موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الثلاثاء، ٢٠ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢٢
جسد وقيامة المسيح: تجسد وقيامة الاخلاق في العالم!
جيزل فرح طربيه

جيزل فرح طربيه

جيزل فرح طربيه :

تجسد الرب يسوع المسيح، آدم الثاني، في ملء الزمن ليخلص العالم من الخطيئة.

 

هذه الخطيئة جاءت بسبب عصيان آدم الاول الذي اختار أن يأكل من شجرة معرفة الخير والشر. أي أنه سلط نفسه مرجعا" بدل الله: هو الذي يحدد ما هو الخير وما هو الشر وليس الله. فكان سقوط الانسان.

 

وهذه تبقى معضلة عالمنا المعاصر.

 

في الحقيقة لا وجود للأخلاقيات بمعزل عن الحق المطلق الذي مصدره الله.  كل من ينفي وجود هذا القانون الالهي عليه أن يفتش في مكان آخر: قد يقول انه المجتمع أو العادات والتقاليد أو الدولة أو الحاكم المتسلط... وبالتالي عليه أن يتحمل نتائج هذا الاختيار. كل هذه النظريات البديلة تدعي أن القانون الاخلاقي هو من صنع الانسان، إذن لا وجود لقانون مطلق للأخلاق وعلى الشخص أن يقرر هذا القانون لنفسه أو أن يوكل أشخاصا آخرين كي يختاروا له ما هو الخير وما هو الشر الاخلاقي.

 

في الحقيقة هذا الرفض للحق المطلق في مجتمعاتنا يزعزع كل استقرار أخلاقي من أساسه. لانه ينتج حقائق وقوانين أخلاقية نسبية ومجتزأة.  هذه النسبية الاخلاقية تقول أن كل شيء مفيد هو جيد أخلاقيا".

 

في هذا السياق يبرر مؤيدو اليوجينيا Eugenisme مثلا" إبادة المجروحين في ذكائهم أو من لديهم إعاقة جسدية بحجة أخلاقية هي تحسين الجنس البشري. أو يبرر مؤيدو الموت الرحيم Euthanasie السماح بقتل الناس بحجة أنهم أخلاقيا يحترمون خيارهم الحر ورغبتهم بالتخلص من الحياة.

 

لقد سبق وحذر البابا فرنسيس مرارا" من النسبية هذه وقال أن الحرية الدينية وحرية الضمير تواجهان اليوم أيديولوجيتين متناقضتين لكنهما خطيرتان: النسبية العلمانية والراديكالية الدينية.

 

ما نريد قوله أن القوانين الاخلاقية لا تأتي من الضمير لكن الضمير يفترض مسبقا" قانونا" مطلقا" . الضمير ليس قانونا" في ذاته لانه ليس مستقلا وقائما في ذاته. إن تكوين الضمير يتأثر بعدة عوامل متأتية معا"من تركيبته ومن محيطه التي تؤدي غالبا الى رؤية ملتوية للقانون.

 

وحده القانون الالهي المطلق يمكنه تصحيح هذه الرؤية. كيف يكون ذلك؟ بتضافر جهود المكرسين والعلمانيين معا" وبالتجذر في الايمان الرسولي والقيم الانجيلية. هذا الامر يتعذر في المجتمعات المستغنية عن الله والحق المطلق والمكتفية بذاتها.

 

يا ليتنا في زمن الميلاد نجدد أوراق إقامة المسيح، رئيس السلام، في أوطاننا وفي قلوبنا كي يملك على حياتنا فتصطلح أحوالنا ويكون لنا سلاما" مع الله.

 

لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْنًا، وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ، وَيُدْعَى اسْمُهُ عَجِيبًا، مُشِيرًا، إِلهًا قَدِيرًا، أَبًا أَبَدِيًّا، رَئِيسَ السَّلاَمِ. (إش ٩: ٦)

 

ولد المسيح هللويا!