موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأحد، ٢٧ يونيو / حزيران ٢٠٢١
العدل حلم جميع الأمم

أشخين ديمرجيان :

 

جميع سبله حقّ

 

فعلاً تقسو علينا الحياة مرارًا وتكرارًا في مسيرة الحياة المستمرّة. ونرى أنّ بعض القوم يحظون بفرص ذهبية أكثر بكثير من غيرهم، لسبب أو لآخر ، ولا مجال هنا لتحليل هذا الموضوع ، ولا ينبغي أن نلومه تعالى على غياب العدالة. المظالم موجودة في دنيانا ، لأنّ الخطايا طغت على البشريّة وسبّبت لها شرورًا وآلامًا  لا تُحصى. ولكن الله ينتظر توبة الإنسان ، وقد جعل الخلاص الأبدي، وهو الأهمّ، مُتاحًا لجميع الناس.  وسيحاكم بالعدل في نهاية العالم. وأحيانًا يعوّض الله المظلومين وينصرهم وينصفهم، وحتّى أشدّ الناس حرمانًا، في هذه الحياة الدنيا... وفي النهاية، لن تكون لأحد ذريعة أن يُتّهَم الله – حاشى-  بأنّه غيرعادل."لأنّ جميع سبله حقّ .  وهو أمين لا ظلم فيه". (تثنية 32: 4).

 

 

البحث عن العدل الإلهي

 

سألت إحدى صديقاتي عن الظلم في الدنيا، وتساءلت أين الله من الظالمين؟ -مع أنّه العدل بذاته– حينما خسرت ثروتها بسبب طمع بعض المقرّبين. وصديقة أخرى حينما توفّي ابنها الطالب في المدرسة الثانوية، إثر حادث اصطدام مريع، وتلاه مصرع ابنتها الطالبة هي الأخرى بعد ثلاث سنوات.  وكان كلأّ أملها في الحياة هي وزوجها السعادة بصحبة ابنها وابنتها. واحتفل معارفها بتخرّج أبنائهم من المدرسة الثانوية في حين حُرمت هي من تلك الفرحة وغيرها، وقد أصابتها الكآبة بسبب الأتراح المتوالية ...

 

 

ما بين الضحك والبكاء

 

على ذكر الأتراح ، يقول جبران خليل جبران الكاتب والشاعر والرسام اللبناني : “يُخَيّل إليّ أنّ فريقًا منكم يقول: "إنّ الفرح أعظم من الترح" ، فيعارضه فريق آخر قائلاً: "كلاّ ، بل الترح أعظم من الفرح". أمّا أنا فالحقّ أقول لكم: "إنّهما توأمان لا ينفصلان، يأتيان معًا ويذهبان معًا. فإذا فرحتم تأمّلوا مليًّا في أعماق قلوبكم فتجدوا أنّ ما أحزنكم قَبلاً يُفرحكم الآن. وإذا أحاطت بكم جيوش الكآبة، فارجعوا ببصائركم ثانية إلى أعماق قلوبكم وتأمّلوا جيّدًا، ترَوا هنالك بالحقيقة أنّكم تبكون لِما كنتم تعتقدون أنّه غاية مسرّاتكم على الأرض".

 

قد يبكي الإنسان عند سماعه نبأً مفرحًا، وقد يضحك لدى سماعه نبأً تراجيديًا. وقد تدمع العيون عندما نضحك ... والمنطقة من الدماغ  التي تأمر الغدد الدمعية بإفراز الدموع كاستجابة غريزية  للتغيرات العاطفية هي المسؤولة عن الحزن والفرح معًا، والبكاء والضحك، وهذا يبرّر تشابه الانفعالات بين الضحك والبكاء.

 

 

أين الله وعدله من الظلم؟

 

دعا السيّد المسيح يعقوب مع شقيقه يوحنّا الحبيب (أبناء زبدى) ليتتلمذوا له، وليكونوا شهودًا في بعض الأحداث المستقبليّة، في نفس اليوم الذي دعا فيه بطرس وشقيقه أندراوس فتركوا سفينة الصيد وتبعوه (متّى 4: 21 و22). وكي تزداد شعبيّة الملك أغريباس لدى اليهود أمر بإلقاء القبض على بطرس، ليكون مصيره مثل يعقوب الكبير، "لكن بطرس نجا بمعجزة" (أعمال 12 : 2 وتابع). وهناك شارع في القدس باسم "أغريباس" الذي أمعن في تعذيب أتباع المسيح إرضاءً لفريق من اليهود.

 

ولكن هل كلّ مَن تصيبه نائبة يبحث عن عدالة الله؟ على سبيل المثال لا الحصر،هل أهل يعقوب ابن زبدى -أوّل مَن استشهد من الرسل- ساورهما الشكّ لدى استشهاده بقطع الرأس وبحدّ السيف، بأمرمن الملك هيرودس أغريباس الأوّل سنة  44م؟ (أعمال 12: 1). وكان  يعقوب يكرز في منطقتَي يهودا والسامرة، ممّا أثار اليهود عليه، وقاموا بالشغب في أوروشالم، إلى أن قبض عليه جنود الرومان ليمثل أمام الملك ...

 

 خاتمة

 

الله لا يحبّ الظلم بجميع أنواعه ولا الظالمين وهو الذي سيقتصّ للمظْلوم من الظَّالم. ارتكاب الظلم جريمة، وكذلك المشاركة فيه أو السكوت عنه. "لي النّقمة أنا أجازي يقول الربّ" (رو 12 : 19 ): "لأنّه عادل في جميع ما صنع، وأعماله كلّها صدق وطرقه استقامة وجميع أحكامه حقّ " (سفر دانيال 1 : 27). ولا يخفى على أحد أن العدل حلم جميع الأمم ومطلب جميع الشعوب، ونرجو أن يتحقّق العدل في بلادنا وفي جميع أنحاء العالم.