موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ٢٣ ابريل / نيسان ٢٠٢١
رافي سايغ يكتب في 106 عامًا على الإبادة الأرمنية: 24 نيسان.. الإبادة مستمرة

موقع أبونا / دمشق :

 

في هذا اليوم المقدس يتحد الأرمن في كل أنحاء العالم ليحيوا ذكرى شهدائهم الأبرار، ويصلون أمام النصب التذكارية التي تحتضن رفات أجدادهم، إنها الذكرى السادسة بعد المئة على أبشع جرائم العصر. إنها ذكرى الإبادة الأرمنية!

 

بعد مرور كل هذه السنوات يسأل البعض ماذا بقي من القضية؟ وأين أصبح الأرمن اليوم وسط كل هذه التحديات التي تواجههم؟

 

الجواب بسيطٌ بالنسبة لنا، فالقضية هي نفسها ونحن لم ولن نتعب من حملها، فقضيتنا هي قضية حق وحقوق، والحق يحرر كما قال السيد المسيح، فكلما مرت السنوات وكثرت علينا نقوى ويزداد الإيمان لدينا بعدالة قضيتنا. فالذكرى هي روح الشعب الأرمني، ومن أجل هذه الذكرى ننتصر للحياة في كل أيام السنة. لأن كل يوم جديد نعيشه هو بمثابة فرصة لننهض من جديد ونشهد لجمال الحياة، وأيضاً لنحمل صليب قيامتنا.

 

نعم صليب قيامتنا، فالقيامة عندنا بعد كل ما عانيناه هي حتمية، لاسيما أننا أبناء شعب أول دولة اعتنقت المسيحية في عام 301 فكيف لا نعيش القيامة في كل تفاصيل يومنا ومعلمنا هو السيد المسيح القائم من بين الأموات وقاهر الموت؟ ودماء أجدادنا المقدسة هي لنا الحافز لنتذكر أننا نحن الشعب الذي يعشق الحياة والقيامة. فهل نخون هذه الدماء؟ بالطبع لا.

 

في هذه الذكرى وفي كل ذكرى سنبقى نحمل الوعد فطريقنا واضح، والقيامة مصير كل شعب حر.

 

بالأمس هُجرنا من أرمينيا الغربية، وخرجنا ونحن نحمل أغانينا وذكرياتنا الغالية، وبيوتنا تنهب وأراضينا تسلب مننا، وخسرنا كل شيء إلا إيماننا الأرمني الذي ورثناه من أجدادنا وحملناه معنا كوديعة غالية، وبهذا الإيمان اكملنا من لا شيء حياتنا وكانت البداية، بداية البناء والحياة الجديدة. في بلاد أصبحت بلادنا شهدنا لتاريخنا ولثقافتنا، وبالوفاء لشعوب طيبة رسمنا أيامنا وجعلنا العمل عنوان لنا، هذا هو تاريخنا وهذه هي سماتنا. وبالرغم من كل هذا السلام الذي نعيشه كان لا بد لأحفاد الظلام أن يعكروا صفوا الحياة مرة جديدة ويشهدوا لتاريخهم الأسود! آرتساخ جرحنا النازف الجديد، وعلى نفس الأيدي العفنة كانت الحرب البائسة! بصمت رهيب يشبه ما عاشه أجدادنا شهدنا على فظاعة المشاهد الحزينة. اجتياح واحتلال وقتل وضرب ونهب ودمار، تدنيس للكنائس، كل هذا كان من نصيب شعبنا الأبي في آرتساخ والإبادة مستمرة.

 

فما أشبه اليوم بالأمس، فهل من مكان للسلام وسط كل هذا الحقد؟ فعندما نطالب المجتمع الدولي وننادي بالعدالة، نحن نعرف وكلنا ثقة أن عدم محاسبة الجناة عن أفعالهم في الماضي يفتح ذلك الباب أمام صنع فظائع جديدة! فهل من يسمع ويشهد للحق؟

 

فمن غير المقبول ان تتدعي بعض الدول أنها ترعى الحرية وتضمن حقوق الشعوب ، والشعب الأرمني يعاني من جديد بعد مرور كل هذه السنوات على الإبادة.

 

من أجل هذا نرفع الصوت اليوم عاليًا لتحيا الانسانية بسلام، وهذا السلام سيبقى ضعيفًا اذا لم تكن العدالة حاضرة في تاريخنا، ولا بد من أن نشهد لهذه اللحظة، لحظة تحقيق العدالة. فدماء الضحايا البريئة لن ترحم، لا هي ولا صرخات أطفالنا ودموع أمهاتنا وهم يسيروا في قوافل الموت نحن المستقبل المجهول.

 

ماذا نريد اليوم؟ الأرمن مع الاعتراف الكامل من قبل تركيا بالإبادة ، وإعادة الأراضي المحتلة كافة للشعب الأرمني والتعويض عن كل الخسائر التي لحقت بنا خلال كل هذه السنوات ،وان تتوقف سياسة الانكار وتشويه الحقائق وتزوير التاريخ.

 

شهداؤنا الأبرار، ارقدوا بسلام. فنحن سنبقى على الوعد وسنبقى ننقش على الحجر صلباننا الأرمنية، وسوف تعلوا الصلوات من كنائسنا وستبقى حناجر أطفالنا تنشد في مدارسنا أغاني السلام والمحبة. هذه هي قضيتنا وقضيتنا ليست ملكنا وحدنا بل هي ملك لكل الشعوب الحرة والذكرى ستبقى في ذاكرتنا إلى حين إحقاق الحق والعدالة، ولحينها في هذا اليوم وفي كل الأيام القادمة نجدد العهد بمتابعة النضال لتبقى القضية كما هي مقدسة، ونسلمها لمن يأتي بعدنا.

 

المجد والخلود لشهدائنا الأبرار.