موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٢٩ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢١
مبادرات الكنائس في حلب لصالح الفقراء والأيتام
قام المسيحيون في سورية وعلى اختلاف كنائسهم بتنظيم أنفسهم من أجل مد يد العون لكل شخص محتاج، ولذا تقوم جماعات المؤمنين، وفي مختلف المدن السورية، بتوزيع وجبات الطعام والألبسة وحتى بعض المبالغ المالية تعبيرًا عن تضامنه مع آلاف الأشخاص، من خلال مساعدتهم على تخطي الأوضاع الصعبة واستعادة الأمل بالمستقبل.

فاتيكان نيوز :

 

كانت حلب قبل الحرب أكبر مدينة سورية من حيث عدد السكان، لكن الأمور تغيرت اليوم مع رحيل العديد من السوريين بحثًا عن مستقبل أفضل خارج البلاد، وتشير الإحصاءات إلى أن مدينة حلب –على سبيل المثال– باتت اليوم تعد مليون وثمانمائة ألف نسمة، مقابل أربعة ملايين وستمائة ألف في عام 2010. ولم تسلم من القصف الكنائس والأديرة، من بينها الدير التابع للراهبات الكرمليات في حلب، إذ تروي الرئيسة العامة، الأخت "آن فرانسواز"، أنه مساء 22 تشرين الأول 2016 سقط صاروخ في حديقة الدير لكنه لم ينفجر، وتضيف أن من حمى المبنى والراهبات هو البابا القديس يوحنا بولس الثاني، خصوصًا وأنه في ذلك اليوم صادف الاحتفال بعيده.

 

ومن بين الأشخاص الذين لم يتركوا حلب، حتى خلال المعارك العنيفة، كاهن أرجنتيني يُدعى هوغو فابيان ألفانيز، الذي يقول إنه قام بإعادة بناء كنيسته التي تضررت بسبب القتال، وهو يسعى اليوم إلى توسيع الرعية، كما أنه يبذل ما في وسعه من أجل مد يد العون إلى العديد من العائلات الفقيرة والمحتاجة. هذا ويقوم الشبان والشابات المتطوعون في الرعية باستقبال الأطفال من أجل مساعدتهم على الدراسة، فضلا عن إطلاق العديد من النشاطات والبرامج التي تعود بالفائدة على أكثر من ألف ومائتي عائلة تساعدها الرعية يوميا. ويقوم المتطوعون بإعداد وجبات ساخنة من الطعام تُوزع على بيوت الفقراء، كما تم فتحُ مدرسة لتعليم الخياطة، هدفها جعل الألسبة القديمة صالحة للاستخدام. ويقول الأب هوغو ألفانيز إنه عندما بدأ العمل على هذا المشروع لأربع سنوات خلت، كانت الرعية تساعد أربعة وعشرين طفلا فقط، وقد وصل هذا العدد اليوم إلى خمسمائة.

 

وهناك أيضًا جمعية يديرها الآباء "الماريست" في حلب تُعرف باسم "قطرة حليب"، تقوم بتوفير الحليب المجفف شهريًا لثلاثة آلاف أسرة لديها أطفال صغار، بالإضافة إلى الحليب المركز للمولودين الجدد. وهذه الجمعية هي الوحيدة من نوعها التي تقدّم خدمة كهذه، خصوصا وأن نسبة كبيرة تعجز عن شراء الحليب الذي وصل سعره إلى اثني عشر ألف ليرة سورية للكيلوغرام الواحد، فيما يتراوح معدل الرواتب بين خمسة وستين وسبعين ألف ليرة.

 

التزام الجماعات المسيحية لصالح الفقراء في حلب يشمل أيضا الكنيسة الرسولية الأرمنية، حيث يقوم الأرمن الأرثوذكس، أمام كاتدرائيتهم، بتوزيع وجبات الطعام على المسنين. ومع أن معظم المستفدين من هذه المساعدات هم من أبناء الكنيسة، إلا أن المتطوعين لا يسألون عن الانتماء الديني لأي شخص محتاج يطلب وجبة ساخنة. ويتحدث أحد الكهنة الأرمن الأرثوذكس عن أوضاع الأشخاص المحتاجين مشيرا إلى أنهم يتمتعون بالكرامة وعزة النفس، لاسيما وأنهم أشخاص كانوا من الميسورين قبل الحرب، وهم من حملة الشهادات، لكن بعد عشر سنوات من الحرب وخمس سنوات من الأزمة الاقتصادية الخانقة فقدوا كل شيء.

 

وقد جهزت الكنيسة الرسولية الأرمنية الطابق الأول من الكاتدرائية لفتح ميتم يستضيف حاليا ثمانية وثلاثين فتى وفتاة تتراوح أعمارهم بين ثماني واثنتين وعشرين سنة. من بينهم شابة في الحادية والعشرين من عمرها هربت من الحسكة، شمال سورية، بعد أن قُتل والدها وعمُّها على يد المقاتلين الإسلاميين، وتقول إن لديها شقيقتين، إحداهما تقيم في الأردن والأخرى في دمشق، وقد توفيت والدتها بسبب المرض. ويتحدث القيمون على الميتم عن علاقات الأخوّة التي تربط الفتيان والفتيات، إذ يعتبرون أنفسهم أخوة وأخوات بكل معنى الكلمة، مضيفين أن العديد من الأيتام الذين تركوا حلب يرسلون المال ليدعموا هذا الميتم.