موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ١٥ ابريل / نيسان ٢٠٢٠
عام على حريق كاتدرائية سيدتنا العذراء لباريس.. ترميم "نوتردام" تحت رحمة كورونا
في ذكرى مرور عام على اندلاع حريق كاتدرائية نوتردام في العاصمة الفرنسية، سيقرع الجرس الكبير لهذا المعلم الباريسي الشهير عند الساعة 20:00 من مساء الأربعاء بالتزامن مع اللحظة التي يقوم فيها الفرنسيون بالتصفيق للطواقم الطبية التي تعمل في الصف الأول لمكافحة فيروس كورونا.
كاتدرائية نوتردام

كاتدرائية نوتردام

الأناضول :

 

لا تزال كاتدرائية نوتردام في قلب العاصمة الفرنسية باريس تنتظر الترميم، رغم مرور عام على حريق ألحق بها أضرارًا بالغة.

 

ففي 15 نيسان 2019، اندلع حريق في مبنى الكاتدرائية ذات الشهرة العالمية، ويرجع بناؤها إلى العام 1163؛ وتعتبر من أفضل الأمثلة على فن العمارة القوطية الفرنسية.

 

وتمثل الكاتدرائية رمزًا من رموز فرنسا، ولم تتضرر رغم الحروب وغيرها من المتغيرات طيلة 857 عامًا.

 

وعلى مدار قرون، استضافت الكاتدرائية مراسم تتويج ملوك فرنسا، وازدهرت شعبيتها عالميًا بعد وقت قصير من نشر رواية فيكتور هوجو، "أحدب نوتردام"، عام 1831.

 

وتسبب الحريق في انهيار أحد أبراج الكاتدرائية، ويبلغ ارتفاعه 93 مترًا، إضافة إلى انهيار سقفها تمامًا، بجانب أضرار أخرى، أحزنت القارة الأوروبية وبقية العالم بقدر ما أحزنت فرنسا، باعتبارها جزءًا من التراث الإنساني.

 

تفشي "كورونا"

 

ورغم مرور عام على الحريق، لم تبدأ بعد أعمال ترميم الكاتدرائية؛ بسبب تفشي فيروس "كورونا المستجد" (كوفيد-19).

 

وأصاب كورونا حتى مساء الثلاثاء، 143 ألفًا و303 أشخاص في فرنسا، توفى منهم 15 ألفًا و529 شخصًا، بينما أصاب إجمالًا أكثر من مليون و990 ألفًا في العالم، توفى منهم ما يزيد عن 125 ألفًا، وتعافى أكثر من 466 ألفًا.

 

وكان من المقرر أن تبدأ أعمال الترميم بتفكيك سقالات كانت موجودة حول الكاتدرائية قبل الحريق من أجل أعمال ترميم دورية.

 

وصرح جان لوي جورجلين، وهو جنرال فرنسي يشرف على ترميم الكاتدرائية، في 5 كانون ثاني الماضي، بأنه يتعين إزالة السقالات بحلول منتصف العام الجاري، على أن يبدأ الترميم في العام المقبل.

 

ورغم إبداء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، رغبته باكتمال أعمال الترميم خلال 5 سنوات، إلا أن خبراء يرون أنه من الصعب إنجاز الأمر في هذه المدة.

 

وقال مدير مجموعة شركات ترميم الآثار التاريخية، فريدريك ليتوف، إن إعادة بناء وترميم الكاتدرائية سيستغرق بين 10 و15 عامًا على الأقل.

 

فيما أعلن رئيس الوزراء الفرنسي إدوارد فيليب، أن فرنسا ستنظم مسابقة معمارية دولية لاختيار أفضل شركات البناء لإعادة بناء أحد الأبراج المنهارة في الكاتدرائية.

 

حريق مجهول

 

ولم تتمكن السلطات الفرنسية حتى الآن من معرفة سبب نشوب الحريق بالكاتدرائية التاريخية.

 

وقال مكتب المدعي العام الفرنسي، عبر بيان في 26 حزيران 2019، إنه لم يتم التوصل إلى أي دليل لتحديد سبب الحريق. وأضاف أن الحريق ربما كان بسبب عطل في النظام الكهربائي بالكاتدرائية أو سيجارة لم يتم إطفاؤها بشكل جيد، مشددًا آنذاك على أن التحقيق ما يزال مستمرًا.

 

تبرعات للترميم

 

وسارعت شركات وشخصيات فرنسية بارزة إلى تقديم تبرعات سخية لترميم الكاتدرائية، التي كانت أحد أكثر الأماكن زيارة في أوروبا.

 

وتم جمع 834 مليون يورو، عام 2019، كتبرعات لصالح الترميم، فيما تعهدت مجموعة من الشركات بدفع 88 مليون يورو، وفق صحيفة "ليكسبريس" (L'Expresse) الفرنسية.

 

ومن أبرز الجهات المانحة هي شركة مستحضرات التجميل الفرنسية "لوريال" (200 مليون يورو)، و"توتال" (100 مليون يورو)، ومدير عام شركة "بويجس" للاتصالات، مارتن بويجس (10 مليون يورو)، والملياردير الفرنسي مارك لادريت دي لاشارير (10 مليون يورو)، وبنك "كريدي أجريكول" الفرنسي (5 مليون يورو)، وشركة "CapGemini" الفرنسية للبرمجيات (مليون يورو)، والعلامة التجارية الفرنسية الشهيرة "لويس فويتون" (200 مليون يورو).

 

13 مليون زائر

 

وتعتبر كاتدرائية نوتردام رمزًا للمسيحية في فرنسا، ويقع المبنى، الذي وضع بابا الفاتيكان حجر أساسه عام 1163، في جزيرة المدينة (إيل دو لا سيتي) في نهر السين بقلب باريس القديمة.

 

وسُميت الكاتدرائية باسم السيدة مريم العذراء، وتُعرف بأنها أحد أكثر الأماكن شعبية في فرنسا وأوروبا، لما تضمه من فنون معمارية مميزة.

 

وتضم الكاتدرائية، التي كان يزورها سنويًا نحو 13 مليون شخص، تمثالًا للسيدة مريم، إضافة إلى نوافذ ورود، وأجراس ضخمة، وأثاث من العصور الوسطى، وأعمال فنية عديدة.

 

وجرى تخليد ذكرى الكاتدرائية في رواية "أحدب نوتردام" (عام 1831)، للروائي الفرنسي الشهير، فيكتور هوغو، حيث تناول في الرواية أحداثًا تاريخية بارزة شكلت فيما بعد الهوية الوطنية لفرنسا.

 

وسبق أن أصيبت الكاتدرائية، التي يصفها الفاتيكان بأنها "رمز المسيحية في فرنسا" وموطن أبرشية باريس، بأضرار بالغة خلال الثورة الفرنسية (1789-1799)، وتم ترميمها عدة مرات عبر التاريخ.