موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
الاراضي المقدسة
نشر السبت، ٢٤ يوليو / تموز ٢٠٢١
رافي سايغ يكتب: شهادة الشبيبة في الكنيسة
هذه الكلمات بالرغم من الظروف القاسية الا انها تولد من الرجاء للشبيبة

رافي سايغ :

 

كثيرًا ما نسمع هذه الأيام عن دور الشبيبة في حياة الكنيسة والمجتمع، فالبعض بدايةً عندما يسمع عن هذا الموضوع يشعر بأن هذه الكلمات ستكون مستهلكة لا وبل مملة للغاية.

 

غالبًا ما يذكر قداسة البابا فرنسيس الشبيبة في كلماته ورسائله، ومن أجلهم قام بإطلاق سينودس خاص قبل عدة سنوات للتركيز على دورهم، وبذلك لفت الانتباه على قيمة كل شاب وشابة في حاضرنا. فلماذا كل هذا التركيز منذ سنوات قريبة ولغاية اليوم، وما هي التحديات التي تواجه الشبيبة في الشرق الأوسط؟

 

لا شك أن الكنيسة في الشرق الأوسط تعيش أيام استثنائية، بداية من الظروف التي نعانيها جراء انتشار فيروس كورونا، وأيضًا من الظروف التي انتجتها الحروب الدائرة في بلادنا.

 

للشبيبة الآن دور أساسي في حاضرنا، فالأنظار كلها تقع على ما قد يقدمه الشباب من حلول لمشكلات المجتمع الكثيرة من خلال العلوم والتكنولوجيا. فأين شبيبتنا من كل ما يحصل اليوم، وهل لها دور منتظر قد تقوم به؟

 

عندما نتحدث عن دور شبيبة الكنيسة، ننتظر دور ينبع من رسالة المسيح والمكان الطبيعي لكي تنمو هذه الرسالة هو الكنيسة!، فهل الأبواب مشرعة أمام الشبيبة، أو عدم القراءة الصحيحة لواقعنا هو ما يغلق الأفق أمامها لتنطلق من الكنيسة في خدمة المجتمع؟

 

شهادة الشبيبة في الكنيسة!، لتكون شبيبتنا شاهدة علينا أن نكسر كل الحواجز التي تقف أمام تحقيق نمو أفكار الشبيبة وتطبيقها، والسؤال الكبير الذي يطرحه معظم الشباب اليوم هو: قبل أن يطلب مننا أي شيء من قبل الكنيسة، أين تقف الكنيسة من آلامنا؟.

 

 وهذا لا يزيل المسؤولية عن كاهل الشبيبة او الكنيسة، بل على العكس يجب أن يفتح باب الحوار الذي يخلق مساحة لمعرفة الصعوبات والتحديات المشتركة الحالية.

 

فالكنيسة في بعض المناطق أهملت هذا الجانب من ناحية دعم ومواكبة الشبيبة في تطلعاتها، وهي اليوم تتألم لما غفلت عنه في السابق. وهذا لا يمنع الشبيبة أن تبادر من جديد للنهوض والعمل والعطاء، فالكنيسة حاضرة في حياتنا كشبان من خلال المسيح الذي يمنحنا الرجاء بالرغم من كل آلامنا، ولهذا يجب أن يسمع كل شاب وشابة كلمات الإنجيل، فالأيام القاسية التي نعيشها في هذا المشرق تفرض علينا القيام بدور أكبر من ما قد نظنه. وعليه علينا أن لا نفقد لمسة الرجاء في حياتنا خاصة عندما تكون الكنيسة بعيدة عنا ومنشغله بأمور أخرى. وبالطبع هنا عندما نذكر الكنيسة نقصد من توكل إليهم الأمور الإدارية فيها، لأن الكنيسة مقدسة وشابة لا تقبل أن تبقى بعيدة عن الإنسان بل على العكس هي حاضرة من أجل كرامة الإنسان في كل مكان.

 

الكثير منكم يواجهوا اليوم الإحباط نتيجة هذا التهميش المفروض وهو مؤقت، ومع هذا السواد تتميزوا أنكم أنتم نور العالم ببساطة، ومن يرفضكم يبقى بالظلمة ولا ينمو. فالإنجيل يعلمنا انه عندما خرج الزارع ليزرع نهض ومشى بين الاراضي المتنوعة ليزرع ولم ينتظر إن كانت البذار الملقاة على الصخر ستنبت او ستموت، بل أكمل الزراعة لغاية ما وصل للأرض الطيبة التي فيها نمت البذار وأعطت ما ينتظره الزراع ، وهكذا أنتم لا تملوا وأنتم تبحثوا عن الارض الطيبة التي فيها تنموا وتثمروا وتعطوا بوفرة.

 

فجهودكم الفردية لا تقل أهمية عن جهودكم كجماعة،  لأن بعض الظروف قد تفرض عليكم أن تتفرقوا، ولكن كل شخص منكم يحمل في داخله بذار العمل والخدمة. فاخلقوا أنتم هذه الارض الطيبة لتزرعوا وتحصدوا بأسلوبكم المميز.

 

وتذكروا أن المسيح بدوره شاب مثلكم، تألم وعانى وحزن على حال الهيكل وغضب بالمقابل وقلب الموائد وطرد كل من لا يعمل بعدل ومحبة، لأن الغيرة على بيت أبيه اكلته قام ونهض وطهر، وكذلك أنتم لا تسمحوا أن تُسلب منكم غيرتكم على بيت الرب، فعملكم هو الشهادة على أنكم أبناء هذا النور الذي أشرق من بلادنا من أجل كل الفقراء والمهمشين.

 

وشهادتكم بالعمل هي الأمل الكبير لكل من يسعى أن تبقى هذه الكنيسة حية ومتجددة ، لهذا لا تتعبوا، وارفضوا اليأس الذي قد يسلب حماسكم. لأن العمل كثير والحصاد كثير لا وقت للكسل او حتى الشعور بالفشل فنحن شباب قيَامون.

 

تحملون في قلوبكم شعلة نور ساطعة لا تنطفئ مهما اشتدت الرياح عليكم، فأنتم تشرقوا من جديد بعد كل عاصفة وكأنكم تولدوا الآن. فرسالتنا هي أن نكون في كل مكان، مهما قبلكم أو رفضكم البعض وتذكروا كلام المسيح للتلاميذ عندما طلب منهم أن ينفضوا الغبار عن أقدامهم عندما رفضهم البعض، لأن المسيرة امامهم طويلة ومليئة بالعمل لم يفكروا بهذا الرفض بل تابعوا رسالتهم. فمن أجل خير أخينا الأنسان تكون جهودنا دائمًا متظافرة، وسنبقى نمد الجسور كأفراد او كجماعات لنؤكد على أننا خير من يحمل رسالة المسيح. فالتينة اليابسة تكسر وتحرق وترمى في النار، أما أنتم جذوركم متينة وتعملوا وكما أنكم قلب واحد وبهذا ترسموا حاضر ومستقبل كنيستنا الفاعلة في المجتمع، ومن هذا الدور المركزي تنطلقوا في شهادة العمل، وتتجدد الكنيسة بكم وتبقى مقدسة وبيت يتسع للجميع.