موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٦ أغسطس / آب ٢٠٢٠
مجمع عقيدة الإيمان: منح سر المعمودية بصيغ معدّلة اعتباطيًا هو باطل

فاتيكان نيوز :

 

 

إنّ سرّ المعموديّة الممنوح بصيغة معدّلة اعتباطيًّا هو باطل، ويجب على من تلقّاه بهذه الطريقة أن يعتمد مجدّدًا، أي ينبغي تكرار الطقس وفقًا للمعايير الليتورجيّة التي وضعتها الكنيسة. هذا ما أكّده مجمع "عقيدة الإيمان" الفاتيكاني، في رسالة له كجواب على سؤالين حول صحّة سرِّ المعمودية مُنح بالصيغة "باسم الأب والأم والعراب والعرابة والجدَّين والأقارب والأصدقاء وباسم الجماعة نحن نعمِّدك باسم الآب والابن والروح القدس".

 

وفي مذكرة عقائديّة تفسيريّة أكّد مجمع عقيدة الإيمان أنّ التعديل المتعمد للصيغة الأسراريّة قد أُدخل للتأكيد على القيمة الجماعيّة لسرِّ المعمودية، وللتعبير عن مشاركة العائلة والحاضرين وتجنب فكرة تركيز سلطة مقدسة في الكاهن على حساب الوالدين والجماعة، قد تنقلها الصيغة الموجودة في رتبة العماد. وفي هذا السياق، تذكّر المذكرة بما جاء في الدستور في الليتورجية المقدّسة، ففي الواقع عندما يُمنح سرُّ المعموديّة لشخص ما يكون المسيح هو الذي يعمّده، وبالتالي فهو رائد هذا الحدث الذي يتمُّ الاحتفال به، يُدعى الوالدان والعرابان والجماعة بأسرها للقيام بدور فعّال وبمهمّة ليتورجية وإنما بحسب ما ينص عليه الدستور في الليتورجية المقدّسة أي أنّه "في الاحتفالات الليتورجية يطلب من كلّ شخص، سواء كان خادماً للسرّ أو مؤمنًا، أن يعمل لدى قيامه بوظيفته، العمل كلّه الذي يقع عليه من جرّاء طبيعة الأمور ومن جرّاء الأنظمة الليتورجية وألا يتعدّاه إلى سواه من الأعمال" (الدستور في الليتورجية المقدّسة، عدد ٢٨).

 

وتتابع المذكرة: تظهر هنا، مع دوافع رعوية مشكوك فيها، تجربة قديمة لاستبدال الصيغة التي قدمها التقليد بنصوص أخرى تعتبر أكثر ملاءمة، ولكن استخدام الدافع الرعوي يخفي، حتى ولو من دون وعي، انجرافًا شخصيًّا ورغبة في التلاعب. ولذلك يعلن المجمع الفاتيكاني الثاني، في خط المجمع التريدنتيني أنّه لا يمكن لعمل الكنيسة أن يتصرّف بحريّة قانونية مطلقة فيما يختص بمنح الأسرار المقدّسة، مؤكدًا أنه لا يجوز لأحد "حتى للكاهن، أن يتجرّأ بمبادرة منه، على أن يضيف أو يزيل، أو يغيّر أي شيء فيما يتعلّق بالرتبة الطقسيّة". في الواقع، "إن تعديل الشكل الاحتفالي للسر بمبادرة شخصيّة لا يشكل انتقاصًا ليتورجيًّا بسيطًا وحسب، كتعدٍّ على قاعدة إيجابية، وإنما هو في الوقت عينه إساءة ضدّ الشركة الكنسية والاعتراف بعمل المسيح، تُبطل في معظم الأحيان مفعول السر نفسه، لأن طبيعة الخدمة الكهنوتيّة تتطلّب منا أن ننقل بأمانة ما قد تلقيناه.

 

وتشرح المذكّرة أنّه وخلال الاحتفال بالأسرار، لا تعمل الجماعة المصليّة "بشكل جماعي"، وإنما بحسب الخدمة الكهنوتية، والكاهن لا يتكلم كموظّف يلعب دورًا مؤتمنًا عليه، ولكنه يعمل بحسب كهنوته كعلامة حضور للمسيح، الذي يعمل في جسده، ويمنحه نعمته. في هذا المنظار، يجب فهم ما يؤكّده المجمع التريدنتيني حول ضرورة أن يكون لدى الكاهن على الأقل نيّة القيام بما تقوم به الكنيسة: نية لا يمكن أن تبقى على المستوى الداخلي وحسب، ولكن يجب أن يتمَّ التعبير عنها بعمل خارجي يتم ليس باسم الكاهن الشخصي، وإنما باسم شخص المسيح.

 

وتُختتم المذكرة بالقول: إن تغيير الصيغة الأسرارية تعني أيضًا عدم فهم طبيعة الخدمة الكنسية عينها، التي هي على الدوام خدمة لله وشعبه وليست ممارسة سلطة يصل بها الأمر إلى التلاعب بما أوكل إلى الكنيسة من خلال فعل ينتمي إلى التقليد. وبالتالي لا ينبغي أن يتجذّر في كل خادم لسرِّ المعمودية، الوعي بأنّه عليه أن يعمل في الشركة الكنسية وحسب، وإنما أيضًا القناعة عينها التي ينسبها القديس أغسطينوس إلى يوحنا المعمدان، الذين عرف أنه سيكون هناك ميزة في المسيح تسمح، على الرغم من كثرة الكهنة، القديسين أو الخطأة، الذين سيعمدون، ألا تُنسب قداسة المعمودية إلا للذي نزلت عليه الحمامة، وقيل فيه: "هوذا الذي يعمد في الروح القدس". وبالتالي يضيف القديس أغسطينوس قائلاً: "حتى وإن عمّد بطرس، فالمسيح هو الذي يعمّد. وإن عمّد بولس، فالمسيح هو الذي يعمّد. وإن عمّد يهوذا، فالمسيح هو الذي يعمّد".