موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الإثنين، ٢٣ مايو / أيار ٢٠٢٢
كي لا يهلك أحد

أشخين ديمرجيان :

 

إنْ كان للملح الفاسد وللباطل جولة، فللملح الجيّد والحقّ صولات وجولات وفي النهاية النصر للحق. ويتجسّد الباطل حاليًا بالعنف والظلم والكذب والتزييف بأبشع صوره. ولكنّا على يقين أنّ دولة الباطل ساعة ودولة الحقّ إلى قيام السَّاعة. والحقّ يعلو ولا يُعلى عليه.

 

ولكن "إلى متى يا ربّ، أإلى الدّهر تنساني؟ إلى متى تحجب وجهك عنّي؟ إلى متى أُحمّل نفسي الهموم؟ وفي قلبي الحزن ليلاً ونهارًا؟ أُنظر إليّ واستجب لي أيّها الربّ إلهي، أَنِر عينيّ كي لا أنام نومة الفناء، ولئلاّ يقول عدوّي: "إنّي قَضَيتُ عليه، ولئلاّ يهتف مُضايِقيّ لأنّي تزعزعت. أما أنا فعلى رحمتك توكّلت، ويبتهج قلبي بخلاصك. أتغنّى بالربّ الذي جزاني خيرا" (المزمور 13). على أمل أن يصبح الملح علامة لمكافحة الشر.

 

لقد ورد ذكر الملح في الكتاب المقدّس. يقول السيّد  المسيح: "لأنّ كلّ امرىءٍ سيُمَلّح بالنار" (مرقس 9: 49)... إنّ المحن والتجارب التي تصيب الإنسان بإذنه تعالى، تُطهّره كما تُطهّر النار الذبيحة، وتجعله ينال رضا الله إذا أحسن تقبّلها... وفي الآية التالية يقول السيّد المسيح: "فليكن فيكم ملح وليُسالم بعضكم بعضًا" (مرقس 9: 50).

 

في آية أخرى، بعد عظة الجبل الشهيرة، يقول سيّدنا المسيح لتلاميذه: "أنتم ملح الأرض، فإذا فسد الملح، فأيّ شيء يملّحه؟ إنّه لا يصلح بعد ذلك إلاّ لأنْ يُطرح في خارج الدار فيدوسه الناس" (متّى 13:5). يحذّرنا السيّد المسيح من الضلال، وينبغي أن نفيد العالم ونحفظه من الفساد عن طريق الميثاق الأبدي الذي يربط كلّ إنسان مع الله. إنّ رسالتنا أن نكون ملح الأرض ونور العالم المستمدّة من هويّة السيّد المسيح، لذا علينا ان نراجع أنفسنا ونفحص ضمائرنا كي نكون من الصنف الجيّد. هل نحن أهل لأنْ نوصف بالملح الجيّد الذي يطيّب الدنيا ومَن عليها؟! إنْ لم نكن كذلك لا قيمة لنا.

 

وكلّ هذا يذكّرني بمقولة شعبية نردّدها باستمرار: "العيش والملح" أي "الاتّفاق" بين المعارف والأصدقاء. ونعرف ذلك من خلال حياتنا اليوميّة والأمثال العامّيّة والحكايات والمعتقدات الشعبيّة، ونلاحظ أنّهما (أي الخبز والملح) مُحاطان بهالة من القداسة ممّا يزيد من أهمّيتهما.

 

كلّ منّا يرجو ألاّ يكون ملحًا عقيمًا والذي يُطلق عليه ملح "الإدانة" المذكور في الكتاب القدّس. عصت زوجة لوط أمر الملك،‏ وبعدما ابتعدت مسافة عن سدوم، توقّفت ونظرت إلى الوراء.‏ وحينئذ صارت عمود ملح. اشتهر أهل سدوم وعمورة (بالانحراف والفجور الجنسي العقيم) وهذا التمثال هو "ملح الإدانة" ويقع على مقربة من البحر الميت.

 

أمّا النموذج الثاني المُتحسن فهو ملح "الخلاص" الملح المُستخدم كمادة حافظة... تعامل الرسل وكلّهم صيّادين بالملح يوميًا. وكانت وسائل التبريد معدومة في حينه. كان يتمّ نقل الأسماك دائمًا بالملح. كان الصيادين بحاجة إلى قوارب، وشباك، وكمّيات كبيرة من الملح (كمادة حافظة) كي يدخلوا في قائمة التجّار الناجحين.

 

خاتمة

 

أرجو أن يزداد الملح الجيّد كي نتمكن من مكافحة عدوى الفساد والشر والضلال، وتزداد الفضائل والقيم .