موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
عدل وسلام
نشر الأربعاء، ٩ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠٢٢
الحروب والنزاعات المسلحة تشكل نكسة في جهود مكافحة تغير المناخ

فرانس 24 :

 

فيما يواصل قادة الدول والحكومات اجتماعاتهم في إطار قمة المناخ 27 المنعقدة في شرم الشيخ بمصر، والتي انطلقت الأحد على أن تستمر حتى 28 تشرين الثاني، تتواصل التحركات الاحتجاجية التي ينفذها نشطاء بيئيون عبر أكثر من دول أوروبية.

 

فبعد بريطانيا وفرنسا وألمانيا، شهدت هولندا السبت تحركات لنشطاء بيئيين في مطار سخيبول بأمستردام، تسلقوا الأسوار واعتصموا في منطقة وقوف للطائرات الخاصة قبل أن تفرقهم الشرطة، في تحرك يوحي بأن هذه سلسلة الحوادث تلك ستستمر في ظل "تقاعس الحكومات عن الإيفاء بالتزاماتها المناخية" حسب المنظمات التي تنظم تلك الاحتجاجات.

 

وأفاد تقرير مدعوم من الأمم المتحدة صدر الثلاثاء بأن الدول النامية والناشئة ما عدا الصين، في حاجة إلى استثمارات تتجاوز تريليوني دولار سنويًا بحلول 2030 إذا أراد العالم لجم الاحترار المناخي والتكيف مع تداعياته. من المفترض أن يأتي تريليون دولار من دول غنية ومستثمرين ومصارف تنمية متعددة الأطراف وفق ما جاء في التحليل الذي طلبته بريطانيا مضيفة مؤتمر الأطراف حول المناخ (كوب26) العام الماضي في غلاسغو ومصر التي تستضيفه حاليا.

 

وفيما يلي حوار مع بدوي رهبان، خبير الكوارث الطبيعية وتغير المناخ ومدير السابق الحد من الكوارث الطبيعية في اليونسكو سابقًا.

 

 

هل ستحقق قمة المناخ 27 بشرم الشيخ اختراقا ما؟

 

يجب أن نُذكر بأن مؤتمر كوب 27 سوف يكون محطة من سلسلة مؤتمرات هي 27 مؤتمرا تقريبا تم تنظيمها منذ العام 1995، لكن لم نشهد ما قد نستطيع تسميته بالاختراقات في كل هذه المؤتمرات، بالاستثناء ربما مؤتمر كوب 21 الذي نظم في باريس العام 2015 والذي سجل حدوث اختراقا فعليا بعد القرارات التاريخية والإيجابية التي اتخذت في مسألة مواجهة التغير المناخي. لقد كان مؤتمر باريس تاريخيا وفريدا من نوعه. بالنسبة لكوب 27، نتأمل التوصل إلى نتائج إيجابية من شرم الشيخ ونتوقع أن يسلط المؤتمر الأضواء من جديد على مشكلة تغير المناخ، وأيضا أن نشهد فيه تقدما في المفاوضات بالنسبة للركائز الأساسية لمواجهة هذه الظاهرة.

 

هذه الركائز متنوعة أولها تخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة وتأكيد الدول على ضرورة التصدي لهذه الغازات التي تتدفق في الفضاء والجو والتي تتسبب في الاحتباس الحراري. الركيزة الثانية هي كيفية التكيف مع تغير المناخ وأن يؤكد المؤتمر على ضرورة متابعة الجهود للتأقلم مع آثاره مثل العوامل المناخية المتطرفة كالعواصف والسيول والفيضانات وموجات الحر وما إلى ذلك. الركيزة الثالثة هي كيفية دعم الدول النامية وتمويل أنشطة الدول الفقيرة لكي تستطيع من جهة أن تخفض اعتمادها على الطاقات الملوثة، ومن جهة ثانية أن تتكيف مع آثار تغير المناخ والكوارث الطبيعية.

 

 

هل يمكن إجبار الحكومات على احترام التزاماتها المناخية؟

 

بالرغم من وجود قوانين دولية تراعى من قبل الدول فيما يخص بعض النواحي من مشاكل البيئة والموارد الطبيعية والمناخ، إلا أنه لا يوجد قانون دولي ملزم متعلق بمسألة تغير المناخ. أيضا فإن إمكانية إيجاد قوانين دولية حول مسألة التغير المناخي هو أمر معقد وصعب التحقيق، فليس سهلا أن تأتي المجموعة الدولية لتفرض قيودا على الدول التي لا ننسى أن لها سيادة. المطلوب هو أن نقوي الالتزام المعنوي من قبل الدول والقطاعات الخاصة والعامة في مواجهة التغير المناخي. هذا الالتزام المعنوي هو ممكن وقد شاهدناه في العشرة أعوام الأخيرة وخاصة منذ مؤتمر باريس. كذلك ربما نستطيع أن نرى في المستقبل، وهو موجود على مستوى بعض الدول، تشريعات وطنية خاصة ببعض النواحي التي تتعلق بالبيئة وتغير المناخ مثل القوانين التي تتعلق بحماية الغابات ومكافحة قطع الأشجار ومسألة الموارد المائية أيضا، وهي تلزم الجهات الفاعلة في هذا المجال.

 

 

ماذا عن تعويض الدول النامية عن الخسائر التي تلحق بها بسبب التغير المناخي؟

 

بالنسبة لموقف المبعوث الخاص للولايات المتحدة جون كيري في مسألة تعويض الدول التي تضررت وخسائرها، فإن هناك هوة بين الدول الغنية والدول النامية في هذا المجال، حيث إن الأخيرة تطلب من الدول المتطورة أن تلتزم بالتعويض عن الخسائر والأضرار التي حصلت خلال الأعوام الماضية بسبب تغير المناخ من كوارث وأضرار طالت بعض القطاعات، وأن يكون هناك التزاما مستقبليا في هذا المجال.

 

الولايات المتحدة قالت على لسان جون كيري إنها ستبذل مجهودا في هذا الموضوع، كما أن هناك دولا أخرى تعهدت بذلك، لكن هذه المسالة ما زالت معقدة ومفتوحة للنقاش ولم يكن هناك حتى الآن خلاصة حولها. كما أنها كانت عقبة خلال مؤتمر غلاسكو في تشرين الثاني الماضي 2021 وهي ستكون مشكلة جديدة خلال مؤتمر شرم الشيخ رغم أنها على الأجندة لكنها ستبقى نقطة مفتوحة للنقاش.

 

 

تنعقد القمة في ظل الحرب الروسية على أوكرانيا... هل تضر الحروب والنزاعات الدولية بالمناخ؟

 

بالطبع فإن كل المشاكل الجيوسياسية التي نشهدها اليوم وخصوصا الحرب في أوكرانيا، لا ننسى بعد الخروج من جائحة فيروس كورونا والصعوبات التي تواجه الدول منذ ثلاث سنوات والنزاعات المسلحة، كل ذلك يضر ويحدث نكسات في جهود مكافحة التغير المناخي. لذلك فإن معظم الدول في مأزق والتساؤل هو كيفية إعادة النظر في أولويات الدول بسبب هذه المشاكل. حيث شهدنا في هذا العام نكسة في سياق جهود مكافحة التغير المناخي وعقبات، لكن نأمل أن ينظر مؤتمر شرم الشيخ في هذه الأمور لإعادة الاعتبار إلى مسألة المناخ ووضعها على أولوية أجندة الدول.

 

 

كيف تعلقون على التحركات الاحتجاجية للمنظمات البيئية مؤخرا؟

 

بالنسبة للتحركات التي نشهدها للناشطين والمنظمات البيئية فقد حدثت تحركات نتج عنها اضطرابات وأضرار للممتلكات العامة. نحن نعرف أن المنظمات غير الحكومية مندفعة وهي ضرورية خصوصا تحركاتها السلمية التي ساهمت في السابق في نشر الوعي والإدراك بالمجتمعات. نرحب بتحركات الشباب وفي أن يكون لهم زخم وطموح في مجال مكافحة تغير المناخ. نأمل أن ينجم عن ذلك تحالفات وتعبئة عامة وليس أن تحدث في بعض الأحيان انقسامات وعنف من قبل بعض الفئات. الأمل في أن تكون نتائج كل التحركات من المجتمع المدني والشباب توعية أكثر وإدراك أكثر وإجراءات على الأرض لأن التعويل فقط على الإرادة السياسية وعلى الحكومات لا يكفي، يجب أن تكون هناك جهود تعتمد على الشباب والمجتمع المدني والقطاع الخاص خارج إطار الحكومات.

 

 

ما هي أبرز تعهدات قمة كوب 26 التي تحققت؟

 

بالطبع فقد كان في المؤتمرات السابقة نتائج والتزامات وتعهدات وبعضها تحققت كليا وبعضها جزئيا. مثلا فقد كان هناك مؤتمر كيوتو في 1997 الذي اتخذت فيه التزامات، ثم إن الدول التي تبنتها فقد التزمت بها حقيقة، مثل طلب تخفيض نسبة الانبعاثات فبعض الدول التزمت بذلك وحققته ونفذته. كذلك مسائل مساعدة الدول النامية كانت هناك تعهدات بمساعدتها إن كان ماليا أو عبر نقل التكنولوجيا، هذه التعهدات أيضا نفذت من قبل بعض الدول. هناك بعض التعهدات التي اتخذت أيضا في مؤتمر باريس 2015. عموما هناك تعهدات نفذت جزئيا وهذا أمر إيجابي. إن المجموعة الدولية تحيي تنفيذ هذه التعهدات من قبل الدول المعنية. كذلك الانتقال إلى الطاقات النظيفة فهناك جهود كبيرة تمت في السنوات القليلة الماضية حيث نشهد مشاريع في مجال الطاقة الشمسية والطاقة الهيدروكهربائية وطاقة الرياح. أي أن هناك أمور نفذت وهذ أمر مرحب به.