موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الإثنين، ٢٧ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢١
من وحي الميلاد المجيد: مغارة، أم تحت السماءِ سماءُ؟

أشخين ديمرجيان :

 

في ملء الزمان، والليل فاحم الأحشاء: "وُلِد المسيح! فللدُّجى لألاء والحقُّ أبلج والهدى وضَّاء"، وانفتحت أبواب السماوات العليا، وتناثرت عقود الملائكة في الآفاق الرحبة، تصدح حناجرها الذهبيّة ببشرى الميلاد مهلّلة: "المجد لله في العلى! وعلى الأرض السلام! وفي الناس المسرّة!".

 

تدعو أجراس الميلاد أنقياء السريرة، وها النجم الهادي يتألّق فوق المغارة، سائلاً كلّ نفس شهمة أن تمدّ يد المساعدة لكلّ طفل بائس أو عائلة فقيرة، فيتحقّق ما جاء لأجله الطفل المعجز: "جئتُ لتكون لهم الحياة وتكون لهم أوفر". إنّه لشرف عظيم أن نكون شركاء المسيح تحت لواء شريعة المحبّة التي يوصي بها.

 

ليس عبثاً أوصانا السيّد المسيح: "أنتم نور العالم، أنتم ملح الأرض، فلا يجرّبنّ أحد إغفال هذه المسؤولية أو التملّص منها. وإلاّ يتحقّق فيه قول المسيح: "مَن ليس معي فهو عليَّ"!.

 

والسلام الذي تنشده البشريّة لتبلغ السعادة، هو دعوة إلى التآخي على أسس العدالة الاجتماعية، مُرتكزًا على مبادىء إنسانية توحيها المحبّة. ترى مَن يعيد إلينا السلام الحقيقي؟! وأيّ ثمن لا ندفعه في سبيل الحصول عليه؟! بمناسبة الأعياد الميلاديّة المجيدة، لنضرع إليه تعالى بقلوب مُفعمة بروح الإيمان، أن يردع جميع المتربّصين بالبشرية، سعيًا وراء مآرب شخصية أكثر منها إنسانيّة!

 

وما أشبه الليلة بالبارحة! فبعض أفراد الشعب في كلّ بلد، يتلهّون اليوم أيضًا، ويستبقون لبلوغ أقصى ما يمكن من رفاهية ورخاء ولذة. بينما بعض الرؤساء يتحاورون ٍبشكل مستمرّ في ميدان الخداع والمداورة والمكر! وإزاء المظالم التي ينتفض لهولها وجدان البشرية، لنُناشدنّ الربّ في تسيير دفّة كلّ الأمور في العالم، وفي إنهاء الحروب والمؤامرات والمجاعات من الدول التي يمزّق أحشاءها الجوع! كي يجد العالم في بركته الإلهيّة الشبع والأمان والسعادة!

 

وسط هذه الفوضى العالميّة، والفيروسات المتحوّرة، والصراع الأليم بين الروح والمادة، يثبت عزائمنا الطفل الوليد في بيت لحم بقوله: "ثقوا أنا هو لا تخافوا!"، وها هو صوت ملاك الميلاد يتجاوب في أعماق النفوس المؤمنة: "لا تخافوا هاءنذا أبشّركم بفرح عظيم! إنّه قد وُلِدَ لكم اليوم مخلّص!" مع بقاء شعلة الإيمان والرجاء والمحبّة في القلوب.

 

أخيرًا وليس آخر الكلّ شأنًا

 

جوهر عيد الميلاد المجيد ألاّ تصرف البهجة المادّيّة المبتذلة أذهاننا عن التأمّل بما تحمله هذه الذكرى من معان سامية. فلا نكتفيَنّ بالمظاهر، والاعتقاد أنّ العيد كلّ العيد في أجراس تُنعش القلب برنينها، أو ملابس تبهر العيون بألوانها الزاهية، ومآكل نتفنّن في أعدادها، ومغارة تتألّق ضياءً تحت شجرة مثقلة الأفنان بشتّى الزينات... المهمّ ألاّ ننسَ أن نرفع المجد لله، وأن نسعى لإحلال السلام على الأرض بالأدعية أو بالفعل، لتفيض علينا المسرّة من لدنه تعالى، إله كلّ خير وبركة.

 

تمنّياتي لجميع القرّاء الكرام تتردّد متفائلة لأعايدكم بالتهنئة الأرمنيّة: "وُلِد المسيح وظهر" - والجواب: "لكم ولنا بشرى عظيمة!".

 

وكلّ عام وأنتم بألف خير!