موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٢٧ يونيو / حزيران ٢٠٢١

ها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر

بقلم :
د. طلال فرج كيلانو - هولندا
في رسالة قداسة البابا فرنسيس في مناسبة اليوم العالمي الأوّل للأجداد وكبار السّن

في رسالة قداسة البابا فرنسيس في مناسبة اليوم العالمي الأوّل للأجداد وكبار السّن

 

وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ آمِينَ".

في رسالة قداسة البابا فرنسيس بمناسبة اليوم العالمي الأول للأجداد وكبار السن في 25 تموز 2021

 

 

"أنا معك كلّ يوم"  قدمها لنا قداسة البابا فرنسيس كجزء من عنوان لرسالته الى الاجداد وكبار السن انها تضيف الى هذه الرسالة روح المعاصرة باستخدامه لها ولجني الفوائد منها كتعليم للرب يسوع، وتمثل اهتمام خاص وتذكير رمزي بأهمية وجود الأجداد وكبار السن معنا، وفي قراءة تحليلية لمحتوى الرسالة فالعنوان يشير إلى ألا يوجد سن معينة للتقاعد لكم ومن الآن واجبكم مخاطبا المعنيين في الرسالة هو إعلان الإنجيل وسنحتفل به معكم ننقله للابنا والاحفاد.

 

وما أجمل هذه المواعيد التي قدمها قداسة البابا في رسالته، كلها رجاء ومبعث الأمل، تعطي النفس اطمئنانًا عجيبًا إذ وضع علينا عملًا عظيمًا هكذا... أورد تعليمًا إنسانيًا عميقًا هو "ها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر"، وكأنه يقول ذلك: متمثلاً بالرب يسوع في تعليمه وتأكيده على ألا تقولوا أن العمل المُلقى عليكم صعب، فإنّني معكم وسنستطيع عمل كل شيء بسهولة، لم يقل إنه يوَد أن يكون معهم ولوحدهم، بل مع جميع المؤمنين ومن سيأتي من بعدهم. هو يشعر بنا وبكل ما نعانيه من أجل اسمه.

 

تضمنت رسالة البابا محاور مختلفة في مجموعها تؤشر مدى حرص البابا على الانسان بمختلف مراحله العمرية وعلى وجه الخصوص المتقاعدين والأجداد وكبار السن، وقد أشار إلى أنه سيكون ولأول مرة يوم عالمي لهم فضلا عن التأسيس إلى تقليد جديد في الكنيسة هو الاحتفاء بهم سنويًا بتقديم الدعم المعنوي والنفسي والمجتمعي مع التأكيد على أن دورهم كان وما يزال جوهري في الحياة وانهم من خلال الشباب سيستطيعون تحقيق أحلامهم في المشاركة معهم في تقديم الخبرة في حثهم على تحمل المسؤولية وفيما يلي محاور الرسالة:

 

1- خبرة الألم الجديدة الذي سببه الوباء كورونا فايروس Covid-19 الى المسنين مما أدى الى فقدان الكثير منهم والغالبية الباقية بحاجة الى الدعم النفسي والمعنوي وللسبب ذاته، وكانه يقول نحن نوفر الدعم في كل شيء ستكون واجباتنا معكم اكثر عمقا و نوفر للجميع فرصة لحياة افضل في المشاركة معنا في الحياة الروحية والاجتماعية.

 

2- الازمات مهما اشتدت لابد من نهاية لها اطلبوا ان يكون الملاك الحارس معكم. "أرجو لكلّ جد، وكلّ مسن، وكلّ جدَّة، وكلّ مسنّة -خاصة مَن اشتدت عليه الوَحدة أكثر من غيرهم– أن يحظى بزيارة ملاك ستكون للملائكة أحيانًا وجه أحفادنا، وأحيانًا أخرى وجه أحد أفراد العائلة، أو أحد أصدقائنا القدامى" وبدى على البابا الحزن حين قال ان في بعض المناطق من العالم لا توجد زيارات بسبب الوباء وانتشاره.

 

3- قراءة الانجيل يوميا ويقول.. "لنقرأ صفحة من الإنجيل كلّ يوم، ولنصلِّ مع المزامير، ولنقرأ أسفار الأنبياء! وسوف تؤثر فينا أمانة الله"، صفحة واحدة فيه كي تحصلوا على البركة الروحية التي توفرها هذه القراءة.

 

4- محور العلاقات الاجتماعية كم هي ثمينة وما تزال بين البشر على الرغم مما سببه الوباء الذي اجتاح العالم والى فقدان اعزاء علينا كانت تربطنا بهم تلك العلاقات الإنسانية المميزة.

 

5- الشباب والاتجاه نحوهم وكانت وصيته لهم هي العمل على حماية الجذور تلك هي الثروة الاجتماعية والإنسانية من الجنسين، المفكرين والعلماء والخبراء في مجالات الحياة المختلفة وأصحاب مهن ممن يقدمون جهودهم لخدمة المجتمع فضلا عن الإباء والامهات وما يقدمونه الى لأبنائهم من حماية وتربية، وأوصى الأجداد وكبار السن ان يساهموا بشكل واسع بنقل الإرث بما يحتويه الى الشباب كي تستقيم الحياة، وأبلغهم الا تنسوا الصغار براعم الحياة الحاضر والمستقبل القادم كي تنموا وتزدهر، واوصيكم أيضا أيها الشباب ان تحققوا أحلام الشيوخ التي لم يكملوها وان تكونوا انتم الاستمرار لأحلامهم في تحقيق العدالة والسلام والتنمية والمستقبل واشاعة الامل لحياة افضل.

 

6- التقاعد أكد قداسة البابا "أنتم تعلمون أنّ الله أبدي، ولا يتقاعد أبدًا" لا يوجد عمر للتقاعد كبشر قادرين على العطاء يحتاج المجتمع الى جهودكم حتى بعد ان تركتم الوظائف عليكم الاتجاه الى واجبات جديدة كإعلان الانجيل ونقله الى الاحفاد كي تصنعوا شيء جديد وكأنه يقول للأجداد وكبار السن اقرؤه لهم علموهم ما يدعوا اليه الانجيل عندها لن يكون لديكم وقت فراغ متبادل معهم وتزدهر حياة الجميع بما تعلموه.

 

7- عمل الروح القدس في الانسان وهنا أجاب الرّبّ يسوع أنّ هذا يمكن أن يحدث، متى فتحنا قلوبنا لعمله الذي يهبّ حيث يشاء وبالحريّة التي يتمتّع بها، يذهب إلى كلّ مكان ويفعل ما يشاء وكان السؤال له: "كَيفَ يُمكِنُ الإِنسانَ أَن يُولَدَ وهوَ شَيخٌ كَبير؟" (يوحنا 3، 4)، وفعلا يحدث هذا كما اشاره قداسة اليه في مجمل ما قدمه من تعليم في الرسالة.

 

8- عالم الغد الجديد ونحن جميعا اخوة فضلا الصداقات الاجتماعية وأضاف عندما سيهدأ انتشار الوباء ويزول وسنخرج من هذه الشدة الى المستقبل الذي نستطيع فيه تحقيق كل جديد. وهذه الأزمة التي يمر بها العالم، لن نخرج كما كنّا، سنخرج إمّا أفضل أو أسوأ. و"ليمنحنا الله القدرة والموهبة.

 

9- الذاكرة الأليمة للحروب والاضطهادات التي حدثت وتحدث في العالم وهنا اشاره قداسته الى ذاكرة الحرب، وكم يمكن للأجيال الجديدة أن تتعلّم منها قيمة السّلام. وأنتم من عايشها وتألم بها من سينقل هذا، أنتم الذي عشتم آلام الحروب. الذاكرة هي رسالة حقيقية وخاصة لكلّ متقدم في السّن، وحمل الذاكرة إلى الآخرين في غاية الاهمية، هذه الذاكرة يمكن أن تساعد في بناء عالم أكثر إنسانيّة وأكثر ترحيبًا.

 

10- الصلاة ودعى قداسة البابا الأجداد وكبار السن الى الصلاة من اجل حماية العالم وان صلاتكم تحمينا وأعطى مثال حي البابا بنديكتوس حين أكد على الصلاة انها ثمينة للغاية، إنّها رئة تتنفس بها الكنيسة ولا يمكن لها والعالم أن يستغنوا عنها وأضاف ان الانسان حتى وهو في وحدانيته وعزلته حين يصلي سيشفع لنا وللعالم باسره.

 

11- الطلب الى الرب يسوع ان يمنح كل واحد منا القدرة على الشعور بالام الاخرين ويكرر كلمات العزاء والرجاء لهم وأوصى الأجداد وكبار السن بقوله تشجعوا والى الامام أنا أيضًا، أسقف روما، ومتقدم في السن مثلكم، وجهت إليكم هذه الكلمات، الكنيسة كلّها قريبة منكم، وقريبة منّا جميعا، وتهتم بكم، وتحبكم ولا تريد أن تترككم لوحدكم وليبارككم الرب.

 

يا رب مكن أبنائنا وامنحهم الايمان والقناعة بما أمرتهم به بإكرام الإباء والعناية بهم، كما علمنا الكتاب المقدس... والربط بين احترام الأجداد وكبار السن الشيوخ وخشية الرب، فكل الوقار الذي نقدمه لهم من أجل الوصية إنما هو خلال اتحادنا في الرب، نقدمه للرب نفسه، "أحبوا بعضكم بعضا محبة شديدة من القلب" (‏1 بط 1:‏22‏)، وان نتخذ من المحبة لهم أسلوب عمل، "تَاجُ الشُّيُوخِ بَنُو الْبَنِينَ، وَفَخْرُ الْبَنِينَ آبَاؤُهُمْ" (أم 17: 6)، الحب المتبادل يحوِّل العالم إلى التعاون والانجاز، والأسرة إلى أهل بيت الله، ويتلامس الكل مع وعده "لأَنَّهُ حَيْثُمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ بِاسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسْطِهِمْ" (مت 18: 20)، وان نطبق المحتوى التالي، "لا تَزْجُرْ شَيْخًا بَلْ عِظْهُ كَأَبٍ، وَالأَحْدَاثَ كَإِخْوَةٍ وَالْعَجَائِزَ كَأُمَّهَاتٍ، وَالْحَدَثَاتِ كَأَخَوَاتٍ، بِكُلِّ طَهَارَة"، "مِنْ أَمَامِ الأَشْيَبِ تَقُومُ وَتَحْتَرِمُ وَجْهَ الشَّيْخِ، وَتَخْشَى إِلهَكَ. أَنَا الرَّبُّ" (لاو 19: 32)

 

ومكّن الآباء من التربية المسيحية لأبنائهم وساعدهم فيها. أعزائي يحل المسيح حيث ما يجتمع الكل معًا باسمه ومن كل الأمم والألسنة والقبائل والشعوب، من كل الثقافات، ومن كل الأعمار، ويراه كل واحد منا في الآخرين مجدًا، وبارك يا رب كنيستك المقدسة كلها وامنح المؤمنين المحبة. الى الرب نطلب.