موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٢٣ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠٢١
البابا يلتقي المشاركات في المجمع العام لراهبات بنات مريم سيدة المعونة الساليزيانيات
الدنيوية الروحية هي أسوأ ما يمكن أن يصيب الكنيسة

فاتيكان نيوز :

 

"جماعات مولِّدة للحياة في قلب المعاصرة"، هذا هو الموضوع الذي يتمحور حوله المجمع العام لراهبات بنات مريم سيدة المعونة الساليزيانيات. ويوم الجمعة 22 تشرين الأول، التقى البابا فرنسيس المشاركات في المجمع وتحدث إليهن في البداية عن كلمات مريم في عرس قانا الجليل والتي تنير مجمعهم العام "مهما قال لكم فافعلوه" (يو 2، 5). وشدد على أن العذراء تشير دائمًا إلى يسوع، ودعا الراهبات إلى محاكاتها في هذا، وإلى الوعي بالإطار الاجتماعي متعدد الثقافات المطبوع بالتوتر وبتحديات قد تكون مأساوية في بعض الأحيان مثل التحدي التي أسفرت عنه الجائحة، ولكن مع الإصغاء في الوقت ذاته إلى كلمة الرب ومشيئته في هذا الزمن المتميز بالعنف وعدم اليقين حيث أشكال الفقر التي أسفرت عنها الأزمة الحالية وضاعفتها.

 

تحدث البابا عن إيقاظ النضارة الأصلية لخصوبة الدعوات في هذا المعهد، وقد كان هذا هدفا وضعنه الراهبات، وقال: إن هذا أفق محوري للرد على متطلبات عالم اليوم الذي هو في حاجة إلى أن يكتشف في الحياة المكرسة إعلان ما يعمل الآب بمحبة وصلاح وجمال عبر ابنه بالروح. ولا يعني هذا إنكار الضعف والمشقة في الجماعة، بل الإيمان بأن هذا الوضع يمكن أن يساعد على جعل اليوم زمنا ملائما للتوجه نحو جذور الكاريزما، وذلك للعمل على ما هو أساسي وإعادة اكتشاف جمال الحياة المكرسة. وأضاف البابا أن هذا التحدي يدعو الراهبات إلى أن يجعلن أنفسهن يسائلهن الرب والواقع ليصبحن نبوة الإنجيل وشهادة المسيح وأسلوبه في الحياة.

 

وذكَّر بأن المجمع الفاتيكاني الثاني قد أرشد الكنيسة إلى هذا الطريق الذي هو طريق الله، التجسد في التاريخ والغوص في ظروف الإنسان، إلا أن هذا يتطلب الترسخ في المسيح كي لا نكون عرضة للدنيوية بأشكالها المختلفة. وشدد البابا في هذا السياق على أن أسوأ ما يمكن أن يحدث للكنيسة هو الدنيوية الروحية والتي تأخذ مكان الإعلان والإيمان، مكان الروح القدس، وهذا هو أسلوب الشيطان للدخول إلى البيوت الرهبانية. وتابع قداسته مذكِّرا بكلمات يسوع "إِنَّ الرُّوحَ النَّجِس، إِذا خَرَجَ مِنَ الإِنسان، هامَ في القِفارِ يَطلُبُ الرَّاحَةَ فلا يَجِدُها فيَقول: أَرجعُ إِلى بَيتيَ الَّذي مِنهُ خَرَجْتُ. فيأتي فَيَجِدُهُ مَكْنوساً مُزَيَّناً. فيَذْهَبُ ويَستَصحِبُ سَبعَةَ أَرواحٍ أَخبَثَ مِنه، فيَدخُلونَ ويُقيمونَ فيه...". إلا أنه لا يدخل عنوة بل بأدب قارعا الجرس ولا ننتبه إلى دخول هؤلاء الشياطين المؤدبين، تابع البابا، "... فتَكونَ حالةُ ذلكَ الإِنسانِ الأَخيرة أَسوأَ مِن حالَتِه الأُولى". هذا ما يحدث مع الدنيوية الروحية التي حذر الأب الأقدس الراهبات مجدَّدا منها ومن التصرف بشكل يُضعف القوى تدريجيا ويحوِّل الراهبات من نساء مكرسات لله إلى آنسات مؤدبات. ويستدعي هذا من الراهبات الأمانة المبدعة للكاريزما والتي ليست ذخيرة محنَّطة بل هي حياة تخلق وتسير إلى الأمام. وتحدث البابا هنا عن مسؤولية كبيرة تتمثل في التعاون مع إبداع الروح القدس لجعل الكاريزما تُظهر حيويتها في عالم اليوم.

 

وتطرق قداسته إلى جانب آخر يلمسه في الموضوع محور المجمع العام، ألا وهو الحاجة إلى إنماء جماعات من علاقات بين الأجيال والثقافات، علاقات أخوية وقلبية. وشدد البابا على أهمية العلاقات بين الأجيال مذكرا بجماعة كانت الراهبات الأكبر سنا فيها منفصلات عن الشابات، وشدد على ضرورة أن تعيش الراهبات الأكبر سنا قدر الإمكان في جماعة حية، وأضاف أن على الشباب واجب رعاية الكبار والتعلم منهم والحوار معهم، وعلى هذا التبادل أن يتوفر في أية جمعية رهبانية.

 

وأشار إلى الاحتفال قريبًا بمرور 150 سنة على تأسيس هذا المعهد، واصفًا هذه الذكرى بفرصة للتجدد وإنعاش الدعوات والرسالة. ودعا قداسته الراهبات إلى عدم نسيان نعمة الأصول وتواضع وصعُر البدايات. ثم ذكر أن كلمات مريم سيدة المعونة "مهما قال لكم فافعلوه" كانت ولا تزال لهن فنارا للتمييز. وشدد على ضرورة أن يكنَّ أمهات متوقفًا عند أهمية الحنان والقرب الذي هو أسلوب الله، وأن يحملن الرجاء الذي لا يخيِّب ويكنَّ مثل مريم نساء رجاء.