موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
ثقافة
نشر الأحد، ١٥ أغسطس / آب ٢٠٢١
ألمانيا تحيي الذكرى الستين لبدء بناء جدار "العار" في برلين
امرأة تضع إكليلا من الزهور خلال إحياء الذكرى الستين لبناء جدار برلين، 13 آب 2021

امرأة تضع إكليلا من الزهور خلال إحياء الذكرى الستين لبناء جدار برلين، 13 آب 2021

أ ف ب :

 

أحيت ألمانيا الجمعة الذكرى الستين لبدء بناء جدار برلين الذي أغلق الثغرة الوحيدة التي كانت لا تزال قائمة في الستار الحديدي. وشارك الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير في إحياء الذكرى، واغتنم الفرصة للتذكير بأهمية ممارسة الحق في التصويت قبل أسابيع قليلة من إجراء الانتخابات الألمانية "التي جعلها الجدار مستحيلة لفترة طويلة".

 

وفي فجر الأحد 13 أغسطس 1961 بدأ في برلين الشرقية تشييد الجدار، الذي أغلق الثغرة الوحيدة التي كانت لا تزال قائمة في الستار الحديدي. وخلال الساعات الثماني والأربعين السابقة لهذا الحدث، تكثفت الشائعات حول إغلاق الحدود بين شرق برلين وغربها.

 

وفي يوم الجمعة التالي، تلقى مجلس الوزراء الألماني الشرقي الإذن بموجب قرار اتخذه بالإجماع "مجلس الشعب" أي البرلمان في جمهورية ألمانيا الديمقراطية لاتخاذ كل القرارات للجم نزوح السكان عن ألمانيا الشيوعية نهائيًا. وخلال السنوات الإثني عشر الماضية، اختار أكثر من ثلاثة ملايين "التصويت بأقدامهم" مفضلين الحرية والازدهار في ألمانيا الغربية على التقشف في ألمانيا الشرقية.

 

والأحد، بثت وكالة الأنباء الفرنسية نبأ عاجلا في صيغة فلاش مصدره برلين جاء فيه "ذكرت وكالة ’دي بي إيه‘ الألمانية للأنباء، أن الجيش والشرطة الشعبيين ينتشران عند حدود برلين الشرقية وبرلين الغربية لمنع المرور". وفي فلاش ثان نقلت أيضًا وكالة الأنباء الفرنسية عن الوكالة الألمانية نفسها أن "القطارات في برلين لم تعد تمر من قطاع إلى آخر منذ ساعتين".

 

وتوالت الأخبار العاجلة بعدها، فقد "قرر مجلس الوزراء في ألمانيا الشرقية فرض إجراء عمليات تدقيق كتلك المعتمدة عند حدود دولة ذات سيادة، عند حدوده حتى تلك الفاصلة مع برلين الغربية". ثم عند الساعة 14,36 "أمر من وزارة الداخلية في ألمانيا الشرقية يحظر على سكان هذا البلد التوجه إلى برلين الغربية إن كانوا لا يعملون هناك". ولاحقًا أعلن في برقية إخبارية أخرى أنه "يُمنع على سكان برلين الشرقية العمل في برلين الغربية بموجب قرار من سلطات بلدية برلين الشرقية".

 

 

اقتحام الستار الحديدي

 

ووصف صحافي من وكالة الأنباء الفرنسية الوضع قبيل الظهيرة "وضعت أسلاك شائكة وعوائق ليلا لإقفال الحدود بين برلين الشرقية وبرلين الغربية بإحكام. وقطعت الطريق عمليا أمام اللاجئين. وأغلقت غالبية المعابر بين شطري المدينة منذ الفجر مع حراسة مشددة من الشرطة الشعبية التي تقوم بدوريات مع أسلحة رشاشة. وبقي 13 معبرا مفتوحا بين شطري برلين مع تعزيزات من الشرطة..".

 

و"بات متعذرا على أي ألماني شرقي أن يعبر إلى الغرب من دون تصريح خاص مع عمليات تدقيق صارمة جدا"

 

وفيما لف الإغلاق المطبق الجزء الشيوعي من المدينة، تمكن شاب من برلين الشرقية من اقتحام شبكة الأسلاك الشائكة الفاصلة بين شطري المدينة بسيارته. وروت وكالة الأنباء الفرنسية كيف "فوجئ عناصر الشرطة كثيرا برؤية شاب يصل بسرعة كبيرة في سيارة فولكسفاغن ويجتاح الأسلاك الشائكة التي جرها معه إلى القطاع الفرنسي" من برلين.

 

 

"جدار العار وشريط الموت"

 

وتدريجا، سيحل جدار إسمنتي مكان الأسلاك الشائكة على امتداد 43 كيلومترا ليقسم المدينة إلى شطرين شمالي وجنوبي. وتكفل جدار آخر يمتد على 112 كيلومترا بعزل جيب برلين الغربية وسكانها البالغ عددهم المليونين، عن ألمانيا الشرقية.

 

وتم تحديث الجدار بانتظام خلال الثماني والعشرين عاما من وجوده على مسافة أكثر من 100 كيلومتر، مع كتل من الإسمنت المسلح بارتفاع 3,60 أمتار يعلوها بناء أسطواني الشكل من دون إمكانية لتسلقها، فيما البقية كانت على شكل سياج.

 

وعلى طول "جدار العار"، امتدت من الجانب الشرقي منطقة عازلة بلغ عمقها 30 مترا في بعض الأماكن. وعند أقدام الجدار، كان "شريط الموت" المؤلف من أرض يتم تمشيطها بعناية لرصد آثار الأقدام ومجهزة بموقع لإطلاق النار ومزروعة وبالألغام.

 

ومع أن "الجدار المناهض للفاشية" هذا كان محكم الإغلاق، تمكن نحو خمسة آلاف شخص من الفرار عبره، حتى سقوطه في التاسع من نوفمبر الثاني 1989. لكن نحو مئة شخص قتلوا خلال محاولتهم الفرار.

 

 

من التقسيم إلى الوحدة

 

في نهاية الحرب العالمية الثانية ومع انتصار الحلفاء بقيادة الولايات المتحدة على النازية وتنظيم مؤتمر "يالطا"، قسمت ألمانيا إلى أربع مناطق يسيطر عليها الحلفاء (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والاتحاد السوفييتي). ثم في آذار 1946 أعلن رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرتشل أن "ستارًا حديديًا" قد ضرب بين الدول الأوروبية الموالية للاتحاد السوفييتي ونظيرتها الموالية للولايات المتحدة الأمريكية.

 

في 23 أيار 1949 تم تأسيس جمهورية ألمانيا الاتحادية على الأراضي الخاضعة لسيطرة الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا. وقد عرفت لاحقا بـ"ألمانيا الغربية". وفي 7 تشرين الأول 1949 تم تأسيس جمهورية ألمانيا الديمقراطية على الأراضي الخاضعة لسيطرة الاتحاد السوفييتي. وقد عرفت لاحقا بـ"ألمانيا الشرقية".

 

وفي أيلول 1987 قام زعيم ألمانيا الشرقية إريك هونيكر بزيارة تاريخية إلى ألمانيا الاتحادية، لتندلع في أيلول 1989 سلسلة مظاهرات حاشدة ضد الحكومة في ألمانيا الشرقية.

 

وتنتهي تلك الأحداث التاريخية البارزة في تاريخ ألمانيا ما بعد الحرب، بعبور عشرات الآلاف من الألمان الشرقيين الحدود باتجاه برلين الغربية أمام أعين الحراس ورجال الجمارك في ليلة 9 إلى 10 تشرين الثاني 1989. في آب 1990 تم انتخاب هيلموت كول مستشارا لألمانيا الموحدة وتم إعلان برلين عاصمة لها.