موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ١٤ فبراير / شباط ٢٠٢١
البابا: جعل الله نفسه قريبًا من حياتنا، وأشفق على مصير البشرية الجريحة
"إزاء الجراح والفشل والمعاناة والأنانية، يعلن لنا يسوع أن الله ليس فكرة مجردة أو عقيدة، بل هو الشخص الذي "يلوث" نفسه بإنسانيتنا الجريحة ولا يخاف من ملامسة جراحنا"

فاتيكان نيوز :

 

تلا البابا فرنسيس، ظهر الأحد، صلاة التبشير الملائكي مع المؤمنين والحجاج المحتشدين في ساحة القديس بطرس.

 

وقبل الصلاة ألقى قداسته كلمة قال فيها: يقدّم لنا اليوم اللقاء بين يسوع ورجل أبرص. كان البرص يُعتبرون أنجاسًا، ووفقًا لقواعد الشريعة، كان عليهم أن يُقيموا خارج المدينة. وكان يتم استبعادهم من أي علاقة إنسانية واجتماعية ودينية. أما يسوع، فيسمح يسوع لذلك الرجل أن يقترب منه، ويتأثّر لا بل يمدُّ أيضًا يده ويلمسه. وهكذا يحقق البشرى السارة التي يعلنها: لقد جعل الله نفسه قريبًا من حياتنا، وأشفق على مصير البشرية الجريحة، وجاء ليحطم كل حاجز يمنعنا من العيش معه ومع الآخرين ومع أنفسنا. يمكننا أن نرى في هذا الحدث "مُخالفتين" تلتقيان: الأبرص الذي يقترب من يسوع ويسوع، الذي وإذ أشفق عليه لمسه لكي يشفيه.

 

مخالفتان!

 

تابع يقول: المخالفة الأوّلى هي مخالفة الأبرص: على الرغم من تعليمات الشريعة، هو يخرج من العزلة ويأتي إلى يسوع. لقد كان مرضه يُعتبر عقابًا إلهيًا، ولكن في يسوع يمكنه أن يرى وجهًا آخر لله: إنَّ الله لا يُعاقب، لكنه أبو الشفقة والمحبة الذي يحررنا من الخطيئة ولا يستثنينا أبدًا من رحمته. وهكذا يمكن لذلك الرجل أن يخرج من العزلة، لأنه وجد في يسوع الله الذي يشاركه ألمه. إن موقف يسوع يجذبه، ويدفعه على أن يخرج من نفسه ويوكل إليه تاريخه الأليم.

 

أضاف: أما المخالفة الثانية فهي مخالفة يسوع: فبينما كان الناموس يُنهي عن لمس البرص، تأثَّر ومدَّ يده ولمسه لكي يشفيه. لم يكتفِ بالكلمات، بل لمسه. إن اللمس بمحبة يعني إقامة علاقة، والدخول في شركة، والانخراط في حياة الآخر إلى درجة مشاركة جراحه أيضًا. بهذه البادرة، يُظهر يسوع أن الله ليس غير مباليًا، ولا يُبقي نفسه على "مسافة أمان" منا؛ في الواقع، هو يقترب بشفقة ويلمس حياتنا لكي يشفيها بحنان؛ إنّه أسلوب الله: القرب والشفقة والحنان. 

 

"يلوث" نفسه بإنسانيتنا الجريحة

 

وقال: أيها الإخوة والأخوات، حتى في عالم اليوم يعاني العديد من إخوتنا بسبب مرض الشرِّ هذا، أو بسبب أمراض وحالات أخرى ترتبط للأسف بالتحيّز الاجتماعي. لكن يمكن لكل فرد منا أن يختبر الجراح والفشل والمعاناة والأنانية جميع هذه الأمور التي تُغلقنا عن الله وعن الآخرين، لأن الخطيئة على أنفسنا لكنَّ الله يريد أن يفتح لنا قلوبنا. إزاء هذا كله، يعلن لنا يسوع أن الله ليس فكرة مجردة أو عقيدة، بل هو الشخص الذي "يلوث" نفسه بإنسانيتنا الجريحة ولا يخاف من ملامسة جراحنا.

 

أضاف: لكي نحترم قواعد السمعة الجيدة والعادات الاجتماعية، غالبًا ما نخفي الألم أو نرتدي أقنعة تخفيه. ولكي نحقق التوازن بين حسابات أنانيتنا أو القوانين الداخلية لمخاوفنا، لا ننخرط كثيرًا في معاناة الآخرين. لنطلب من الرب إذًا نعمة أن نعيش هاتين "المخالفتين" اللتين يقدّمهما لنا إنجيل اليوم. مخالفة الأبرص، لكي نتحلّى بالشجاعة للخروج من عزلتنا، بدلاً من أن نبقى هناك لنرثيَ لحالنا أو نبكي على فشلنا، ونذهب إلى يسوع كما نحن، ونشعر بعناق يسوع الجميل. ومن ثمَّ مخالفة يسوع: حبٌّ يجعلنا نذهب أبعد من الأعراف، ويجعلنا نتخطّى الأحكام المسبقة وخوف الاختلاط بحياة الآخر.

 

وختم بالقول: لترافقنا في هذه المسيرة مريم العذراء التي نتوجّه إليها الآن بصلاة التبشير الملائكي.