بعد سنوات الحرب العشرة التي مرت بكل ما أوجعتنا من أحداث وذكريات مريرة، وبعدما كان لهذا التقليد المسيحي بزيارة سبع كنائس حصة كبيرة تشدد عزيمتنا نحن المسيحين وتُحي الحنين للأيام الغابرة ما قبل الحرب، مرّ العام الماضي بكل بؤسه أمام مشهد الكنائس الفارغة الذي رسمه هذا الوباء قسرًا، تركنا مع خبرة قاسية مازالت رهبتها حاضرة حتى الآن، مستمرين بترقب ما ستخبئه الأيام من آثار الوباء.

ولكن هذا العام، تحقق الموعد السنوي بين مؤمني دمشق القديمة وكنائسها حيث تفتح الكنائس أبوابها كما جرت العادة بأجمل حللها واستعدادات نشاطاتها الكشفية والأخويات، ومن كافة الكنائس المسيحية لنبدو واحدًا في المسيح، رغم ألم الخلاف في التقويم، إلا أن المسيح كسر وناول جسده لنا جميعًا طالبًا منا أن نصنع هذا لذكره.

وبخصوصية مهيبة تروي باب توما يوم خميس الأسرار حكاية إيمان أزلي لأهالي دمشق، فرائحة البخور التي تعبق فيها من كل الجوانب، والترانيم التي ترفع من كل صوب تشدّ المسيحين كحج سنويّ رائع يجعلها تبدو كنيسة واحدة ترفع ابتهالات المؤمنين إلى الرب من أمام هيكل التاريخ -باب توما- وجدار يحيط بماضيها يخبر أنها باقية، بأجراس كنائسها التي تعلن دومًا رجاء المسيحين بنعمة الخلاص الذي منحه الرب على الصليب ومهما آلمنا هذا الصلب ومهما طال درب الآلام، ندرك يقينًا مجد القيامة.