موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ٢٣ مايو / أيار ٢٠٢٢
الكنيسة الأرثوذكسيّة في الأردن تحتفل بعيد الاستقلال

مطرانية الروم الأرثوذكس :

 

أقامت كنيسة الروم الأرثوذكس، الأحد، صلاة المجدلة الكبرى، احتفالًا بعيد الإستقلال السّادس والسبعين للمملكة الأردنيّة الهاشميّة، وذلك بعد انتهاء القدّاس الإلهيّ الذي ترأسه المطران خريستوفوروس، في كنيسة دخول السيّد إلى الهيكل في الصويفيّة، حيث رفعت الصلاة ابتهالًا لله "ليحفظ وطننا الحبيب الأردن، وقيادته الهاشميّة الحكيمة، وحكومته الرشيدة وشعبه الأمين".

 

وشارك في الخدمة الأرشمندريت فينيذكتوس كيّال، والأرشمندريت خريستوفوروس حدّاد، والأرشمندريت سابا الحورانيّ، وعدد من الكهنة والشمامسة، بحضور العميد د. عبدالله غنما ممثلًا هيئة الأركان المشتركة، والعميد الركن طارق عازر ممثّلًا مدير الأمن العام، وعدد من كبار ضبّاط القوّات المسلحة الأردنيّة، الجيش العربيّ والأمن العام، والسفيرة اليونانيّة في الأردن لفيثيريا قالاثييناكي، والسفير القبرصيّ ميخائيل، وعدد من الدبلوماسيين ووزراء وشخصيّات رسميّة وعامّة وسط جمهور المؤمنين وأبناء الرعيّة.
 

وفيما يلي كلمة المطران خريستوفوروس:

 

إنّها لَبَرَكَةٌ عَظيمَةٌ أن نَجتمعَ اليومَ لإقامةِ ذِكرى استقلالِ بلدِنا العَزيزِ السّادسِ والسَّبعين، مُستذكرينَ إنجازاتِ آبائِنا وأجدادِنا الذين أسّسوا دَولتَنا الأردنيّةَ قَبلَ عَشَرةِ عُقود وضعوا خِلالَها استقلالَ البلادِ هَدفًا ونَهجًا، وكأبناء وأحفادٍ للذين سَبقونا نستذكرُ كلَ ما بَذَلوه من أجلِ رِفعةِ هذا البلد، من دِماءٍ زَكيَّة روَّت تُرابَهُ وأرواحًا طاهرةً عَطَّرت سَماءَه.

 

اليَومَ ونَحنُ نُصلّي إلى الله عزَ وتَمَجَّدَ اسمُهُ، وأمامَكم وأنتم كَوكبةٌ تُمثلُ جَيشنا العَربيَّ البَاسل، تُمثلُ قُواتِنا المُسلَّحَةَ الأردنيّة، تُمثلُ أجهزَتَنا الأمنيّةَ، نقول: إنّ إستقلالَ مَملكَتِنا ليسَ يَومًا إحتفاليًّا فَقط، بَل هو نَهجٌ نَعيشُهُ يَوميًّا، لا بَل مُترجِمينَهُ في أعمالِنا وتَعامُلِنا، في إنتَاجِنا وإنجازِنا، في تَعلِيمِنا وتَعَلُّمِنا، في أمنِنَا ودِفاعِنا، في كُلِّ مَناحي حَياتِنا.

 

أولادي وبناتي إخوتي وأخواتي، شَاءَتِ الأقدارُ أن نَخوضَ مَعَ وطنِنا ظروفًا إقليميَّةً وسياسيّةً صَعبةً، إلا أَنَّنا طَوَيناها وتَقدَّمَنا، بإصرارِ الشَعبِ الوَفيِّ نَحوَ المَزيدِ من الازدهار والاستقرار، طويناها وتَقدَّمنا بِحكمَةِ مُلوكِ بني هاشمٍ الأخيار وحُكمِهم الرّشيد، لهذا تطلُعُ علينا شمسُ الاستقلالِ وكُلُنا قناعةً باستقرارنا وأمنِنا وإحترامِ العَالمِ للنَّموذَجِ الأردنيّ في مِنطقةِ الشّرقِ الأوسطِ وللإنسانِ الأردنيّ في كلِّ العالمِ أينما حَلّ.

 

نَحنُ اليومَ ومن هذهِ الكنيسةِ الرّوميَّةِ الأرثوذكسيَّةِ نَستَذكِرُ الأجدادَ والآباءَ قَبلَ مِئة عَامٍ وفي مُقدِّمَتِهم المُثلَّثِ الرحماتِ بَطريرك القُدس ذِميانوس، الذي بايعَ الأميرَ الهَاشميَّ أمينًا على نفوسِ العِباد وعلى مُقدَّساتِ وأوقافِ المَسيحيّينَ والمُسلمين، ومن قَبلهِ المَغفورِ له الشريفُ الحُسين بن علي مَلك العرب، وهو الذي أَنشأَ العَلاقةَ الهَاشِميَّةَ التّاريخيَّةَ الوطيدَةَ بالكنيسةِ الأمِّ صَاحبةِ الأرض، بَطريركيَّةِ الرُومِ الأرثوذكسِ المَقدسيَّةِ التي هي المُؤسَّسَةُ الأولى في بلادِنَا المُقدّسَة، حيث كان أَوَّلَ أُسقفٍ عليها القدّيس يعقوب أخو الرَّبِّ سنةَ 33م، وتوالى على كُرسيِّها المَقدسيّ 141 بَطريركًا حتى يومِنا هذا، ليأتي الاستقلالُ في عَامهِ السّادس والسّبعينَ شَاهِدًا على دَيمومةِ قِصَّتِنا الأردنيّة، كَيفَ لا والوَصيُّ على أوقافِنا ومُقدَّساتِنا المَسيحيَّةِ والإسلاميَّةِ صَاحبُ الجلالةِ المَلك عبدالله الثّاني مُستمرٌ في تَحمُّلِ مَسؤولياتِهِ التّاريخيَّةِ تِجاه البلادِ والعِباد وتِجاهَ القِيامةِ والأقصى. نحنُ اليومَ هُنا مُصلّينَ ومُحتفلينَ بَينما تُقامُ أعمالُ التّرميمِ في أرضياتِ كنيسةِ القيامةِ بِدعمٍ وتَبرعٍ مِن جَلالة المَلك المُفدّى، ومِن قَبلُ أيضًا تَرميمُ قَبرِ السّيّدِ المَسيحِ في كنيسةِ القيامة.

 

ضُيوفَنا والحاضِرينَ جَميعًا، أعيدُ على مَسامِعِكُم ما خاطبتُكُم بهِ سابِقًا وأزيدُ أنَّنا نَقِفُ على مَشارِفِ المِئويةِ الثّانيةِ مِن عُمرِ دَولَتِنا مُفتخرينَ بِما قدَّمَ المَسيحيُّونَ في هذا البلدِ مَعَ إخوَتِهِمِ المُسلِمينَ في مُعظَمِ مُؤسَّساتِ الدَولةِ العَسكريَّةِ مِنها والمَدنيَّةِ وفي القِطاعاتِ كُلِّها بِلا استثناءٍ، مُعمِّرينَ يَدًا بيدٍ دَولةَ الدِّيمقراطيَّةِ والتَعدُّديَّةِ والمُساواة، مُحافِظينَ على وَحدَةِ مُجتَمَعِنا الأردنيّ بِقِيَمِهِ ومَبَادِئِهِ، عامِلينَ خلفَ قيادَتِنا لِصَونِ استقرارِ الأردنِّ ومَصلَحَتِهِ العُليا، مُستَبشِرينَ الخيرَ وناظرينَ مُستَقبَلًا مُشرِقًا لِدَولَتِنَا بمعونةِ الله، الذي نَضرعُ إليهِ أن يُظلِّلَ بِعِنَايتِهِ الإلهيَّةِ بِلادَنَا المُقدَّسَةَ ويَحمِيها مِن جَميعِ الأعداءِ المنظورينَ وغيرِ المنظورين.

 

أحِبَّتَنا العَسكريّين أبناءَ الجَيشِ العَربيّ والأجهزةِ الأمنيَّةِ الذينَ بِحضورِكُمُ اليومَ بَينَنا اكتَمَلَتِ الصُّورَةُ الأردنيَّةُ المُشِعَّةُ، صُورَةُ وَحدَتِنا مَدنيّينَ وعَسكريّين. إيمانُنا بالله وَحدَهُ ووَلاؤنا للقِائِدِ الأعلى حَماهُ الله ورَعاه.

 

وبِكُلِّ فَخرٍ واعتزازٍ ننتَهِزُ هذه المُناسبةَ لتجديدِ مُبايَعَتِنا ووَلائِنا والتِفَافِنا حولَ قِيادَةِ جلالةِ المَلكِ الحكيمةِ ليَستَمِرَّ الأردُنُّ أُنمُوذَجًا يُحتذى في وَحدَتِهِ وأَمنِهِ وإنجازاتِهِ الحضاريَّةِ ومواقِفِهِ الوطنيَّةِ والإنسانيَّةِ الكبيرة، ولا يَسَعُنَا في الختامِ إلا أَنْ نَرفَعَ الى مَقامِ حَضرةِ صاحبِ الجلالةِ الهاشميَّةِ الملكِ عبدالله الثّاني بنِ الحُسينِ المُعَظَّمِ ووليَّ عهدِهِ الأمينِ صاحِبِ السُّمُوِّ المَلَكيِّ الأميرِ الحُسينِ بنِ عبدالله الثّاني المُعَظَّمْ والعائِلةِ الهاشِميَّةِ الكريمَةِ وقوّاتِنا المُسَلَّحَةِ وأجهِزَتِنا الأمنيَّةِ وحكومَتِنا التي نسألُ لها التَّوفيقَ والخيرَ والأسرةَ الأردنيَّةَ الواحِدةَ أسمى آياتِ التّهنئَةِ والتّبريكِ بهذهِ المناسَبَةِ الوطنيَّةِ الغاليَةِ، عيدِ الاستقلال، مَتضَرّعينَ إلى الله عزَّ وجَلَّ أن يُبقي الأردُنَّ دائِمًا وأبدًا آمِنًا، قَويًّا ومُزدَهِرًا، وكلَّ عامٍ وأردُنُّنا الحبيبُ بألفِ خيرٍ وسلامٍ وبَرَكَة.