موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ٢٩ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠٢١
الإعلان عن إطلاق التجمّع الوطني للفعاليات المسيحية في فلسطين
خلال مؤتمر تأسيسي عقد في جامعة بيت لحم
التجمع الوطني للفعاليات المسيحية يعقد مؤتمره التاسيسي في بيت لحم

التجمع الوطني للفعاليات المسيحية يعقد مؤتمره التاسيسي في بيت لحم

بي إن إن :

 

دعا التجمع الوطني للفعاليات المسيحية، في محافظة بيت لحم، المسيحيين في فلسطين، إلى المشاركة في مواجهة كل التحديات التي يتعرض لها الوطن والكنيسة على حد سواء، وإلى المشاركة في بنائه، وفي الانتقاد البنّاء، وإلى تقديم الحلول العملية، وإلى عدم الهجرة والتمسك بالأرض والوطن، وإلى تمكين الشباب وتوسيع الفرص أمامهم لتشجيعهم على البقاء في وطنهم، وعلى الانخراط مع كل المواطنين في الشأن العام وفي العمل السياسي والاجتماعي والريادي لبناء وطن هو في أمسّ الحاجة إلى جميع مواطنيه.

 

جاء ذلك خلال المؤتمر التأسيسي الأول الذي عقده التجمع، في قاعة المركز الثقافي، في جامعة بيت لحم، تحت شعار: "أصيلون ومتجذرون في هذه الأرض"، بحضور بطريرك اللاتين السابق ميشيل صباح، ورئيس بلدية بيت لحم المحامي أنطون سلمان، والمطران منيب يونان، والباحثة المقدسية د. فارسين اغابيكان، والاخ يوسف ظاهر ممثلا لمجلس الكنائس العالمي في سويسرا، وممثلي عشرات المؤسسات والفعاليات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والدينية والأكاديمية والبحثية والكشفية العاملة في مدن بيت لحم وبيت ساحور وبيت جالا.

 

وأكد المتحدثون في المؤتمر، أن الوطن في حالة صراع من أجل حريته واستقلاله، وتصحيح الوضع، بمقاومة الاحتلال والتفرقة العنصرية، هو التحدي الأكبر لوجودنا كفلسطينيين وكمسيحيين، وأن واجب كل مواطن، وواجب كل مسيحي بحكم وصية المحبة، هو الإحساس والاهتمام بكل آلام الشعب الفلسطيني ومقاومة هذا الوضع السياسي القائم. وأن وثيقة وقفة حق (كايروس فلسطين) تمثل مرجعًا وبوصلةً نهتدي بها وندعو لتبنيها فهي الوثيقة التي تعبر عن الفهم الديني والدنيوي للمسيحي الفلسطيني.
 

البطريرك صبّاح

 

وألقى البطريرك صباح كلمة افتتاح المؤتمر أكد فيها أن "هذا الاجتماع جهد مسيحي، من أجل وحدة المسيحيين، ومن أجل مزيد من المحبة بين المسيحيين. ولكن الكل يعلم ونريده أن يعلم أن محبة المسيحي تفيض على كل الأطر المسيحية، فتخرج من كنائسنا وكل مؤسساتنا الاجتماعية لتفيض وتشمل كل الناس. محبتنا المسيحية محبة لكل خلق الله، للمسلم والمسيحي. كلنا إخوة مهما كان الدين، والوطن بحاجة إلى مؤمنين، إلى مسيحيين مؤمنين وإلى مسلمين مؤمنين، والمؤمن الصحيح هو الذي يرى أن جوهر الدين هو عبادة الله ومحبة كل خلق الله. فالكل إخوة كما يقول علي بن أبي طالب: الناس اثنان، إما أخوك بالدين وإما نظيرك في الخلق. في كلا الحالتين، من دينك أو من غير دينك، الآخر هو أخوك. وهذا في الإسلام والمسيحية على السواء".

 

ولفت إلى أن هذا التجمّع مسيحي، هو تجمّع إخوة من أجل خير الإخوة جميعًا، وليس تجمُّعًا طائفيًّا. ليس تجمُّعًا لمواجهة أحد، أو للحلول محل أحد، بل لمساعدة كل أحد، وللقول لكل أحد: أنت أخي، وأنا أخوك. وقال إنّ التجمع هو ثمرة جهود كثيرة سبقته لتوحيد الجهود ولتوحيد المحبة، ليكون الجميع قلبًا واحدًا ونفسًا واحدة. إنّ كنائسنا بحاجة إلى وحدة في القلب وإلى محبة. ووطننا بحاجة إلى وحدة، وإلى محبة، بهما يوجَد ويُبنَى. بوحدتنا وبمحبتنا بعضنا لبعض، وبإرادتنا وصمودنا، سنصل، ولو أغلق العالم دوننا أبواب الحرية والاستقلال، كما هو الحال، ولو أغلقوا القدس، كما هو الحال. أمام المحبة والوحدة تُفتَح أبواب الحرية والاستقلال، وتفتح أبواب القدس أيضًا لصلاتنا ولمحبتنا، فتكون عاصمة لنا، لقلوبنا، ولصلاتنا، ولدولتنا.

 

وحيّا البطريرك صباح تجمّع الفعاليات المسيحية في فلسطين، ودعاهم إلى المثابرة والتعاضد والتكاتف، والسير إلى الأمام في إطار هذا التجمع لأنه ليس لفئة دون فئة. وهو قوة للجميع وللشعب الفلسطيني، وحاجتنا إليه كبيرة، حاجة مجتمعنا وكنائسنا وجهدنا لاستعادة الحرية، بحاجة إلى قوة تحب.

المحامي سلمان

 

وقال المحامي انطون سلمان، رئيس بلدية بيت لحم إن وجودنا، وانتمائنا، ومسؤوليتنا كعرب فلسطينيين، ونحن نمر بأوقات مصيرية صعبة من جراء بقاء الاحتلال الإسرائيلي جاثمًا على أرضنا، محتلٌ لوطننا، وما ينجم عن سياساته القمعية من نكبات، وعن سلوكها لهمجي وعنجهيته من تحديات تعيق ممارستنا لحقنا المشروع بتقرير المصير والحرية وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس تحت راية وقيادة ممثلنا الشرعي والوحيد منظمة التحرير الفلسطينية.

 

ولفت رئيس بلدية بيت لحم إلى أنّ سياسة الاحتلال الإسرائيلي لا تفرّق ولا تميّز بين مكونات شعبنا الدينية أو الاجتماعية أو مشاربه السياسية أو بين الأفراد أو الجماعات، مما يحتم علينا أن نطلق صرخة حق، صرخة واجب يفرضها علينا وفاؤنا لأرضنا وشعبنا، لنعمل بجد واهتمام بدون كلل أو ملل على تعزيز هويتنا، وترسيخ المواطنة الصالحة.

 

ودعا سلمان الى بذل الجهد للتأسيس لمستقبل أجيالنا على أسس وطنية وإيمانية سليمة تحمينا من العبث بمقدراتنا، وتعزز من هويتنا الوطنية والدينية كعرب فلسطينيين مسيحيين لنستمر بالعيش على هذه الأرض المقدسة شهودا لميلاد الطفل يسوع كجزء أصيل من مكونات المجتمع العربي الفلسطيني. واعتبر أن التقوقع على الذات، وإغلاق أفق التعاون والتواصل، لا يمكن لهما أن تعبران عن انتمائنا وهويتنا الوطنية، أو تحافظان على كرامتنا الإنسانية كعرب فلسطينيين مسيحيين.

 

وطالب سلمان بالعمل من أجل احترام التعددية الاجتماعية، والدينية، والثقافية في المجتمع العربي الفلسطيني، وأن تغرسوا في الشخصية المسيحية المفاهيم الوطنية، والمبادئ الإنسانية لتعزيز قيم الإخوة، والمحبة، والتسامح، والتعاون، والعيش المشترك، وقبول بعضنا البعض، وانتمائنا لهذا الوطن وهذا الشعب فكرًا ومنهجًا.

التجمع يعني الشراكة والتعددية

 

من جهته، قال جمال هماش، باسم لجنة التنسيق الفصائلي في محافظة بيت لحم: "إن نجاح أي فكرة أو رؤية ترتبط إلى حد كبير بواقعيتها وموضوعيتها وشموليتها وعمقها الاستراتيجي وآفاقها، بما يخدم تطلعات الشعب الفلسطيني الوطنية والقومية السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية في الحياة اليومية، وعلى المدى البعيد".

 

ولفت إلى أهمية توحيد الرؤيا والمواقف للفعاليات العربية الفلسطينية المسيحية في المحافظة تجاه مختلف القضايا السياسية والمجتمعية، عبر الحوار الديمقراطي والتكافل المجتمعي، وبما يخدم الوجود العربي المسيحي وتطوره وتعزيز دوره ومكانته، باعتباره جزءًا أصيلاً من الوجود التاريخي للشعب العربي الفلسطيني. وأن إقامة تجمع للفعاليات المسيحية في محافظة بيت لحم، خطوة هامة يمكن البناء عليها في مختلف المحافظات الفلسطينية، لمواجهة كافة مخاطر الانقسام والأزمات والفلتان التي تتهدد شعبنا الفلسطيني، وهذا الوجود التاريخي الأصيل من أبناء شعبنا.

 

وأشار الى إن نجاح هذه الفكرة من وجهة نظرنا مرتبط إلى حد كبير بمدى إيماننا والتزامنا بالتعددية والشراكة والطابع الديمقراطي لمجتمعنا الفلسطيني، ودورنا الجماعي، وتحديد الآليات الواقعية و العملية وذات الكفاءة، للانتقال لمرحلة متقدمة من العمل، والاستجابة لمتطلبات وأولويات مكونات الوجود العربي الفلسطيني المسيحي، مؤكدًا على أهمية التوافق على القواسم المشتركة، المتعلقة بأولويات الوجود العربي الفلسطيني المسيحي، والتي من شانها تعميق وترسيخ هذا الوجود في فلسطين، وأهمية ارتباطه بنصوص وثيقة إعلان الاستقلال، التي تعتبر الخيار الوطني الصحيح، لمواجهة سياسة الاستيطان والتهويد والتطهير العرقي للاحتلال، وأية مخاطر تواجه الوجود العربي الفلسطيني المسيحي في فلسطين.

البيان الختامي

 

وقرأ رفعت قسيس، عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر، البيان الختامي، وجاء فيه: "كلنا شعب واحد، ومواطنون في وطن واحد، مسلمين ومسيحيين ندعو إلى الحوار البناء والأخُوّة بين جميع المواطنين. ونحن واثقون أننا قادرون، مسيحيين ومسلمين، أن نبني مجتمعًا مؤسَّسًا على الأخوة والمواطنة الواحدة، في ظل القانون الواحد. وندعو كل المواطنين، المسيحيين والمسلمين، إلى عدم الانعزال والتقوقع على الذات، وإلى الانفتاح، حتى نبني معًا الوطن الذي نريده وطنًا للجميع. معًا علينا أن نتعلم كيف نكون إخوة يبنون وطنًا واحدًا.

 

وأضاف قسيس نتعلم كيف نكون مواطنين متساوين لا يفرق بيننا الدين، بل يجمعنا ويزيدنا أخُوّة، ونشجع المواطن المسيحي والمسلم على العمل على تدعيم قنوات التواصل معًا، وعلى التواصل المباشر، وخصوصًا في المدارس والجامعات وعمل الأنشطة التي تساهم في بناء الثقة والمودة والعمل معًا. وعليه نرفض أي نوع من أنواع التعصب الطائفي والديني بين الأديان المختلفة، وندعو الجميع إلى احترام حرية الضمير والحرية الدينية والمساواة بين الناس.

 

ودعا البيان المسيحيين على تعدد كنائسهم أن يحبوا بعضهم بعضًا، فيكون كل واحد سندًا لأخيه، متعاونًا معه في بناء المجتمع، وتشجيع الكنائس والرعايا والمؤسسات المسيحية على التنسيق المباشر فيما بينها، في ما يخص المشاريع والنشاطات المختلفة، بهدف دمج المسيحيين مع بعضهم البعض حيث أمكن، والى التواصل المباشر والفعّال مع القادة الفلسطينيين من مختلف الشرائح والأحزاب ومؤسسات العمل المدني من أجل العمل على خلق جو من الألفة والثقة بين الناس، ولبناء مكون سياسي واجتماعي مبني على المساواة بين جميع المواطنين.

 

ودعا المشاركون السلطة الوطنية الفلسطينية إلى توفير الأمن والأمان لجميع المواطنين، وإلى دعم سيادة القانون واستقلاله، وإلى تعزيز الحوار البنّاء والفعال بين مختلف فئات الشعب، والعمل على تطوير المناهج الدراسية وخصوصًا تلك المتعلقة بالتاريخ والوطنية بحيث تحوي المحتوى المسيحي من تاريخ وثقافة ولاهوت وتراث شعبنا ووطننا. وبذل الجهد في سبيل استمرار الحضور المسيحي ومساعدة الناس وتشجيعهم على البقاء في أرضهم من خلال تطوير المناطق السياحية والاقتصادية ودعمها.

نداء إلى الدول والكنائس في العالم

 

وفي رسالتهم للدول والكنائس في العالم أكد المشاركون في المؤتمر على أن الشعب الفلسطيني شعب يريد السلام، ويعمل على استعادة حريته. ويقولون: إن الاحتلال الإسرائيلي احتلالاً لا بد من زواله، ولا بد من إيجاد علاقة حياة جديدة في هذه الأرض المقدسة، علاقة حياة واستقلال وكرامة ومساواة. وعليه، ندعو الأسرة الدولية، وكنائس العالم، إلى العمل الجاد من أجل تطبيق قرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية لوضع حد لهذا الصراع، ولاحترام حق الفلسطينيين في الحرية والاستقلال وتقرير المصير.

 

كما دعوا الأسرة الدولية إلى ضمان الوضع القائم "الستاتيكو" في مدينة القدس، واحترام رعاية الأردن الشقيق لمقدساتها الإسلامية والمسيحية بالتعاون مع الكنائس والأوقاف الإسلامية. وأن مدينة القدس يجب أن تكون مدينة مفتوحة للجميع، ويمنع أي تغيير أحادي الجانب من أي طرف أو تغيير هويتها المتنوعة. ووجهوا دعوة لجميع الحجاج من جميع الدول والكنائس إلى زيارة مدينتي القدس وبيت لحم بعد هذه الأزمة الوبائية العالمية.

رسائل تأييد

 

وقدّم حسام وهاب عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر، تعريفًا بالتجمع، وشرحًا لأهم البنود الرئيسية التي تحكم عمله. وخلال المؤتمر وصلت رسائل تأييد للمشاركين فيه، من النائب البطريركي اللاتيني العام المطران وليم الشوملي، ورئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس المطران عطالله حنا، ومطران الكنيسة اللوثرية في الأراضي المقدسة المطران سني عازر.

 

وشاركت الباحثة اغابيكان بعرض معلوماتي حول واقع الوجود والحضور المسيحي بالأرقام والتحليل والتطلعات، حيث أكدت أن المسيحيين مكوّن أصيل وأساسي في فلسطين، وهم يشكلون اليوم 1,6 – 1,8%، منهم 130 ألف مسيحيًا في أراضي الـ1948، يتمركزون في منطقة الجليل، فيما يتواجد 50 ألف مسيحي في الضفة الغربيّة المحتلة، يتمركز 22 ألف منهم في مدن بيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور، فيما يصل عددهم في غزة إلى حوالي ألف نسمة، أما عدد مسيحيي فلسطين حول العالم فيصل إلى مليون مسيحي.