موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
حوار أديان
نشر الإثنين، ١٦ مايو / أيار ٢٠٢٢
كلمة المونسنيور خالد عكشة في ملتقى "القيم المشتركة بين أتباع الأديان" في الرياض

أبونا :

 

فيما يلي الكلمة التي ألقاها المونسنيور خالد عكشة، المجلس البابوي للحوار بين الأديان في حاضرة الفاتيكان، تحت عنوان: "كرامة الإنسان، هبة الخالق المنّان"، ضمن أعمال ملتقى "القيم المشتركة بين أتباع الأديان"، والذي نظمته رابطة العالم الإسلامي، في العاصمة السعوديّة الرياض، وجمع شخصيات من مختلف أتباع الأديان، في حضور قادة دينيين وفكريين.

 

 

معالي الشيخ الدكتور محمد عبد الكريم العيسى، الأمينَ العامَّ لرابطةِ العالمِ الإسلاميّ٬ رئيسَ هيئةَ عُلماءِ المسلمين،

أصحابَ المعالي والسّيادةِ والسماحةِ والفضيلة،

الإخوةَ والأخواتِ الأعزّاء،

لكمْ مِنَ اللهِ الرحمةُ والبركة٬ ومنّي السّلام،

 

يشرّفني أن أُمثّل في هذا الملتقى الخيّر المجلسَ البابوي للحوار بين الأديان في الفاتيكان، وأن أنقلَ إليكم تحيّاتِ رئيسِه، نيافة الكاردينال ميجيل أيوزو، الذي حال طارئٌ صحيٌّ دونَ وجودِه بينَنا.

 

دأبت رابطة العالم الإسلاميّ منذ زمنٍ طويلٍ على تنظيم مؤتمراتِ ومُلتقياتٍ لأتباع الأديان، وبخاصةٍ المسلمين والمسيحيّين منهم في العديد من العواصم الكبيرة، وها هي اليومَ تفتح قلبَها وذراعيها لاستقبالهم في عاصمة المملكة العربيّة السّعوديّة، البلدِ الذي يقصِده الملايينُ مِنَ المسلمين كلَّ عامٍ حُجّاجًا أو معتمرين. فالحمد الكثير لله والشكر الجزيل لخادم الحرمين الشريفين ولولي عهده ولرابطة العالم الاسلامي.

 

ما يدفع الى التفكير والتدبر واتخاذ القرارات والسعي الى تنفيذها ليست دوما رؤىً ايجابية أو تحقيق مشاريع، بل أحيانًا القلق والخوف وتوقّع الأسوأ، وهذه هي حالنا مع خطاب الكراهية والعنصرية والتطرف والارهاب، دون أن ننسى أزمات أخرى كالحروب والجوع والفقر وسوء توزيع الثروات واستنزاف موارد الأرض وكل ما يهدد كوكبنا والحياة البشرية والتنوع الحيواني والنباتي، وغير هذا.

 

ولكن، ولحسن الحظ، فهناك قيم دينية وروحية وانسانية مشتركة بين أتباع الأديان، وأخرى أخلاقية لأشخاص ذوي إرادة طيبة وذوي سلوك حسن من خارج الدائرة الايمانية.

 

وأنا على يقينٍ بأنّكم تشاركونني الرأيَ أن حلَّ غالبيّة الأزمات التي تعاني منها البشريّةُ يكمُن في الاحترامِ الفعليِّ لكرامةِ الإنسان –كلّ إنسان- وللحقوقِ المتأتّيةِ عَنها.

 

كرامةُ الإنسان هي هبةٌ مِن الخالقِ الكريمِ و"مُحبَّ البشر"، ما ينتجُ عنه أنَّها ليستْ مُعطاةً مِن قِبَل فردٍ أو جماعةٍ أو دولةٍ؛ فهؤلاءِ إمّا أن يعترفوا بها ويحترمونها٬ أو ينكرونها جُزئيًا أو كُلّيًا.

 

والحقوقُ المتأتّيةُ عن الكرامة الإنسانيّة كثيرةُ، أوّلُها حقُّ الحياة؛ فحياةُ كلِّ إنسانٍ هي مِن الله وبيدِه تعالى، ترجِع إليه عندما يستدعيها.

 

والحقُّ الثاني هو السلامةُ البدنيّة، ما يعني تحريمَ أيَّ شكلٍ مِن أشكالِ العقوباتِ الجسديّة.

 

والحقُّ الثّالثُ هو منظومةُ الحرّياتِ: حرّيةُ الفكرِ والضّميرِ والبحثِ والتعبيرِ والخَيارِ الحِزبيِّ والسّياسيّ٬ وبالطّبعِ الحرّيةُ الدينيةُ النّاتجةُ عَن حرّيةِ الضّمير. ولا تقتصر حرّيةُ الضٌميرِ على حريّةِ العبادة، بَلْ تتضمّنها، وتشمَل كذلك حريّةَ اتخاذِ القرارِ فيما يتعلّق بأمورِ الدّين والتعبّدِ الفرديِّ والجماعيّ٬ معَ احترام القوانينِ المدنيّة العادلةِ النَّاظمةِ لحياةِ المُجتمعات.

 

وهناكَ أيضًا الحقُّ في حياةٍ آمنةٍ كريمةٍ تشمَل البيئةَ النّظيفةَ والطّعامَ والشّرابّ والمأوى والرّعايةّ الصّحيّةَ والتّعليم٬ وغيرَ هذا.

 

غنيٌ عنِ القولِ أنَّ هذه الحقوقَ وغيرَها والتي أقرّتها المواثيق الدوليّةُ هي بكامَلها وفي كلِّ مكانٍ لجميع البشر، دونَ أي ِّ تمييزٍ على أساسِ العِرق أو اللونِ أو الدّينِ او الثّقافة.

 

أيَّدنا اللهُ تَعالى لنكونَ بعضُنا لبعضٍ إخوةً وأخواتٍ يُحبّون أحدُهم الآخرَ٬ ويحترمون كرامَته وحقوقَه٬ ويسيرون معًا بسلامٍ وأمانٍ وسكينةٍ على دروب الحياة٬ مبتغينَ وجهَ اللهِ ومشتاقينَ لرؤيَته.

 

ولكم منّي التقديرُ والمودّةُ والدُّعاء بكلِّ خير.