موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ٢٩ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠٢١

هموم الحياة في زمن المجيء

بقلم :
مايكل عادل ماركو - المجر
نورك الإلهي أقوى من الظلمة المنتشرة في عالمنا

نورك الإلهي أقوى من الظلمة المنتشرة في عالمنا

 

نقرأ في قراءات الأحد الأوّل من زمن المجيء في إنجيل القدّيس لوقا الاصحاح 21 الأعداد من 34 إلى 36 هذا التحذير: "احذَروا أَن يُثقِلَ قُلوبَكُمُ السُّكْرُ والقُصوف، وهُمومُ الحَياةِ الدُّنيا، فَيُباغِتَكم ذلِكَ اليَومُ كَأَنَّهُ ٱلشَّبَك، لِأَنَّهُ يُطبِقُ عَلى جَميعِ مَن يَسكُنونَ وَجهَ ٱلأَرضِ كُلِّها. فَٱسهَروا مُواظِبينَ عَلى ٱلصَّلاة، لِكَي تَكونوا أَهلًا لِلنَّجاةِ مِن جَميعِ هَذِهِ ٱلأُمورِ ٱلَّتي سَتَحدُث، وَلِلثَّباتِ لَدى ٱبنِ ٱلإِنسان".

 

 

هُمومُ الحَياةِ الدُّنيا

 

هل توجد حياة بدون هموم؟ هل هناك من يعيش بدون هموم ومشاكل؟ ألسنا بشرا وطبيعتنا البشرية تتميز بالضعف؟ متى تنتهي هذه الهموم؟ ماذا علينا أن نفعل أمام هذه التحديات الحياتية اليومية؟

 

الحياة تزداد تعقيدا وسرعة وفقدان البعض للضمير الحي، ويجري البعض وراء المكسب المادي السريع ويفقد كثيرون الجانب الإنساني والروحي فيُحملونا أعباء أكثر مما سبق. ونتيجة لهذا الوضع تحمل لنا الحياة آلاف التحديات الجديدة، والمعانة من أوضاع تثقل كواهلنا بهموم جديدة.

 

هناك هموم مادية وتحديات تواجه جميع الأسر والأفراد مع إزياد الأسعار العالمية، ونقص بعض المواد الأساسية في بعض البلدان النامية، وتعرض مئات الآلاف لفقدان وظائفهم بسبب لوباء العالمي فيروس كورونا.

 

وبجانب هذه التحديدات الجديدة تواجهنا هموم أخرى وهي الهموم الصحية، سواء الأمراض الجسدية ونقص الرعاية الصحية الجيدة، أو بسقوط الكثيرين في أمراض نفسية نتيجة هذا الوضع المُقلق.

 

فنحن بشر ونتعرض للكثير من الهموم والمشاكل اليومية في هذا الوقت أكثر من أي وقت مر، وبدون وعي تثقل هذه الهموم قلوبنا وتبعدنا عن الحياة الروحية، ولكن تأتي قراءات الأحد الأوّل من زمن المجيء تحذرنا من أن تثقل قلوبنا بهموم الحياة الدنيا. فكيف نستطيع الاستفادة من هذا التحذير؟

 

 

زمن المجيء

خصصت الكنيسة زمن المجيء لتشجيع المؤمنين على الاستعداد لهذا الحدث الفريد واستقبال طفل المذود يسوع المسيح بالصلاة والصوم، وأعتقد عندما خصصت الكنيسة هذا الزمن لم يكن الوضع أفضل مما نحن عليه الآن، فكانت هناك هموم ومشاكل وتحديات حينذاك، ولكن لكل زمن تحدياته وهمومه ومشاكله.

 

وبالرغم من هذه الهموم تضع أمام الكنيسة تحذير الكتاب المقدس لكي لا نسمح لهذه الهموم بأن نثقل قلوبنا، ونترك مكانا للسيد المسيح.

 

فإذا غرقت قلوبنا بهموم الدنيا لن يجد المسيح مكانا ليولد فيه، مثلما حدث من آلاف السنين وكأن التاريخ يعيد نفسه، فالبشر ينشغلون بكل شيء إلا المسيح. السيد المسيح يُقدر انشغالاتنا وقلقنا ولكنه هو الوحيد القادر على مساعدتنا بهذا الحياة فإذا ما اعطينا له مكانا في قلوبنا فكيف يستطيع أن يساعدنا؟

 

إذا الحل أمام هذه الهموم وضعف الرؤية البشرية هو الاستعانة بقوة إلهية، لأننا كبشر ننظر لمشاكل الحياة من جهة واحدة، ولكن النعمة الإلهية ترفعنا فوق الهموم ليرشدنا الروح القدس ويقوينا على مواجهة هذه الهموم بأمل جديد.

 

تعجبني في الكنيسة اللاتينية فكرة وجود "إكليل الشموع الأربعة" في زمن المجيء فكل شمعة تحمل رمزا والشمعة الأولى بهذا الزمن المقدس هي شمعة الأمل والمغفرة، فالأمل يولد في قلوبنا مع بداية هذا الزمن فتصير قلوبنا مضيئة، وهذا الضوء قادرا على إزاحة هموم الحياة، لأنه نور السيد المسيح الذي لا تستطيع أية قوة على اخماده في قلوبنا قادرا على زرع الرجاء والأمل في قلوبنا. ونستطيع اشعال هذا الضوء في قلوبنا بالتقدم لسر التوبة لنوال المغفرة ومن ثم نريح قلوبنا من الخطايا المظلمة.

 

 

شمعة الأمل

 

الأمل الذي ترمز له الشمعة الأولى "إكليل الشموع الأربعة" هو احساسا هاما لنا كبشر، ويساعدنا بأن نؤمن بانتهاء أية مشكلة مهما كانت لأن لكل شيء نهاية وللهموم نهاية. وهذه المشاكل والهموم تقوينا وتكسبنا خبرة في هذه الحياة الصعبة، وتدفعنا للتمسك بالسيد المسيح، الذي تجسد من أجل أن تكون لنا حياة أفضل، فمعه نَصل لهذه الحياة ونستطيع التمتع بنعمة الحياة بقوة روحه القدس الذي يملئ القلب بالسعادة والفرح الإلهي. 

 

يا رب حياتنا بدونك لا تُعاش فساعدنا أن نكون معك،

نورك الإلهي أقوى من الظلمة المنتشرة في عالمنا،

تعالي وأملئ قلوبنا بنور روح القدس الذي يبدد كآبة القلوب.

يا طفل المذود أيها الطفل العجيب ساعدنا أن نفتح قلوبنا لتشرفنا بميلادك العجيب،

نحن كبشر نضع ثقتنا بك ونؤمن بأن نورك سيشرق في قلوبنا الأمل والفرح الإلهي الحقيقي.