موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٢٢ يناير / كانون الثاني ٢٠٢٢
عظة بطريرك القدس للاتين بييرباتيستا بيتسابالا: الأحد الثالث من الزمن العادي، السنة ج 2022
الأحد الثالث من الزمن العادي، السنة ج (لوقا ٤: ١٤–٢١)

الأحد الثالث من الزمن العادي، السنة ج (لوقا ٤: ١٤–٢١)

بطريرك القدس للاتين :

 

يبدأ الفصل الرابع من بشارة القديس لوقا في البرّية ونستمع اليوم إلى الآيات ١٤– ٢١ حيث يجرب الشيطان يسوع. وبعد خروجه منتصراً من التجربة، يعود إلى الجليل (لوقا ٤: ١٤). ومن هناك يبدأ التبشير بالتحرير الّذي كان هو أوّل من اختبره في البرّية.

 

تتكلّم رواية يسوع في مجمع الناصرة تحديداً عن هذه البداية، وهي مهمّة بشكل خاص لكونها، إلى حدّ ما، مفتاح قراءة الإنجيل بكامله، وبيان لبرنامج يسوع، كالبذرة الّتي سوف تنمو مع مرور الوقت، ولكنّها تحمل في طياتها، بإيجاز، كلّ ما تبقّى من الرواية.

 

يتمّ اقتياد يسوع بالروح أوّلاً إلى الجليل، إلى المجامع المختلفة، وهي مراكز تجمّع الشعب، أي الأماكن الّتي يجتمع الناس فيها للصلاة ولإعلان كلمة الربّ. ولكن أيضاً، وببساطة، بهدف التلاقي معا. هناك يقود الروح القدس يسوع، حيث يعلن إتمام وعود العهد القديم كما وصفها النبي أشعيا.

 

يقوده الروح نفسه، فيَصِل إلى مدينته، المكان الذي نشأ فيه، حيث يُعرف باسم ابن النجار. هنا كعادته، وكما فعل في مجامع الجليل الأخرى، يذهب للصلاة ويلتقي بالناس، لكن شعبه لا يعرفه.

 

نتوقف عند اعتبارين.

 

الأول يتعلق بصعوبة التعرف عليه من قبل مواطنيه. كانوا يمجدونه في مجامع الجليل الأخرى (الآية 14)، بينما هنا في الناصرة كانوا مندهشين ومتأثرين، لكنهم لم يستطيعوا قبول الحقيقة في قلوبهم. بالنسبة لهم كان ابن النجار وهذا كل شيء.

 

الناصريون، مثل الفريسيين وكثيرين غيرهم في الإنجيل، على الرغم من أنهم رأوا، لم يتمكنوا من التعرف على الحداثة التي أتى بها يسوع. كانت قلوبهم مغلقة تجاهه. لقد انتظروا المسيح، لكنهم في الواقع لم يكونوا أحرارًا في قبوله، لأن فكرتهم المسبقة كانت أقوى من الشخص الذي كان أمامهم، وبالتالي صار عمل الروح مستحيلًا، وصعّب استعادة البصر والنظر إلى الحياة بطريقة جديدة. وكي نتمكن من الترحيب بيسوع، ورؤيته على حقيقته، يجب أن نكون صغارًا، وأن نصبح فقراء. أُعلنت لهم البشارة (لوقا 4:18 أرسلني لأبشر الفقراء). هؤلاء هم فقراء الإنجيل، القادرون على إفساح المجال للواقع الجديد، دون أفكار مسبقة. إنهم الصغار، الفقراء، أصحاب الحظوة، لأنهم قادرون على قبول الشفاء ويقرون بالحاجة إلى استعادة البصر، مثل الرجل الأعمى منذ مولده أو مثل سكان قرى الجليل، على عكس سكان الناصرة في ذلك الوقت.

 

الاعتبار الثاني كلمة "اليوم".

 

يتمّ هذا الإعلان اليوم. وهو ليس تذكاراً للماضي. اليوم. يتكلّم يسوع عن فقراء اليوم، يبشر فقراء اليوم لا فقراء الماضي.

 

ليس إلهنا مجرد إله الماضي، إله قام بأشياء عظيمة ونحن نستذكرها. وهو ليس إلهاً ننتظر أن يأتي في مستقبل غير محدد، أو مجرد أننا سنلتقي به وسنراه بعد موتنا.

 

اليوم والآن يقود الروح القدس يسوع إلينا. ولا شيء أبعد من روح الإنجيل مثل التأجيل المستمر إلى الأمس وخاصة إلى الغد: يجب أن يتم عيش الإنجيل اليوم، حتى لو كان يوما ضبابيا، وضيعا، ومعتما. إنه يبقى يومي، وفيه ألتقي بالله.

 

لذلك يجب علينا ألا نفقد الإحساس بالأشياء الّتي بين أيدينا. يعطينا الروح اليوم، من جديد، رؤية جديدة كي نرى العالم ونحبه بقلب جديد.

 

إنّ إلهنا يعيش في الحاضر. يمكننا من خلال هذا الوعي فقط أن نعيش حياتنا اليوميّة من دون اغتراب أو ملل.