موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ١٣ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠٢١
افتتاح "دار القنصل" في البلدة القديمة بالقدس بعد ثماني سنوات من أعمال الترميم

أبونا ووكالات :

 

بعد ثماني سنوات من أعمال الترميم وإعادة التأهيل، تم في التاسع من تشرين الثاني الحالي افتتاح المعلم التاريخي "دار القنصل" في البلدة القديمة في مدينة القدس، بتمويل سخي من الاتحاد الأوروبي، وإدارة برنامج الموئل للأمم المتحدة، وبتمويل رئيسي ثانِ من قبل منفذة المشروع وهي حراسة الأرض المقدسة، صاحبة العقار، وبالتعاون مع جامعة القدس.

 

وقد دعم الاتحاد الأوروبي إعادة تأهيل مجمع "دار القنصل"، التابع لحراسة الأراضي المقدسة، على مدار ثماني سنوات بقيمة 4.23 مليون يورو. ومن خلال هذا الدعم، تم إعادة تأهيل 36 وحدة سكنية و5 أفنية مجتمعية ومساحة أرضية تزيد عن 1200 متر مربع. ستكون المنطقة، المعاد تأهيلها، بمثابة مساحة مجتمعية في البلدة القديمة في القدس.
 

بعد قص شريط الافتتاح وإزاحة الستارة عن لوحة التعريف بالمكان، اصطحب الوكيل العام لحراسة الأراضي المقدسة الأب رمزي صيداوي الفرنسيسكانيّ، في جولة تعريفيّة عن الموقع، كلاً من حارس الأرض المقدسة الأب فرنشيسكو باتون، وأعضاء المجلس الاستشاري للحراسة، ومدير مكتب فلسطين لبرنامج الموئل للأمم المتحدة د. زياد الشقرة، وممثل الاتحاد الأوروبي سفن كون فن بور جسدرف، ونائب رئيس الجامعة التنفيذي لحرم الجامعة بالقدس د. عماد خطيب.

 

وقال الأب صيداوي: "لقد تم العمل على شقين، الأول: إعادة تأهيل وتصليح 42 وحدة سكنية، ليس فقط البيوت من الداخل فحسل، إنما البيئة الخارجية أيضًا، حيث تمّ إعادة ترميم جميع الساحات الداخلية والممرات الداخلية والبنية التحتية للموقع برمته. أما عن الشق الثاني المتمثّل بالطابق السفلي، فقد كان مشروعًا ضخمًا إذ اكتشفنا العديد من الآثار من العهد الروماني والبيزنطي والإسلامي المملوكي، ويحتوي الموقع على عدة أماكن سنقوم بتوفيرها للحجاج بتفعيل محلي".

أما مدير مشروع دار القنصل من قبل حراسة الأرض المقدسة المهندس فيليب دحابرة، فأوضح بأنّ ما يميز هذا المكان هو الآثار التي عثر عليها، فقد عثر على قبر يعود إلى القرن السادس أو السابع قبل الميلاد. وكان ذلك من الأمور المذهلة التي أكسبت المكان رونقًا، وحدّدت أقدم حقبة تاريخية موجودة في هذا المكان. أما في الحقبة الرومانيّة، فقد كان هذا الموقع ضمن شارع الكاردو مكسيموس وهو المحور الأساسي للمدينة.

 

وأضاف: "عثرنا في الحفريات على آثار حوانيت كانت في هذا الشارع، الكاردو، إضافة إلى تقاطعات مع شوارع رومانيّة فرعيّة أخرى التي تجسد البلدة القديمة في تلك الفترة، وهناك قنوات رومانية منحوتة في الصخر. ومن بين المكتشفات الأثرية أيضًا حمام بيزنطي منفرد زين قسم منه بالفسيفساء مما يدل على أنه سكن في هذا المكان أشخاص من الفئات الاجتماعية المرموقة. كما تمّ العثور على بئر بيزنطية مرصوفة كاملة بالفسيفساء تبلغ مساحاتها 15 مترًا مربعًا.

 

وأشار إلى إنّ هذا المبنى ظاهر على خارطة مادبا الفسيفسائيّة القديمة التي تبيّن مباني القدس دون تحديد اسمه. وأضاف: تبين أن هذا المبنى كان مبنى ضخمًا في الحقبة البيزنطية حيث تم استخدامه كمبنى مجتمعي، له مدخل من طريق الآلآم ومخارج من مناطق أخرى ويتصل بالكاردو من مخارج أخرى.

وقد تضمن الاحتفال أيضًا غرس شجرة زيتون داخل الموقع من قبل الأب باتون كرمز للسلام، الذي أعرب عن أمله بأنّ يساهم هذا النوع من المشاريع في تطوير البلدة القديمة والمدينة المقدسة برمتها. وقال: "لقد سرّني أن أعرف أن العديد من طلاب الجامعة المحلية عملوا في هذا المشروع".

 

من جهته، قال نائب رئيس الجامعة التنفيذي لحرم الجامعة بالقدس د. عماد خطيب، أنّه "بالنسبة لجامعة القدس وطلابها وأساتذتها فقد كان الترميم فرصة كبيرة للغاية، أولاً لتقديم خبراتهم ولكي يتعلموا من خلال السنوات الثماني التي مضت في عملية الترميم، وأيضًا في عملية استخدام المبنى الذي سيخدم أيضًا كحاضنة للأعمال وستديرها جامعة القدس".

بدوره نوّه ممثل الاتحاد الأوروبي سفن كون فن بور جسدرف بالميزات المتعددة لمشروع "دار القنصل". وقال: "إنها شراكة حقيقية بين هذه المنظمات التي تبيّن ما يمكن أن نقوم به في القدس كإمكانية للفلسطينيين الذين يعيشون هنا والحفاظ على الموروث الثقافي وقيم الشعب الفلسطيني".

 

وأضاف: "إن المواقع التاريخية في فلسطين ليست مهمة فقط لقيمتها الثقافية والتراثية التي تم تصنيف بعضها بالفعل على أنها تراث عالمي، ولكن أيضًا لإمكاناتها الاجتماعية والاقتصادية الواعدة. لذلك، استثمر الاتحاد الأوروبي في ترميم مجمع دار القنصل ليصبح مركزًا تعليميًا وتكنولوجيًا ومجتمعيًا. هنا نرى مساحة تم تطويرها بمساندة الطلاب والتي لا تفيد الشباب فحسب، بل تفيد أيضًا مجتمع المدينة القديمة ككل. ستسمح لهم هذه المساحة ببناء مهاراتهم المهنية وتبادل الأفكار. إن مثل هذه المشاريع أساسية للحفاظ على الهوية الفلسطينية للمدينة".

من جهته أوضح برنامج الموئل للأمم المتحدة في فلسطين د. زياد الشقرة بأنّ الأمم المتحدة تعنى بشكل عام بمساعدة السكان في تطوير البيئة المحيطة بهم وليس فقط ما يتعلق بالسكن نفسه، وإنما بالمجتمع المحيط بهم إذ نطور المساكن إضافة على المرافق والخدمات العامة والبنية التحتية، مشيرًأ إلى أنّه تم تنظيم مساحات عامة بين الشقق السكنية لتكون بمثابة متنفس للساكنين في أيام الصيف وتمّ زراعة مناطق خضراء.

 

وأضاف: تتماشى مشاركة موئل الأمم المتحدة مع الهدف 11 من أهداف التنمية المستدامة، جعل المدن والمستوطنات البشرية شاملة وآمنة ومرنة ومستدامة. ركزنا على تحسين الظروف المعيشية وتحسين فرص كسب العيش للفلسطينيين المحليين. كان هدفنا هو الحفاظ على موقع التراث المحلي وإعادة تأهيله وتجديده لتحقيق أقصى قدر من الإدارة الحضرية المستدامة من خلال إشراك المجتمع وخاصة الشباب. لقد تم إنجاز ذلك من خلال الاستفادة من الميزات التاريخية والمعمارية والأثرية الفريدة لدار القنصل لتلبية الأساليب الحديثة والصديقة للبيئة والمساحات الخضراء لدعم التنمية المستدامة في البلدة القديمة في القدس".