نسبة الأشخاص المحصنين التي يتوقف الوباء بعدها عن أن يشكل تهديدا- على أنها الوسيلة الأنجع للخروج من الأزمة. لكن يبدو أن مثل هذا الأمر ربما لا يتعدى أن يكون وهما، إذ يتوقف الأمر على التعريف المعتمد، وفق الخبراء.

 

يقول عالم الأوبئة ميرسيا سوفونيا لوكالة الأنباء الفرنسية "إذا كان السؤال هو: هل سيسمح التطعيم وحده بتراجع الوباء والسيطرة عليه؟ فالجواب هو لا". ويضيف أن في الواقع "هناك عاملان يلعبان دورا: مدى شدة عدوى الفيروس وفعالية اللقاح في مواجهة العدوى. وهذا لا يكفي".

 

تُعد المتحورة دلتا السائدة حاليا أكثر قابلية للانتشار بنسبة 60% من سابقتها ألفا ومرتين من الفيروس الأساسي. ولكن، كلما اشتدت عدوى الفيروس، زادت العتبة اللازمة للمناعة الجماعية التي يتم الحصول عليها من خلال اللقاحات أو من خلال العدوى الطبيعية.

 

يشرح عالم الأوبئة أنطوان فلاهولت لوكالة الأنباء الفرنسية "على المستوى النظري، إنها معادلة يسهل احتسابها". ويمكن احتساب ذلك انطلاقا من عدد التكاثر الأساسي للفيروس (المشار إليه برمز R0)، وهو عدد الأشخاص الذين يصيبهم الشخص المصاب في حالة عدم وجود تدابير لتجنب العدوى.

 

 

فعالية منخفضة

 

فيما يتعلق بالفيروس الأساسي (الذي بلغ عدد تكاثره 3)، قُدرت عتبة المناعة الجماعية عند نسبة 66% من الأشخاص المحصَنين، وفق البروفيسور فلاهولت. ولكن "إذا كان عدد التكاثر الأساسي هو 8 كما هي الحال مع دلتا، فإن المناعة الجماعية تصل إلى 90%"، كما يقول.

 

يمكن الوصول إلى هذا المستوى إذا كانت اللقاحات فعالة بنسبة 100% ضد العدوى. ولكن الوضع ليس كذلك. فوفقا للبيانات التي نشرتها السلطات الأمريكية الثلاثاء، انخفضت فعالية لقاحي فايزر وموديرنا ضد العدوى من 91% إلى 66% منذ أن صارت دلتا هي المهيمنة في الولايات المتحدة.

 

وبالإضافة إلى خصائص المتحورة، يمكن أن يكون هذا مرتبطا بواقع تناقص فعالية اللقاح بمرور الوقت مع انخفاض مناعة لقاح فايزر من 88% إلى 74% بعد خمسة إلى ستة أشهر، ولقاح أسترازينيكا من 77% إلى 67% بعد أربعة إلى خمسة أشهر، وفقا لدراسة بريطانية نُشرت الأربعاء.

 

هذا هو ما يدفع مزيدا من البلدان إلى التفكير في إعطاء جرعة معزِزة (هي جرعة ثالثة في أغلب الأحيان).

 

لكن كل هذه المعطيات تؤدي إلى معادلة رياضية غير واقعية: يقول سوفونيا إنه لتحقيق مناعة جماعية دون فرض أية قيود يجب "تطعيم أكثر من 100% من السكان".

 

لكنه هدف اعتبره أحد معدي لقاح أسترازينيكا وهميا أيضا.

 

وقال البروفيسور أندرو بولارد من جامعة أكسفورد أمام النواب البريطانيين في 10 آب/أغسطس: "مع المتحورة الحالية، نحن في وضع لا يمكننا معه تحقيق المناعة الجماعية، لأنها تصيب الأشخاص الملقحين".

 

 

"خرافة"

 

ولكن حتى وإن صارت المناعة الجماعية عن طريق التطعيم "خرافة"، على حد تعبير بولارد، يصر الخبراء على ضرورة إعطاء اللقاحات.

 

يقول البروفيسور فلاهولت: "ما يوصي به العلماء هو تحصين أكبر عدد ممكن من الناس".

 

أولا، ما زالت اللقاحات فعالة للغاية في الوقاية من الأشكال الحادة للمرض وتجنيب المرضى دخول المستشفى. وثانيا، فهي توفر حماية جماعية لأولئك الذين لا يستطيعون الاستفادة من التطعيم ممن لديهم ضعف في جهاز المناعة بسبب مرض آخر (السرطان أو الزرع، على سبيل المثال).

 

وثالثا، يظل من الممكن "تحقيق مناعة جماعية، ولكن ليس فقط عن طريق التطعيم"، حسبما يرى ميرسيا سوفونيا.

 

وهذا يعني، كما يشرح، الاستمرار في وضع "قناع الوجه وأشكال التباعد الاجتماعي، لا سيما في مناطق معينة" للحد من انتشار الفيروس ومن ثم تقليل المخاطر قدر الإمكان.

 

يضيف أنطوان فلاهولت أنه "أثناء جائحة الإيدز، عندما قال العلماء إنه يجب استخدام الواقي الذكري، أجاب الكثير من الناس: هذا حسن في الوقت الحالي، لفترة من الوقت، ولكننا استمرينا في ذلك في النهاية. وقد نستمر في وضع القناع في الأماكن المغلقة ووسائل النقل لفترة طويلة".