موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
ثقافة
نشر الإثنين، ٨ مارس / آذار ٢٠٢١
نساء يكابدن المتاعب ويواجهن التحديات في عام كورونا

منى أبوحمور – الغد :

 

جاءت جائحة كورونا لتلقي بعتمتها على صباحات نساء يكافحن في هذه الحياة، ويختبرن من جديد الصبر والقدرة على التحمل والإصرار على الاستمرار وسط “قوقعة” مليئة بالهموم والمتاعب.

 

لم تكن أعباء هذه الجائحة على الوضع الاقتصادي فحسب، بل على مجمل الجوانب، لتسعى المرأة كعادتها للوقوف بجانب عائلتها ومحاولة تجاوز الصعاب والتحديات التي خلفتها جائحة كورونا.

 

وباء كورونا غير من حياة النساء، فما بين ساعات الحظر الطويلة التي أمضينها حبيسات المنازل، وطلبات العائلة التي لا تنتهي من جهة، عايشن ضغوطات نفسية وعنفا أسريا من جهة أخرى.

 

وفي الجانب الآخر، نساء يناضلن ليتمكن من تقسيم ساعات اليوم ما بين الوظيفة، وتعليم أطفالهن، وفي بيوت أخرى، هناك نساء فقدن مصدر رزقهن وتضررت القطاعات التي يعملن بها، وتحولن بسبب الجائحة إلى غارمات يمضين وأسرهن نحو المجهول، وأخريات يتحملن عبء التخفيف عن الزوج الذي خسر عمله ولم يعد يجد قوت يومه وما يسد به رمق أطفاله.

 

مجددا، هن النساء اللواتي اعتدن في كل ظرف على بذل المزيد من الجهد، ليثبتن أنهن على قدر التحدي، فجعلت “كورونا من المرأة، معلمة ومربية ومعالجة نفسيه وأصبحت كذلك طبيبة وخبيرة اقتصادية، تحاول بكل ما أوتيت من قوة أن تنقذ أسرتها.

 

النائب السابق ورئيسة ائتلاف البرلمانيات العربيات لمناهضة العنف ضد المرأة، رئيسة اللجنة القانونية في المركز الوطني لحقوق الإنسان وفاء بني مصطفى تشير إلى أن تأثير جائحة كورونا على النساء كان وما يزال كبيرا، فالتحديات التي تعرضت لها المرأة متعددة، أهمها المتعلقة بالعنف، حيث تزايد العنف ضدها بنسبة 33 % خلال الجائحة، وكان هنالك تحذيرات عالمية من انتشار جائحة الظل وهو ما يعرف بالعنف المنزلي. وبالتالي، كان ينبغي اللجوء لإجراءات تتصدى لمثل هذه الظواهر أسوة ببعض الدول التي رصدت ميزانيات لمواجهة هذا العنف، إلا أن الاستجابة في الأردن لم تكن على المستوى المقبول والمطلوب لحماية المرأة، كما تقول بني مصطفى.

 

وتشير إلى أن العمل الذي قامت به النساء خلال الجائحة، أخذ عدة أدوار، مثل العمل عن بعد والاهتمام بالأسرة بفترات الحظر والقيام بكل المهام، وتدريس الأولاد، هذه الأعباء جميعها كانت تتحملها النساء على مدار اليوم. وتبين بني مصطفى أن الدراسات التي أجريت في العالم وفي الوطن العربي والتي صدرت عن الأسكوا، أثبتت بأن النساء أكثر عرضة لفقدان الوظائف، إذ ارتفعت معدلات اخراجهن من الوظائف، وكذلك زادت معدلات البطالة بينهن، وبالتالي كنّ أكثر عرضة للفقر مع غياب التأمينات والضمانات والحماية الاجتماعية، لافتة إلى أن هنالك بعض الإجراءات التي تمت لحماية المرأة خلال فترة الجائحة بالأردن، إذ قام صندوق حساب الخير بتقديم مساعدات لأكثر من 10 آلاف امرأة، ولكن لم تكن شاملة وكبيرة.

 

وتلفت بني مصطفى إلى تعرض بعض القطاعات التي تعمل فيها المرأة إلى ضربات قاصمة خلال جائحة كورونا مثل قطاع التعليم الخاص، والحضانات وكان لهما تأثير كبير على عمل النساء.

 

وتبين بني مصطفى أن هنالك قرارات تخص المرأة كانت متعسفة بسبب الفردية باتخاذها، وبعيدة عن التشاركية مع أصحاب المصلحة وبقية الفاعلين في العملية الاقتصادية والاجتماعية، ولكن بعد التشاور مع جهات متعددة ودخول مؤسسات المجتمع المدني مرة أخرى لدائرة الضغط، ظهرت برامج محددة لمساعدة النساء وحقهن بالعدالة، مثل برامج حماية النساء الاقتصادي التي قدمتها منظمة العمل الدولية بالتعاون مع مؤسسة الضمان الاجتماعي وكذلك البرامج التي قدمها الضمان الاجتماعي مثل برنامج استدامة.

 

وكشفت نتائج دراسة أجريت أون لاين، أن النساء تحملن العبء الأكبر خلال أزمة كورونا والتأثيرات الاجتماعية كانت مضاعفة على المرأة، بحسب ما نشرته صحيفة “هآنوفرشه آلغماينه تسايتونغ” الألمانية، ويتجلى ذلك في الاعتناء بالأطفال والعمل في الوقت نفسه من المنزل أو حتى العمل الإضافي خارجه.

 

وبحسب أستاذة علم الاجتماع لينا هِب، التي تدرس وتجري البحوث في جامعتي بوتسدام ومركز العلوم في برلين، فإن النساء تتحمل عبئا أكبر من الرجال خلال أزمة كورونا، إذ تعمل المرأة من البيت ومسؤولة عن رعاية الأطفال. وتدل النتائج الأولية للدراسة أن غياب المساواة الاجتماعية تجاه المرأة في الأوقات العادية يتعاظم في زمن كورونا.

 

من جهتها تشير الباحثة الاجتماعية والناشطة في حقوق المرأة رشا ضمرة إلى أن الانعكاسات السلبية على المرأة واضحة، وتكافح من أجل النجاح والاستقلالية التي تطمح لها.

 

وتبين ضمرة أن المرأة والأطفال في الكوارث والحروب والجائحات هم من يدفعون الثمن الأكبر على كافة الأصعدة، وتبدأ معاناة المرأة في ظل جائحة كورونا بفقدانها لوظيفتها لأن الحماية الاقتصادية هي الدرع الواقي لها ضد العنف النفسي واللفظي والجسدي الذي قد يمارس عليها. وتلفت إلى أن استقلال الذمة المالية هي الدعامة الأساسية، لذلك كانت من أهم التحديات التي رافقت كورونا بعد خسارة كثير من النساء أعمالهن منذ بداية الجائحة.

 

من جهة أخرى، فإن خسارة الكثير من الأزواج لوظائفهم، شكل تحديا كبيرا وضغطا على المرأة التي تتحمل ردات الفعل الواقعة من الرجل الذي بالعادة يحمّلها نتائج خساراته.

 

وتقول ضمرة، “للأسف إسقاطات جائحة كورونا على المرأة كبيرة وبكل التفاصيل”، إذ شكل العمل عن بعد عبئا كبيرا على المرأة المعلمة، الأم المربية، والعاملة في كافة المجالات، فصاحب رأس المال يطالب المعلمة بإنتاجية أكبر مابين العمل الوجاهي والعمل عن بعد، فضلا عن احتياجات الأسرة والواجبات المفروضة.

 

وتنوه ضمرة بأن العمل عن بعد في ظل الظروف الاجتماعية والاقتصادية والصحية الصعبة بفعل جائحة كورونا، وتواجد جميع أفراد العائلة طوال اليوم في المنزل بفعل قرارات الحظر الشامل والجزئي جعل عمل المرأة أكثر صعوبة وشكل آداة ضغط كبيرة على كثير منهن لفقدان العمل أو التخلي عنه.

 

في حين أن الأم التي تعاني حرمانها من التعليم، جاءت جائحة كورونا لتفرض عليها أن تصبح معلمة لأبنائها في الوقت الذي لاتستطيع أن تسعف نفسها بظل وجود مناهج تعليمية صعبة.

 

وتؤكد ضمرة أن معادلة المرأة في كورونا فيها خلل وغير منصفة، متابعة أن النساء في الأردن اتجهن إلى كافة أنواع العمل، وكذلك في القطاع السياحي، ورغم ذلك خسرن في هذه القطاعات عملهن ومصدر دخل أسرهن من دون أن توجد الحكومة أي بدائل، وبالتالي أصبحت ترضخ لوطأة ظروف معيشيىة صعبة.

 

إلى ذلك، فإن غياب الحضانات وعدم أخذ ظروف عمل المرأة بعين الاعتبار شكل حملا كبيرا عليها منذ بداية الجائحة، حيث تمر بظروف غير مستقرة وضغط كبير بظل الوضع الاجتماعي والاقتصادي وتبعات الحظر الذي جعلها تعيش مزيدا من الضغوطات والأعباء النفسية والعنف دون أن تجد متنفسا للترويح عن نفسها.