موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الإثنين، ٥ ابريل / نيسان ٢٠٢١
القيامة المجيدة ونور الحياة الجديدة!

أشخين ديمرجيان :

 

"المسيح قام، حقاً قام"!

 

هذه هي التحيّة أو أنشودة النصر الخالدة التي يردّدها المسيحيّون في هذا العيد المبارك. -"المسيح قام من بين الأموات!" -"لتكن قيامة المسيح مباركة!" حسبما نعيّد في التقليد الأرمني. عيد القيامة المجيدة أقدس أيام السنة ومناسبة سعيدة ، امتزجت عبر العصور بعادات وطقوس تختلف من شعب إلى آخر، ومن دولة الى أخرى ، ولكنّها تُجمِع على استخدام البيض الملوّن بأشكال ونقوش جميلة وهو رمز مسيحي تقليدي يُمثّل الحياة والانبعاث والبقاء. 

 

كما أنّ الكنيسة تحتفل في كلّ يوم أحد من أيام السنة بهذه المناسبة المقدّسة التي ترمز الى تغلّب المسيح على الموت وإلى تجدّد الحياة. ترمز إلى التحرّر من عبودية الخطيئة، وإلى تثبيتنا في الرجاء المبارَك، رجاء الحياة الأبديّة والملكوت السماوي. 

 

الفضل ما شهدت به الأعداء

 

"وشمائل شهد العدو بفضلها*** والفضل ما شهدت به الأعداء". من قصيدة أحسبها للشاعر العباسي السرِيّ الموصلي. اشتهر عجز البيت لأنّ فيه حكمة، اذ لا يصدر من العدو عادة إلاّ كلّ ما هو سلبي ينسبه إلى عدوّه. لذلك تكون شهادة العدو نزيهة تُقرّ بالواقع التاريخي بصدق وأمانة دون تحيّز ومحاباة ...

 

هنالك مصادر غنيّة خارج الكتاب المقدّس وشهادات عن السيّد المسيح، وردت في وثائق تاريخية، كتبها بعض المؤرّخين "غير المسيحيين" نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر: المؤرّخ "يوسيفوس فلافيوس". كان "فلافيوس" مؤرّخًا يهوديًا ثم صار رومانيًا، وربط نفسه بسلالة "فلافيوس". كتب فلافيوس: "كان في اليهوديّة رجلاً اسمه يسوع، وكان إنسانًا حكيمًا، اذا جاز أن نسمّيه فقط إنسانًا. كان يقوم بالمعجزات ويعلّم الناس الحق فيقبلونه بصدور منشرحة. لقد انجذب اليه كثير من اليهود وأيضًا كثير من اليونانيين والوثنيين. هذا الإنسان هو المسيح. وعندما حكم عليه الوالي الروماني بيلاطس –ممثل قيصر روما في أورشالم– حكم عليه بالموت صلبًا بتحريض من رؤساء الكهنة اليهود. لم يتخلّ عنه تلاميذه ومحبّوه، وظهر لهم حيًّا في اليوم الثالث بعد موته كما تنبّأ الأنبياء العظام. وهنالك ألف خارقة أخرى تخصّه. كما أنّ عشيرة المسيحيين الذين يحملون اسمه باقية إلى اليوم".

 

من المستحيل أن يسرد المؤرّخ يوسيفوس قصة كهذه إن لم تكن حقيقة بالأخصّ لأنّه ذكر اسم الوالي بيلاطس الذي أدان المسيح ...

 

وشهادة أخرى من الحجر لا البشر

 

في زمن السيّد المسيح، كان من عادة اليهود عامة والأغنياء خاصة أن يُدفنوا في قبور تُغلق بحجر دائري كبير، يتدحرج في مجرى مائل إلى أسفل كي يُقفل بسهولة. ولكن من الصعب فتح القبر الاّ بمشاركة رجلين على الأقلّ كي يرفعوا الحجر الموضوع على القبر إلى أعلى.

 

أضف إلى ذلك أنّ الوالي الروماني أصدر أمرًا بوضع الختم الروماني على الحجر الذي يغطّي قبر المسيح، وأيضًا بتعيين حرّاس للقبر، بناءً على طلب اليهود. كان الختم الروماني الذي وُضع على الحجر أكثر أهمّية من الحجر الثقيل، وذلك لأنّ الختم يحمي القبر من السارقين. وقد تمّ ختم الحجر بحضور الحرّاس الرومان المسؤولين عن حراسة الختم، حتى يحافظوا على سلامة الختم الروماني: رمز السلطة والقوة. وبخضوع القبر لحراسة مشدّدة ومبالغ فيها، أضافوا شهادة أخرى قوية وحقيقة واضحة، وهي أنّ القبر كان فارغًا لأنّ المسيح قد قام.

 

هكذا دخل اسم السيّد المسيح في ملفّات التاريخ عن طريق الحكم عليه بالصّلب ولم يكن مجرمًا (حاشى وكلا).ولكن يسوع الذي هو القيامة والحياة قد قام حقا وثبت إيمان جماعته المتذبذب. وقام السيّد المسيح في اليوم الثالث ووطّد أركان إيمان أتباعه من المؤمنين والرسل.لأنه لو " كان المسيح لم يقم، فإيمانكم باطل" (1قور15: 17). لأنّه "إذا لم يكن المسيح قد قام، فإيمانكم باطل" (1 قورنتس 15 : 17).ولكن المسيح قام " فابتُلِع الموت في الغلبة (قور 15: 54). فأين شوكتك يا موت وأين غلبتك يا جحيم. لقد ابتُلِع الموت بالحياة" . ولكن المسيح قام "قد ابتلع النّصر الموت" (قورنتس 15 : 54).

 

القيامة تؤكّد لنا الرجاء

 

نعم الرجاء! أمام الضيقات مهما عظمت ومهما طالت. وكلّما أمعننا النظر أو وضعنا نصب أعيننا أو تأمّلنا معاني الرجاء، كلما انعكس ذلك على حياتنا اليوميّة وانطبع في تصرّفاتنا وتطلّعاتنا ونهج حياتنا. ومع أنّ الحياة عرضة لنوائب وأوجاع ومشقّات كثيرة كما هي اليوم، لكنّنا نحصل مع الرجاء على السلام والقوّة والتفاؤل والنور... نور الحياة الجديدة التي تفتح لنا أبواب السماء على مصراعيها  لحلّ مشاكل البشريّة جمعاء إن شاء الله.

 

خاتمة

 

تبقى التهاني منقوصة وكذلك الفرحة بسبب الأحداث، على أمل أن يُسبغ علينا الربّ رحمته الواسعة بأجواء من الفرح! استجب يا رب!

 

وكلّ عام وأنتم بخير!