موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الجمعة، ١٦ ابريل / نيسان ٢٠٢١
أخذ يسوع خبزًا وشكر وناوله لتلاميذه
الرسالة الرسوليّة "أمكُث معنا يا ربّ" (Mane nobiscum Domine)، الأعداد 15 و16

القدّيس يوحنّا بولس الثاني :

 

إنَّ البُعدَ الأكثَرَ وضوحًا في سِرّ الإفخارستيا هو بلا شكّ بُعدُ الوليمَةِ. فقد وُلِدَت الإفخارستيا يوم خميس الأسرار في إطار الاحتفال بوليمَةٍ. لذا، فهي تحمل معنى المشاركة والوجود معًا: "خُذوا كُلوا... ثمّ أخذ الكأس... خذوا فاشربوا منها كلّكم"(راجع مت 26: 26-27). هذه الكلمات تعبّر عن رغبة الله في أن يقيم علاقة معنا وفي أن نُنمي نحن هذه العلاقة بين بعضنا البعض.

 

ومع ذلك لا يمكن أن ننسى أن للإفخارستيّا، قبل كلّ شيء آخر، معنىً أساسيًّا وهو "الذبيحة". فالرّب يسوع يُقدّم لنا من جديدٍ في كل احتفالٍ إفخارستيّ الذَّبيحةَ التي تمّت لمرّةٍ واحدَةٍ فقط على الجلجلة. فالرّب يسوع القائم من الموت، بحضورِهِ في سرّ القربان، إنَّما يَحمِلُ آثار الآلام التّي يُشَكِّلُ كلَّ قدّاسٍ تذكارًا لها. وهذا ما يعنيه الهتاف: "إنّنا نذكُرُ موتك ونعترف بقيامتك إلى أن تأتي يا ربّ". وفي الوقت الذي تجعل فيه الإفخارستيا الماضي حاضرًا، فهي ترنو بنا إلى المستقبل، إلى مجيء الرّب يسوع في نهاية الأزمنة. وهذا البُعد الأُخرويُّ يُعطي الإفخارستيا ديناميّة السير، وهي بدورها تعطي المسيرة المسيحيّة نفحَةَ الرّجاء.

 

إنّ كلّ الأبعاد المذكورة سابقًا تجتمع في بُعد أساسي يشكّل تحدّيًا قويًّا لإيماننا، وهو بُعد "الوجود الحقيقي" للرّب يسوع المسيح في الإفخارستيا. فنحن نؤمن، كما آمنت الكنيسة من البداية، أنّ الرّب يسوع موجود حقًّا تحت أعراض الخبز والخمر، وهو وجودٌ حقيقيٌّ... وهذا الحضورُ الحقيقي هو الذي يعطي باقي أبعاد الإفخارستيا (الوليمة، ذكرى القيامة، استباق للدهر الآتي) معنى أسمى بكثير من الرّمزيّة. إنَّ الإفخارستيا سرٌّ وحضورٌ يتحقّق من خلاله بشكلٍ مُمَيَّزٍ وعد الرّب يسوع بأن يبقى معنا إلى الأبد. (راجع مت 28: 20).