موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ١٣ مايو / أيار ٢٠٢٢
كلمة المطران جمال دعيبس خلال قداس استلام مهامه أسقفًا مساعدًا ونائبًا بطريركيًا للاتين في الأردن
المطران جمال دعيبس في قداس تنصيبه أسقفًا مساعدًا ونائبًا بطريركيًا للاتين في الأردن

المطران جمال دعيبس في قداس تنصيبه أسقفًا مساعدًا ونائبًا بطريركيًا للاتين في الأردن

أبونا :

 

معالي السيد رئيس الديوان الملكي الهاشمي السيد يوسف العيسوي، مندوب جلالة الملك،

غبطة البطريرك بييرباتستا بيتسابالا الموقر،

غبطة البطريرك فؤاد طوال الموقر،

أصحاب السيادة الاساقفة والاخوة الكهنة المحترمين،

حضرات رؤساء وممثلي الكنائس المسيحية في الاردن المحترمين،

معالي الوزراء المحترمين،

سعادة النواب والاعيان المحترمين،

سعادة السفراء وممثلي السفارات الصديقة،

الاخوة والاخوات فرسان القبر المقدس المحترمين،

الاخوة الرهبان والاخوات الراهبات الأفاضل،

الاخوة والاخوات الاكارم،

 

شكرا لحضوركم جميعا في هذا الاحتفال، هذا الحضور الذي يعني لي الكثير، فهو اكثر من كونه مجاملة أو قيام بواجب اجتماعي. هذا الحضور يعني بالنسبة لي اني محاط بمجموعة من الاخوة والاصدقاء والاحباء. هو قبولكم لي لأكون لكم اخا وصديقا ورفيق طريق، ممثلا البطريركية اللاتينية، في سيرنا معا من اجل خدمة الكنيسة والمؤمنين وخدمة هذا الوطن بكافة أطيافه ومكوّناته.

 

منذ تعييني نائبا بطريركيا في الأردن، كان لي شرف اللقاء بالعديد منكم، للتعارف ولتنسيق العمل والتعاون مع العديدين منكم. وقد رأيت كل تعاون واستعداد للخدمة. من ناحية أخرى، حاول الكثيرون تقييم ومعرفة هذا القادم الجديد. البعض رأى فيّ فلسطينيا والبعض الاخر رأى اني اصبحت اردنيا مواليا للاردن وقيادته. البعض رأى نائبا بطريركيا مبتسما، والبعض رأى فيّ شخصا حازما. البعض رأى رجل دين منفتحا على الآخرين، والبعض رأي فيّ شخصا متزمتاً. رآني البعض قريبا متفهما، والبعض بعيدا يصغي للبعض فقط.

 

وبما ان هنالك فرقا بين الطريقة التي يراني فيها الناس والطريقة التي أرى فيها نفسي، فانا أرى نفسي ابن البطريركية اللاتينية الاروشليمية، مساعدا لغبطة البطريرك، رجل دين يسعى على الرغم من ضعفه لخدمة الكنيسة والوطن. تمتد كنيسة البطريركية اللاتينية على طرفي نهر الاردن، فكنيسة الاردن هي كنيستي، خدمتها وأخدمها بكل فرح وحماس. وبما انني الآن أعيش واخدم في الاردن، فالاردن هو وطني، كما ان فلسطين هي وطني، ولا يستطيع احد ان يفرّق بين أخوة الوحدة والمصير، كالرئتين اللتين نتنفس بهما.

 

للأسقف مهام تطلب منه، أولها اعلان كلمة الله. أكان ذلك في التعليم او الكرازة او من خلال المؤسسات التعليمية التي تنتمي للكنيسة. في قرارات المجمع الفاتيكاني الثاني نقرأ: "على الأساقفة أن يبشروا الناس بإنجيل المسيح، في ممارسة مهمتهم التعليمية، هذه المهمة تسمو على غيرها من المهمات مهما علا شأنها". وانجيل المسيح هو انجيل خلاص وفرح وسلام. ان ننشر تعاليم الانجيل يعني ان ننشر احترام حياة الانسان وكرامته، يعني ان ندعو الجميع ان نعيش كأخوة واخوات، في تناغم وتعاون بين جميع المؤمنين والمواطنين، كما اعتدنا عليه في هذا البلد الحبيب. نبشر بانجيل المسيح في وقته وفي غير وقته، زارعين الرجاء في قلوب المؤمنين، خاصة لكل من يعاني في حياته وبدأ يفقد الرجاء.

 

والمهمة الثانية هي مهمة التقديس، أن اسعى لأقدس نفسي وانقل نعمة الله للاخرين. وهنا أكرّر ما قاله غبطة البطريرك في قداس الرسامة الاسبوع الماضي: " الآية من الرسالة الى العبرانيين " تَعَلَّمَ الطَّاعَةَ بِمَا عَانَى مِنَ الأَلَم " (عبرانيين٥: ٨) ، سوف يكون لها معنى جديد بالنسبة لك. ولن تضطر بعد الآن إلى تقديم الذبائح فقط من أجل خطايا الشعب (راجع عبرانيين ٥: ١) ، بل ستصبح أنت نفسك قربانًا، فتقرِّب نفسك كل يوم في الذبيحة الإفخارستية، من أجل حياة مجتمعك". كلمات صادقة تعطي معنىً للرسالة الموكلة اليّ.

 

أمّا مهمّة الرعاية، أي أن اكون راعيا لشعب الله في هذا الجزء من البطريركية، فهذه المهمة، على اهميتها وصعوبتها، تتطلب تكاتف الجهود، وبخاصة مع اخوتي الكهنة. اذا نجحنا ان نكون جسما كهنوتيا واحدا، قمنا بهذه الرسالة. الاسقف لا يستطيع ان يعمل بمعزل عن كهنته، فهم يداه ورجلاه في الرعايا والمهام التي يقومون بها. ولنتذكر جميعا ان يسوع المسيح هو الراعي الصالح الذي يبذل نفسه في سبيل خرافه. هو راعينا وهو مثالنا في العطاء والتضحية. مهمة الرعاية هي مهمة جماعية، نقوم بها معا، كل في مكانه وحسب مسؤولياته، كجسم كهنوتي واحد.

 

اخترت لسيامتي الاسقفية شعار "الرحمة والحق تلاقيا". وهو ليس مجرد شعار، بل هو مخطط متكامل. عند التأمل في هذه الاية من سفر المزامير، نتذكر ان الله هو الرحمة وهو الحق الذي ظهر لنا في يسوع المسيح. وما رسالتنا سوى انعكاس لرحمة الله وعنايته بالبشر. في عالم قاسٍ ينتشر به العنف والكراهية والمعاناة، لنعكس صورة الله الرحيم والمحب، الاله الذي خلقنا جميعا واحبنا وغفر لنا خطايانا. والرحمة تتلاقى مع الحق، ولا يمكن ان تكون مبنية على الكذب او الخداع او الغش. الحقيقة هي التي تحررنا، "تعرفون الحق، والحق يحرركم"، كما يقول السيد المسيح. فلنعكس في حياتنا رحمة الله وحقه.

 

اخوتي الكهنة، شكرا على محبتكم واستقبالكم لي كأخ يرافقكم في مسيرتكم. لنتشارك في حمل الرسالة بروح الاخوّة التي تعودنا عليها في كنيستنا. لنتابع المسيرة التي بدأها اساقفة ونواب بطريركيون سبقونا، ولنجعل مجد الله وخلاص النفوس نصب أعيننا.

 

اخوتي المؤمنون، عادة ما تطلبون الصلاة من كهنتكم ومن أسقفكم، اليوم أطلب صلاتكم للقيام بالرسالة التي أوكلها الله اليّ ولكي نسير معا لما فيه خير الكنيسة والوطن. واذكروا انكم مواطنون اصيلون في هذا البلد العزيز، يجمعنا الوطن الواحد والعلم الواحد والقيادة الهاشمية الواحدة. ونحن مؤمنون بالمسيح، نحمل رسالة الانجيل في حياتنا وفي تصرفاتنا.

 

تحية خاصة الى مختلف المجموعات والمؤسسات التي تعمل في الكنيسة. لنعمل معا ولنسر معا من اجل مجد الله وخير الجماعة. شكر خاص لفرسان القبر المقدس على عملكم وحضوركم اليوم.

 

الى الراهبات والرهبان المتواجدين في الاردن، اشكركم على صلاتكم وعلى عملكم، الذي يمنح رسالة الكنيسة غنى وانتشارا. ليبارك الله رسالتكم وعملكم.

 

 ان رسالة وعمل البطريركية اللاتينية في الاردن قد كان دائما لخدمة هذا الوطن العزيز بجميع ابنائه ومكوناته، وكان بتناغم وتعاون مع مؤسسات هذا البلد وقيادته. نشكر حضور كافة ممثلي مؤسسات الدولة. نجدد التزامنا بالعمل معكم، تحت قيادتنا الهاشمية وجلالة الملك عبدالله الثاني، وولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، لرفعة وطننا الاردن، ولنشر رسالة الاردن، التي هي رسالة الهاشميين، والعمل من اجل  "القيم السامية التي تحقّق خير الإنسانيّة قوامها وحدة الجنس البشري، وأنّ النّاس متساوون في الحقوق والواجبات، والسلام، والعدل، وتحقيق الأمن الشامل والتكافل الاجتماعي، وحسن الجوار، والحفاظ على الأموال والممتلكات".

 

ومع هذه البداية الجديدة للرسالة التي اوكلتها في الكنيسة، فاني اتوجه الى الله طالبا نعمته وعونه، لاننا بدونه لا نستطيع ان نعمل شيئا، ولان به يبدأ كل عمل صالح وفي يده حياتنا، له المجد ابد الدهور.

 

اسمحوا لي ان اختم بكلمات القديس بولس: "فلْيَعُدَّنا النَّاسُ خَدَماً لِلمسيح ووُكَلاءَ أَسرارِ الله،  وما يُطلَبُ آخِرَ الأَمرِ مِنَ الوُكَلاءِ أَن يَكونَ كُلٌّ مِنهُم أَمينًا. أَمَّا أَنا فأَقَلُّ ما علَيَّ أَن تَدينوني أَو تَدينَني مَحكَمةٌ بَشَريَّة، وانا لا أَدينُ نَفْسي، فدَيَّانِي هوَ الرَّبّ.