موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الثلاثاء، ٣ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠٢٠
رفع المعنويات.. بقلم أشخين ديمرجيان

أشخين ديمرجيان :

 

يشعر الإنسان بالإرهاق في حالة الإفراط في العمل. ويشمل ذلك إجهاد المراكز العصبيّة في الإنسان. ويعود السبب إلى أنّه حمّل نفسه ما لا تُطيقها بعمل زائد وجهد متواصل، أو بسبب تراكم الهموم والغموم عليه.

 

والإرهاق هو ضريبة الحياة العصريّة كما أنّه ظاهرة إجتماعيّة تولدّت عن الظروف الصعبة التي نعيشها. وحينما يُصاب الإنسان بالإنهاك تتناقص مقدرته على العمل ويُنجز نصف ما كان يقوم به سابقًا وفي نفس الظروف، بسبب قلّة صموده ومقاومته. نرى الأجيال الحاضرة تعبة تعاني من الإرهاق. ولو زالت الآلات والأدوات لمات أفراد الجنس البشري جوعًا.

 

ومن عوامل توتّر الأعصاب القلق. يقول الدكتور "كوشيم" في هذا الصدد: "إنّ العوامل التي تثيرها الحياة العصريّة لا تفيد معها المعالجة بالمسكنات. وخير مثال على ذلك هو ازدياد محاولات الإنتحار في هذه الأيام، وبوادر الثورة عند الأطفال، وكثرة التنافر والإنفصال بين المتزوّجين، واليأس الذي يستولي على المتقدّمين في السن".

 

ويعلّل الطبيب "غاللو" أسباب هذا القلق: "هو انعدام السلطة في أساليب التربية، وبوار المبادىء الأخلاقيّة، باسم حريّة مزيّفة. ومن المبادىء الأساسية في علم الصّحة هو أنّ كلّ انسان لا يتغلّب على القلق، يموت مبكرًا".

 

يسبّب القلق توتّر الأعصاب وحدّة المزاج واضطرابات في القلب وقرحة المعدة وضغط الدم. واضطرابات الأعصاب تنشأ من توتّر العواطف والقلق والإحباط وغيره. كما أن قرحة المعدة تأتي ممّا تأكل قلوبنا ونفوسنا من هموم وكراهية ويأس وخوف.

 

أمّا الخوف الشديد أو الهلع الذي يصيب المرء في أثناء نومه، فيشعر وكأنّه يخنقه هو الكابوس كما نعلم. وإذا أصاب الكابوس الإنسان نهارًا يُصبح مرضًا نفسانيًّا، يُدعى "فوبيا". وهي كلمة يونانيّة معناها خوف مرضي. خوف ينهك أعصاب الإنسان نهارًا وليلاً، بسبب ما يرافق الخوف من قلق واضطراب. نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: فوبيا المرض. فوبيا الحرب الذي يدفع الشعوب إلى التسابق في التسلّح، فتطير اقتصاديات البلاد في سبيل شراء الأسلحة.

 

لقد هزم الطب جميع الأمراض التي تسببها الجراثيم. لكنه وقف عاجزًا أمام القلق والخوف والكراهية واليأس. وكلّ من يستطيع الاحتفاظ بالسلام الداخلي وطمأنينة النفس وسط ضجيج العالم لا يصاب أبداً بالأمراض العصبيّة.

 

خاتمة

 

إنّ الإنسان الذي يستسلم للقلق والمخاوف فهو عدوّ نفسه. لقد أعطانا السيد المسيح نصيحة لو عملنا بها ننجو من كلّ قلق وخوف: "تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والمثقلين (بالهموم)، وأنا أريحكم". ولكن كيف سيخلّصنا من مضار القلق والمخاوف؟ - "تعلّموا منّي إنّي وديع ومتواضع القلب، فتجدوا راحة نفوسكم".

 

وفي المجال الطبي صرّح يومًا الدكتور الشهير "كروكس" في معهد الطبّ في لندن: "مهما تكن مقدرة الطب وأفضاله، فكلّ ما يستطيع عمله هو تحفيز ما يُسمّى بالقوّة "الشفائيّة"، وبمعنى آخر إرادة الحياة أو ما يُدعى "رفع معنويات" المريض وإقناعه باللجوء إلى الله بالصلاة.