موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأحد، ١١ ابريل / نيسان ٢٠٢١
الرحمة والمحبّة صنوان لا يفترقان

بقلم أشخين ديمرجيان - القدس :

 

في الأحد الذي يلي عيد القيامة المجيدة من كلّ عام، تحتفل الكنيسة بعيد الرحمة الإلهيّة الذي أنشأه البابا يوحنا بولس الثاني عام 2000، ومات في مناسبته لأنّ الرحمة كانت برنامج حياته. ويعلّمنا قداسة البابا الراحل يوحنا بولس الثاني أن نقتدي به ونصدّ الشرّ ونغلبه بالرحمة والغفران والمحبّة.

 

في زماننا هذا، لا بدّ من إعادة تبنّي ثقافة الرحمة وإعادة اكتشاف طريق العودة إلى الله. حينما دعا قداسة البابا فرنسيس إلى إحياء سنة يوبيلية استثنائية، تحت عنوان "يوبيل الرحمة"، من 8 كانون الأول 2015 إلى 20 تشرين الثاني 2016، أصدر مرسومًا ذكر فيه أنّ رسالة الكنيسة هي إعلان رحمة الله، القلب النابض للإنجيل المقدّس، الذي من خلاله تبلغ قلب وعقل كلّ إنسان.

 

الرحمة هي التي تؤدّي الى الرقيّ العلميّ والأخلاقيّ وتحمي كلّ فرد من أفراد المجتمع بالعدل بغضّ النظر عن الدين أو اللون أو العرق. كما ورد في الكتاب المقدّس أن نحمل المحبّة والرحمة "لجميع البشر" في "جميع الأوطان". المحبّة والرحمة صنوان لا يفترقان، على هذا المبدأ الأساسيّ ترتكز تعليمات المسيح وتوصياته وروحه وجوهره. "أُعطيكم وصيّة جديدة: أحبّوا بضكم بعضًا، مثلما أنا أحببتكم. بهذا يعرف الجميع أنّكم تلاميذي إن أحببتم بعضكم بعضًا" (يوحنا 13: 35-34).

 

بإمكاننا أن نتعلّم الرحمة ونطبّقها اذا كانت رغبتنا صادقة.  حينئذ نشعر بالفرح الحقيقي فرح العطاء الكبير في العمل من أجل منفعة القريب وخيره العامّ والخاصّ. أمّا الإنسان النرجسيّ الذي يحبّ نفسه فقط يبقى إنسانًا شقيًّا يعيش في ظلمة التقوقع وعتمة الأنانيّة البغيضة.

 

كما أنّ افتقاد الفقير والإحسان لهم جزء لا يتجزّأ من أعمال الرحمة كي نؤكّد محبّتنا له تعالى. حينئذ لا ينطبق علينا قول النبي اشعيا في نبوءته حين قال: هذا الشعب يُكرمني بشفتيه وأمّا قلبه فبعيد عنّي" (متى 15: 8). فالعبادة الصادقة تصدر من القلب الرحيم ولا تكفي الصلوات التي نُتمتمها أو التقديمات التي نقدّمها من زيت وشمع وبخور وزهور... ولقد أوصانا يوحنا الحبيب بقوله: "مَن كانت له خيرات الدنيا، ورأى بأخيه حاجة، فأغلق قلبه عن أخيه، فكيف تُقيم محبّة الله فيه؟" (1 يوحنا 3: 17). وحثّنا القدّيس يعقوب على افتقاد الأيتام والأرامل والاعتناء بهم في ضيقاتهم لأنّ ذلك هو التديّن الحقيقيّ الصادق" (يعقوب 1: 27). فما أصدق قول الانجيل الطاهر: "إن لم تستعمل ما تملكه كما أمرك الرب لعمل الخير والإحسان للمحتاجين سوف تسمع الرب يقول ساعة وفاتك "لتذهب معك فضّتك إلى الهلاك" (أعمال 8: 20).

 

يجدر بنا أن نزرع بذور الرحمة في قلوب الأطفال لأنّها أعظم الفضائل وأهمّها على الاطلاق. بإمكاننا التعبير عن الرحمة بخدمة القريب، أو بكلمة حلوة أو بسمة أو عاطفة نبيلة نعبّر بها عن مكنونات قلبنا. هذا القريب الذي نعتني به ونحنو عليه ونرعاه ونساعده في ضيقاته هو طريقنا الى الله والى الفرح وراحة الضمير.

 

خاتمة

 

قال السيّد المسيح مهنّئاً الصالحين في عظة الجبل: "طوبى للرحماء فإنّهم يُرحَمون". الرحمة من ضمن الوصايا الواردة في تعاليم المسيح ومن الأسس التي ترتكز عليها صحّة الانسان النفسيّة والجسديّة وكذلك صحّة المجتمع على حدّ سواء.  رحمة نابعة من قلب الانسان الذي يودّ ارضاء الله وخدمة القريب بكلّ اخلاص.