موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٢٢ ابريل / نيسان ٢٠٢١
الأرشمندريت د. بسام شحاتيت يكتب: المحاكم الكنسيّة في بداية المئوية الثانية
الأرشمندريت د. بسام شحاتيت، رئيس المحكمة البداية للروم الملكيين الكاثوليك في الأردن

الأرشمندريت د. بسام شحاتيت، رئيس المحكمة البداية للروم الملكيين الكاثوليك في الأردن

الأرشمندريت د. بسام شحاتيت :

 

أولت المملكة الأردنية الهاشمية منذ تأسيس إمارة شرق الأردن في 21 نيسان 1921، في عهد المغفور له سمو الأمير عبد الله الأول بن الحسين اهتمامها بجميع مواطنيها ومنحت المواطنين المسيحيين حقوقهم الشَّخصيّة ومنها صلاحية تأسيس المحاكم الكنسية.

 

تميزت العلاقة بين الدولة ومجلس رؤساء الكنائس في الأردن بالتعاون المتبادل، مما انعكس بشكل إيجابي على جميع النواحي، ومنها القضاء الكنسي.

 

تحتفل المحاكم الكنسية في مئوية الدولة الأردنية من خلال توثيق تطوير القوانين خلال الفترة الماضية وخصوصا في السنوات العشر الأخيرة.  تم تحديث وتطوير القوانين الكنسية وتعين قضاة يحملون درجة الدكتوراة في القانون الكنسي وقضاة وقاضيات من العلمانيين وتسريع إجراءات التقاضي وعمل مؤتمرات وندوات قانونية للقضاة والمحامين.

 

في الدولة الأردنية الحديثة، إن المسيحيين هم مواطنون يتمتعون بالمساواة، كما نصت المادة السادسة، البند الأول من الدستور: "الأردنيّون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين". (المادّة 6/1).

 

كان لسيادة المطران ميخائيل عساف رئيس المحكمة الكنسية البدائية دورٌ هامٌ في تمتين أواصر العلاقات بين الكنيسة وإمارة شرق الأردن، وحين وفاته وصفه صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله الأول بما يلي: " نِعْمَ الرجل كان المطران بولس سلمان، عاش كريماً، وقضى فقيراً، كان مثال الوداعة والنصح والإخلاص في السرّ والعلن، وكان دعامةً قويةً لنا وللدولة، ولمنْ يرعاهم من أبنائناً".

 

في هذا السياق لا بد من أن نذكر سيادة المطران بولس سلمان الذي أرسى دعائم هذه العلاقة مع سمو الأمير وقضاة وزعماء العشائر الأردنية. وقد ألف كتاب يحمل عنوان "خمسة أعوام في شرق الأردن"، والذي يتحدث فيه عن القضاء العشائري وأصول المحاكمات في المجتمع الأردني.

 

منذ تأسيس المملكة الأردنية الهاشمية، لم يكن هناك أي تمييز بين أبناء الوطن الواحد، وبحسب الدستور الأردني لعام 1952، يتمتع جميع الأردنيين بالمساواة والحرّيّة في ممارسة الشعائر الدينيّة.

 

وقد تم الاعتراف بالمحاكم الدينيّة وتحديد اختصاصها وفقاً للمادّة 99، ونخص هنا بالذكر المحاكم الكنسيّة ومجالس مجالس الطوائف الدينيّة المسيحيّة 2014، وتختص بالنظر في قضايا الأحوال الشَّخصيّة لأبناء طائفتها في المملكة.

 

من خلال التنقيب في الأوراق القديمة في سجلات محكمة البداية للروم الكاثوليك، نجد أن القرارات كانت تصدر عن مقر المحكمة في الحصن، وأما الاستئناف فمن القدس، وذلك بحسب السجل الأول الصادر في 29 تموز 1938، فرئيس المحكمة هو الأرشمندريت جورج نونى 1938 –1946.

 

وبالعودة الى الأرشيف والبحث والتدقيق الأولي، فمن الملاحظ أنه في البداية كانت الأحكام تسجل من خلال الكتابة اليدوية. ومن أقدم ما وجدناه إلى اليوم هو سجل الأحكام الكنسيّة رقم (1) بتاريخ 11 شباط 1934. ومن خلال مطالعتنا لهذا السجل القديم نلاحظ أن أقدم تاريخ لتشكيل المحكمة كانت بصدور الإرادة الملكية، والتي نُشرت في الجريدة الرسمية بالنص التالي: "صدرت الإرادة الملكية السامية بتأليف المجلس الملي لطائفة الروم الملكيين الكاثوليك في المملكة الأردنية الهاشمية، (جريدة النسر العدد رقم (490) وذلك يوم الاثنين الموافق 27 شباط 1950.

 

كما أن أول قضية مسجلة بحسب سجلات المحكمة البدائية في عمان هي بتاريخ 10 ايار 1935 وموضوعها فسخ خطبة، حيث نجد في الصفحة الأولى من السجل الأول لعام 1932 تعرفة رسوم المحاكم الكنائسية في شرق الأردن، وفق العملة المستخدمة في الدفع هي الجنيه، وأن أقل قيمة هي خمسة مليم، وأعلى تكلفة هي أربع جنيهات في رسم حكم الطلاق.

 

تعيش الكنيسة آمال وضيقات شعبها، ومن هذا المنطلق ترى الكنيسة أن من واجبها تطوير قوانينها وإيجاد حلول للمشاكل. تتطلع الكنيسة بأمل لمستقبل المحاكم الكنسية والمدنية التي تسعى لتطبيق مبدأ المساواة وتحقيق العدالة والسعادة.

 

وعلى المستوى الوطني الأردني، فنحن نشيد برؤية صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم في الورقة النقاشية السادسة التي ذكر فيها: "أصبح من الضروري وضع استراتيجية واضحة للسنوات القادمة تعمل على صيانة وتطوير مرفق القضاء وسائر الأجهزة المساندة له، وتساهم في تعزيز البيئة القضائية الفاعلة والنزيهة، وتهيئة بنية مؤسسية عصرية تليق بالقضاء".

 

في بداية المئوية الثانية للدولة الأردنية نشيد بالإنجازات التي تمت خلال المائة عام الماضية خاصة في القضاء والمحاكم الكنسية وفي تطوير القوانين والتشريعات.  نتطلع بأمل لمستقبل أفضل من أجل تحقيق العدالة والمساوة للجميع في ظل حضرة صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين والعائلة الهاشمية.

 

 

(نشر في صحيفة الرأي الأردنية)