موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ٩ مارس / آذار ٢٠٢١
الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تحيي مرور 50 عامًا على رحيل البابا كيرلس السادس
تصوير: مرقص اسحق

تصوير: مرقص اسحق

أبونا :

 

ترأس البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية للأقباط الأرثوذكس، صباح اليوم الثلاثاء 9 آذار 2021، في دير الشهيد مار مينا العجائبي بصحراء مريوط، غرب مدينة الإسكندرية الساحلية، القداس الإلهي احتفالاً باليوبيل الذهبي لرحيل البابا كيرلس السادس، مؤسس الدير والبابا الـ116 في عداد بطاركة الكرازة المرقسية، إلى ديار النور.

 

ولد البابا كيرلس في 2 آب 1902. سيم راهبًا عام 1928، وقسًا عام 1931. انتخب بالقرعة الهيكلية ليصيح بابا الإسكندرية فرسم في 10 أيار 1959. انتقل إلى الديار الأبديّة في 9 آذار 1971. نقل جثمانه لدير الشهيد مار مينا العجائبي، وفقًا لوصيته. وبعد مرور 43 عامًا على رحيله، وتحديدًا في العام 2013، منحه المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية لقب "قديس"، ليعطي الاعتراف محبيه إمكانيّة بناء الكنائس على اسمه، وذكره في مجمع القديسين.
 

ثلاثة ملامح رئيسيّة

 

وقال البابا تواضروس الثاني في كلمته: "البابا كيرلس ظاهرة روحية منيرة في تاريخ كنيستنا، والبابا كيرلس عندما استمعنا إلى سيرته في السنكسار وكيف أنه في سن 25 سنة اتجه للرهبنة ولم تكن أحوال الأديرة في ذلك الزمن مثل ما هي الآن، وترهب في دير البرموس في وادي النطرون، ثم لظروف كثيرة وصل إلى منطقة الطاحونة بمصر القديمة وعاش فيها فترات كثيرة، وبدأ يخدم كل المتجهين إليه".

 

أضاف: "اختارته العناية الإلهية ليكون البابا الـ116 بعد فترة عاشتها الكنيسة في متاعب كثيرة سواء على مستوى الكنيسة أو الوطن، واختارته العناية الإلهية ليكون روح سلام في الكنيسة. بدأ حبريته بأن تكون أثيوبيا كنيسة ذاتية غير مرتبطة بالكنيسة القبطية، وصار هناك اتفاق أن تستقل الكنيسة الأثيوبية، ومن يومها بدأ البطريرك الأول في أثيوبيا، وحاليًا أبونا متياس البطريرك السادس".

 

ووضع البابا تواضروس ثلاثة ملامح رئيسية لحبرية البابا كيرلس التي استمرت 12 عامًا، جاء فيها:

 

1. محبة السماء: كان منذ رهبنته محبًا للعزلة وأن يعتكف وأن يكون مع الله وحده. صنع هذا قبل وبعد الرهبنة، وأيضًا في البطريركية. كان الواضح في هذه الشخصية محبة السماء والسمائين، لذلك كان يقضي أوقاتًا طويلة في الصلوات وقراءة سير القديسين واختباراتهم، وكان يقضي وقتًا طويلًا في الدير. ومحبة السماء تجعل سلوكيات الإنسان مباركة ومقدسة. كان إنسانًا محبًّا للسماء وفكر السماء كان يشغل عقله وقلبه. والمعجزات التي كانت تصنع على يديه كانت بسبب صلته القوية بالسماء، فالإنسان لا يستطيع أن يصنع شيئًا في ضعفه، ولكن إن وجد تعضيدًا من السماء تصبح حياته قوية. عاش البابا كيرلس رغم كل المتاعب التي تعرض لها من الداخل والخارج، والمتاعب التي تأتي من الداخل تكون أكثر مرارة من التي تأتي من الخارج، ولكن السماء تسند وتقوي وتشهد على الدوام. إنّ احتفالنا اليوم ليس مجرد ذكرى، إنما لنجدد عهودنا مع السماء على مثال البطريرك القديس الذي عاش قريبًا جدًا من السماء وهو على الأرض.

 

2. صداقة القديسين: ارتبط بالشهيد العظيم مار مينا وحمل اسمه وعاش في مكانه وعمّر هذا المكان على اسمه، وصار هناك رباط قوي بين قديس وشهيد من القرن الرابع الميلادي والبابا كيرلس في القرن العشرين، وارتبط الاسمان معًا في صحبة قوية، في الأيقونات والمعجزات والعمل. كما صادق أمنا العذراء مريم وكان قريبًا منها، ففي زمنه ظهرت أمنا العذراء عام 1968، وكانت بلادنا آنذاك في أزمة خطيرة بعد حرب 1967، لكي تمنح سلامًا وهدوءًا لبلادنا وكنيستنا. كما صادق أيضًا القديس مار مرقس بحكم منصبه، هو خليفة القديس مرقس، ففي زمنه كانت الفرحة الكبيرة بعودة ذخائره التي خرجت من مصر منذ قرون، بسبب العلاقة القوية بين الكنيسة القبطية والكنيسة الكاثوليكية في روما. وكانت حادثة هامة في تاريخ كنيستنا ومعها اُفتتحت الكاتدرائية المرقسية بالعباسية بالقاهرة ووضع فيها الجسد في مزار خاص موجود حتى الآن.

 

إنّ هذه الصداقة مع القديسين التي نسميها الشفاعة هي إحدى الملامح الرئيسية في كنيستنا القبطية الأرثوذكسية. علاقتنا بالقديسين علاقة حية ودائمًا ونسمي أولادنا وكنائسنا على أسماء القديسين. ومن الأسئلة الشائعة في التقليد القبطي أن أسالك عن شفيعك، وهذا ما يعبر عن علاقتنا القوية ليس في الكنيسة على الأرض بل بالكنيسة في السماء، هذا القديس كان وثيق الصلة بالسماء وكان له علاقة قوية بالقديسين.

 

3. الرعاية الكاملة للمؤمنين: اهتم بالرعاية من خلال باب التعمير وباب الامتداد خارج مصر. فبنى الدير هنا وأصبح مقصدًا للحياة الروحية، بنى الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، وعمّر الكاتدرائية بالأزبكية، وعمر في أماكن كثيرة لتصير مواقع مقدسه يلتجئ إليها المؤمنون، وهذا نوع من الرعاية. وبسبب هجرة الأقباط إلى الخارج، أخذ على عاتقه إرسال كهنة لخدمتهم. ففي الكويت تأسست أول كنيسة لنا خارج مصر عام 1962، بعد السودان والقدس. وتكرر المشهد عام 1964، حيث سيم أول كاهن قبطي في أميركا الشمالية. ثم كنيسة ثالثة في الولايات المتحدة عام 1968، واستراليا عام 1969، وأنجلترا لتكون أول كنيسة في القارة الأوروبيّة. ففي حبرية هذا القديس تمت زراعة الكنيسة القبطية في خمس مناطق تمثل قارات العالم، وفي حبريته امتدت الكرازة بهذه البذار الخمسة، وهذا يظهر كيف تتفاعل كنيستنا مع الحدث.

 

وخلص البابا تواضروس الثاني في كلمته خلال القداس الإلهي بمناسبة اليوبيل الذهبي لنياحة البابا كيرلس السادس، إلى القول: "نحن نشكر الله الذي أتى بنا لهذه الساعة المقدسة، وأنه يوجد في كنيستنا هذا القديس العظيم، ونطلب صلواته وشفاعته من أجلنا جميعًا، لكي ما يرافق طريقنا ويكمل مسيرة حياتنا ويعطينا أن نعيش ونتمتع بصداقة القديسين، لإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد آمين".

بانوراما "صديق الملائكة"

 

كما افتتح البابا تواضروس الثاني بانوراما "صديق الملائكة" للقديس كيرلس السادس، بدير الشهيد مار مينا العجائبي، وهي مجموعة من الصور الفوتوغرافية التي تؤرخ للأحداث والمحطات الهامة في حياة القديس البابا كيرلس السادس، منذ طفولته وحتى نياحته.