موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الثلاثاء، ١٩ يناير / كانون الثاني ٢٠٢١
الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط، يكتب: تعالوا نصلّي معًا
د. ميشال عبس، الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط

د. ميشال عبس، الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط

د. ميشال عبس :

 

ما هي الصلاة؟

 

الصلاة هي قبل كل شيء مناجاة لبارئ الكون ومعطي الحياة ومُنتشِلنا من العَدَم،

 

الصلاة هي شُكر للخالق على ما أنعمَ به على خلقه،

 

الصلاة هي فِعل طاعة للخالق في تعاملنا مع خلقه انطلاقًا من ناموسه،

 

الصلاة هي فعل حَمدٍ لمُبدع الوجود على كل ما وضعه بتصرّف الخليقة، 

 

الصلاة هي فِعلُ وفاء لموجد الكون على تزويدنا بمقوِّمات استمرار الحياة،

 

الصلاة هي اعترافٌ بقانون القدير لتنظيم شؤون الدنيا والمعمورة،

 

الصلاة هي فعل رجاء للبارئ للحفاظ على الوجود الإنسانيّ،

 

الصلاة هي أيضًا أنّ يسبُر الإنسان غورَ ذاته فيزيل منها الشوائب التي تعطّل الحياة،

 

الصلاة هي أيضًا اعترافٌ بالأخطاء التي تعصُف بحياتنا اليوميّة والخطايا التي تتّسم بها ممارساتنا اليوميّة،

 

الصلاة هي أيضًا صيانة إنسانيّتنا من نفوسنا الامّارة بالسوء،

 

والصلاة هي باعثة الرجاء في النفس.

 

قد يصلّي الإنسان في وحدته،

 

وقد يناجي خالقه في انفراده،

 

وقد يعترف له في خلوته بما يخجل البوح به في مجتمعيته،

 

ولكن الجماعة المؤمنة تحتاج إلى القيام بكل ذلك مجتمعة،

 

إذا كانت الصلاة الفرديّة فعل تأمّل وعودة إلى الذات المُفردة، فالصلاة الجماعيّة تتّسم بقوة الرابط بين أفراد الجماعة المؤمنة في تأمّلها وعودتها الى الذات،

 

عندما تصلّي الجماعة المؤمنة فإنّها ترفع سويةَ التفاعل مع الخالق ومع الكون إلى مراتب عُليا،

 

عندما تصلّي الجماعة المؤمنة فإنّها تقوّي روابط الجماعة وتجذّرها في المجتمع،

 

عندما تصلّي الجماعة المؤمنة فإنّها تكون العُروَة الوثقى وتجسيدٌ للمُعتقد المسيحيّ.

 

على مدى انتشارها الجغرافيّ الكونيّ، اتّخذت المسيحيّة اشكالاً مختلفة ثقافيًا من الجماعات المؤمنة، وتنوّعت مقاربات الصلاة تنوّع الأمم والثقافات، ولكنّ الإيمان المسيحيّ بقي واحدًا ولو تنوّعت تجلّياته.

 

من الطبيعيّ أنّ يؤدّي هذا التنوّع الثقافيّ إلى ما قد يتراءى للبعض أنّه تباعد لدرجة أنّه يوحي بالغربة،

 

ومن الطبيعيّ أن تجترح كلّ حضارة طريقتها الجماعيّة في مناجاة الخالق وشكره على عطاياه،

 

ومن الطبيعيّ أن تتنوّع المقاربات والتفسيرات والتأويلات، وقد ينتج عنها خلافات ونزاعات قد تبلغ شأوًا متقدمًا،

 

لذلك كان أسبوع الوحدة، أسبوع الصلاة من أجل الوحدة، يذلّل التناقضات ويتخطّى الخلافات ويذكِّر الجماعة الكونيّة المؤمنة بوحدتها في التنوّع، لا بلّ بحقها في التنوّع.

 

أسبوع الصلاة من أجل الوحدة أصبح تقليدًا حيًا متطورًا ودخل في صلب الثقافة المسكونيّة. هو يذكِّر المؤمنين أن "كونوا واحدًا في الإيمان"، واحدًا في المسيح.

 

أسبوع الصلاة من أجل الوحدة لن نستطيع أن نحياه هذه السَنَة كما تعوّدنا، للأسباب نفسها التي شلّت حركة البشريّة جمعاء، ولكن رمزيّته تبقى ثقافة وتحديًّا، تقول للمؤمنين أن اتحدّوا في البرّ ومحبّة الآخر وخدمة المحتاجين وتضميد جراح المكلومين ومؤاسات البائسين.

 

أسبوع الصلاة من أجل الوحدة سيبقى النفير الداوي ليقظة المؤمنين على تخطّي الذاتيّة ونبذ الأنانيّة من أجل الانتماء إلى الإنسانيّة الجامعة في الرّب التي بها تكون لهم حياة أفضل.