موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٥ يناير / كانون الثاني ٢٠٢٣

وزارات الإصلاح الأخلاقي

بلال حسن التل

بلال حسن التل

بلال حسن التل :

 

طالبت في المقال السابق بإصلاح منظومة القيم والأخلاق في مجتمعنا كمدخل للإصلاح الشامل, وأشرت إلى ضرورة إصلاح واقع التعليم, الذي يشهد تراجعاً كبيراً في بلدنا, ليس على صعيد غياب المرافق التي تخلق أجواء تعليمية صحية, سواء في الجامعات أو المدارس, بل وعلى صعيد المناهج المدرسية التي لم يعد خطرها مقتصراً على اعتماد مبدأ الحشو والتلقين, فالخطر الحقيقي يكمن في التباين بالمناهج بين المدارس في وطننا, وهذا التفاوت في مناهج التعليم, يحول الأردنيين إلى مجموعات سكانية تعيش في جزر معزولة عن بعضها, تحول بينها حواجز من المفاه?م والقيم والعادات والتقاليد, ينعكس شرذمة في الثقافة الوطنية, وتبايناً في المواقف من القضايا الاجتماعية الوطنية والقومية, وفي هذا خطر اكيد على سلامة الدولة وتماسك بنيانها.

 

لقد صار الأردن يعيش حالة من التمزق بين خليط من القيم, نتيجة لتعدد مناهج التعليم في بلدنا, لذلك فإن توحيد مناهج اللغة العربية والتربية الإسلامية والتربية الوطنية ضرورة ملحة لضمان وحدة الهوية الثقافية والسلوكية والحضارية للأردنيين, وهو أمر يستدعي إجراءات حاسمة, لوقف التدهور في مخرجات التعليم, خاصة في مجال منظومة القيم والمفاهيم والسلوك, وما يشكله ذلك من خطر على وحدة المجتمع, جراء غياب المنهج التربوي التعليمي المتكامل في وطننا, مذكرين بأن الأوطان تؤخذ أولاً من عقول أبنائها قبل أن تؤخذ بسيوف أعدائها, لذلك فإن ?ي عملية إصلاح حقيقي, لا بد من أن تجعل المنظومة القيمية أولويتها الأولى, لأنها تتعلق ببناء جوهر الإنسان ونظرته للحياة وسلوكه وعلاقته بالآخر, وقبل ذلك كله موقفه من القضايا, التي يمر بها وطنه وأمته.

 

إن الإصلاح الأخلاقي والقيمي يقتضي الاهتمام بأدوات بناء هذه المنظومة, وأولها وزارات التربية والتعليم والتعليم العالي والأوقاف والثقافة, وأن يكون بين هذه الوزارات تكامل مطلق, خاصة على صعيد المفاهيم التي نريد تربية الإنسان الأردني عليها وبناء قناعاته على أساسها.

 

إن من الاختلالات الكبرى في حياتنا, هذا الإهمال الخطير للثقافة في بلدنا, والذي يتجسد في الإهمال الواضح لوزارة الثقافة, سواء من حيث استمرارها أو اختفائها, ومن حيث أهميتها في تركيبة الدولة, أو من حيث توفير الإمكانيات التي تعينها على أداء دورها, وهو الأمر الذي ينسحب تماماً على وزارة الأوقاف رغم خطورة الرسالة المناطة بها, والتي لا يتناسب واقعها وواقع العاملين بها, على خطورة دورها, لذلك فإن أي إصلاح حقيقي في البلاد لا بد من أن يولي وزارات الأوقاف والتعليم والثقافة إهتماماً خاصاً لأنها هي التي تبني الإنسان القادر?على بناء الوطن, من خلال وضع سياسة تربوية تعليمية ثقافية وعظية إعلامية لبلدنا متكاملة ومتناسقة.

 

وفي إطار الحديث عن ضرورة وأهمية منظومة القيم, يبرز الحديث عن اللغة العربية, وضرورة احترامها والاهتمام بها, وإعادة النظر في أساليب تدريسها, فقد صرنا نلاحظ إهمالا شديداً للغتنا في حياتنا وتعاملاتنا اليومية, وفي هذا خطر حقيقي على وحدة المجتمع وقيمه, وهوية الدولة وبنيانها لا بد من التصدي له.

 

(الرأي الأردنية)