موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
ثقافة
نشر الثلاثاء، ١٧ أغسطس / آب ٢٠٢١
كيف يمكن لـ1.5 درجة مئوية فقط من الإحترار أن تغير الحياة على الكوكب بأكمله؟

طقس العرب :

 

الأرض هي موطن لمجموعة من المناخات المتنوعة، من الكثبان الرملية الحارقة في الصحراء إلى التلال المتجمدة في القارة القطبية الجنوبية. بالنظر إلى هذا التنوع، لماذا يشعر علماء المناخ بالقلق الشديد بشأن زيادة درجة الحرارة في جميع أنحاء العالم بمقدار 1.5 درجة مئوية فقط (2.7 درجة فهرنهايت)؟ كيف يمكن لهذا الارتفاع البسيط في حرارة الأرض أن يغيير الكوكب؟

 

قال بيتر دي مينوكال، عالم المناخ القديم في مرصد لامونت دوهرتي للأرض بجامعة كولومبيا في نيويورك، إن تغيير متوسط ​​درجة حرارة كوكب بأكمله، حتى لو كان ذلك ببضع درجات، يعد أمرًا مهمًا، فالعالم في الوقت الحالي أدفأ بنحو (1.2) درجة مئوية مما كان عليه في أوقات ما قبل ازدهار الصناعة.

 

وقد أعلنت 144 دولة مشاركة في اتفاقية باريس لعام 2016 أنه يجب على العالم أن يحد من الزيادة العالمية في هذا القرن عن (1.5) درجة مئوية، وهو حد أكثر صرامة من الهدف السابق المتمثل في زيادة (2) درجة مئوية.

 

لوضع تصور لهذه الـ1.5 درجة، فإن حوالي (5) درجات مئوية تفصل العالم الحديث عن العصر الجليدي الأخير، الذي انتهى قبل حوالي 15000 عام، وخلال ذلك الوقت، كانت مستويات سطح البحر أقل بنحو (106) أمتار مما هي عليه اليوم، لأن كمية كبيرة من المياه كانت مخزنة على شكل جليد في القطبين.

 

خلال هذا العصر الجليدي، كان حوالي 32% من الأرض مغطى بالجليد، مقارنة بحوالي 10% فقط اليوم، وفقًا لمركز بيانات الثلج والجليد الوطني.

 

وقال دي مينوكال إن مناخ الأرض يتغير بمرور الوقت، والعصر الجليدي الأخير هو دليل على ذلك، لكن معدل التغير السريع وكمية غاز ثاني أكسيد الكربون الدفيئة التي تملأ الغلاف الجوي هو ما يثير قلق العلماء. علاوة على ذلك، فإن الاحتباس الحراري لا يؤدي فقط إلى زيادة درجات الحرارة؛ فهو يهدد أيضًا الغذاء والماء والأماكن السكنية وشبكة الطاقة وصحة البشر.

 

 

تأثير الاحترار على توفر الغذاء

 

قال دي مينوكال إن تغير المناخ يؤثر على النظم البيئية التي توفر الغذاء، "وبالتالي فإن أمننا الغذائي مرتبط بأمن تلك النظم البيئية".

 

فالمحيطات، على سبيل المثال، توفر للناس حوالي 20% من البروتين الغذائي، إلا أن تحمض المحيطات الناجم عن تغير المناخ يجعل من الصعب - إن لم يكن مستحيلًا - على آلاف الأنواع، بما في ذلك المحار وسرطان البحر والشعاب المرجانية، تكوين أصدافها الواقية، والتي بدورها تعطل شبكة الغذاء.

 

على الأرض، ستؤدي زيادة (2) درجة مئوية إلى مضاعفة عجز المياه تقريبًا وستؤدي إلى انخفاض محاصيل القمح والذرة، وفقًا لوكالة ناسا.

 

وقالت ناسا إن خطوط العرض الشمالية قد تشهد زيادة مؤقتة في زراعة فول الصويا والقمح، ويرجع ذلك جزئيًا إلى ارتفاع درجات الحرارة في أقصى الشمال، وجزئيًا لأن زيادة ثاني أكسيد الكربون تساعد النباتات على النمو.

 

لكن مع زيادة حرارة الأرض بمقدار (2) درجة مئوية، تختفي هذه الميزة تقريبًا بالنسبة لفول الصويا، وتختفي تمامًا بالنسبة للقمح، حسبما ذكرت وكالة ناسا.

 

قالت ناسا إنه إذا ارتفعت درجات الحرارة بشدة أثناء ازدهار هذه النباتات، يمكن أن يتوقف نموها، مما يؤدي إلى نقص أو عدم وجود محاصيل غذائية صالحة للأكل ، مثل الذرة أو الحبوب.

 

 

تأثير الاحترار على أماكن عيش البشر

 

مع ارتفاع درجات الحرارة وذوبان الأنهار الجليدية، يمكن أن يؤدي ارتفاع مستوى سطح البحر المقابل إلى تدمير المنازل والمدن.

 

قال دي مينوكال إن حوالي 40% من سكان العالم يعيشون على بعد (100) كيلومتر من الساحل. في عام 2010 كان أكثر من 123 مليون شخص، أو 39% من سكان الولايات المتحدة، يعيشون في مقاطعات تلامس الخط الساحلي، وهذه هي أكثر الأماكن السكنية المعرضة للخطر بسبب تغير المناخ وارتفاع مستوى سطح البحر.

 

بين عامي 1901-1990، ارتفع متوسط ​​مستويات البحار العالمية بنحو (1.2) ملم سنويًا، ولكن بين عامي 1993-2010، ارتفعت المستويات بنحو (3) ملم سنويًا، مما يعني أن معدل الارتفاع أكثر من الضعف، وفقًا إلى تقرير عام 2015 في مجلة Nature.

 

 

تأثير الاحترار على الطاقة

 

حوالي 7% من توليد الكهرباء في الولايات المتحدة في عام 2013 جاء من الطاقة المائية، والتي شكلت 52% من الطاقة المتجددة المولدة في البلاد في ذلك العام، وفقًا لوزارة الطاقة.

 

ومع ذلك، فإن انخفاض كتلة الجليد وتحول أنماط هطول الأمطار قد يقلل من الطاقة الكهرومائية على المدى الطويل، وهذا يهدد الآن الغرب الأمريكي وبعض المناطق الأوروبية أيضا.

 

 

تأثير الاحترار على صحة البشر

 

الزيادات في درجات الحرارة وتغير أنماط المطر مرتبطان بانتشار الأمراض المنقولة عن طرق كائن حي (بين البشر أو من الحيوانات إلى البشر)، مثل مرض لايم والملاريا.

 

وحتى لو تم القضاء عليه محليًا في منطقة معينة، فإن التغيرات المناخية المرتبطة بتغير المناخ يمكن أن تؤدي إلى هجرة نواقل المرض إلى مناطق جديدة.

 

علاوة على ذلك، وبسبب المخاوف الصحية، قد تصبح بعض مناطق العالم، مثل أجزاء من الشرق الأوسط والغرب الأمريكي، غير صالحة لسكن البشر بسبب درجات الحرارة القصوى.

 

ذلك لأن الرطوبة تزداد غالبًا مع زيادة مؤشر الحرارة، وعندما يكون كلاهما مرتفعًا، لا يستطيع جسم الإنسان تبخير العرق ليبرد نفسه، وهذا يعرضه لمخاطر صحية وحتى الوفاة.

 

 

تأثير الاحترار على الانتاجية

 

يمكن أن تؤدي درجات الحرارة القصوى أيضًا إلى انخفاض الإنتاجية بين العمال، حيث بين تقرير بلومبرج لعام 2014 حول المخاطر الاقتصادية لتغير المناخ، أن الحرارة الشديدة، خاصة في جنوب شرق أمريكا، يمكن أن تؤدي إلى انخفاض بنسبة 3% في إنتاجية العاملين في الهواء الطلق، بما في ذلك الأشخاص الذين يعملون في البناء وصيانة المرافق والمناظر الطبيعية والزراعة.

 

وقال التقرير إن هذا الانخفاض هو ضعف معدل "تباطؤ الإنتاجية" الذي حدث في السبعينيات ، والذي حدث على الأرجح بسبب ارتفاع التضخم وعدم الاستقرار الاقتصادي.

 

وقال دي مينوكال إن كل هذه التهديدات باتت وشيكة، ومن المتوقع أن تتجاوز درجة حرارة الأرض (1.5) درجة مئوية في حوالي 15 عامًا - بين 2032 و 2039. ومن المتوقع أن يتجاوز الكوكب معيار (درجتين مئويتين) بين عامي 2050 و 2100.

 

وقال: "إذا كنا نتحدث عن سيناريو الانبعاثات الحالي ، فسيكون الاحترار أسرع من ذلك". "حتى على مدار الثمانية آلاف عام الماضية، لم نشهد ارتفاعًا في درجات الحرارة بهذه السرعة وبهذا القدر."