موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ٢٩ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢٠

لتضحك لنا السماء في السنة المقبلة

رلى السماعين

رلى السماعين

رلى السماعين :

 

اقتربنا على نهاية سنة صعبة، كان لها تحدياتها الكثيرة ليس على منطقة محددة أو بلد، بل على العالم أجمع، وهذه تعزية بحد ذاتها بأن ندرك أننا لم نُظلَم بل نعاني معاً. في خضم هذه الرحلة الصعبة التي بدأت منذ سنة تقريباً، عشنا فترات ضاقت على الجميع كان كل يوم فيها مليءً بالدروس لدرجة عملت على إعادة تشكيل آرائنا وأفكارنا وأيضاً أسلوب حياتنا. شدّة أتعبتنا، ولكن نبقى على يقين بأن الانسان المبدع هو الذي عندما تضيق به الامور ويقترب من فقدان الامل وقتها يجد الفرصة لتحويل المعاناة والقهر من التقوقع على الذات إلى قهر الظروف وتحدى الزمان. فكما قال الكاتب والفيلسوف فيودور دوستويفسكي، «كل أعمال الإنسان تتألف في الحقيقة من شيء واحد فقط وهو اثبات نفسه في كل مرة».

 

جميعنا نتمنى أن تضحك لنا السماء في السنة المقبلة، فدعني معك نتذكر بعض الدروس التي علمتنا إياها «سنة كورونا».

 

توضح لنا بأن الانسان مهما قوي وتجبر وتسلط يبقى ضعيفاً، فقد ضعفنا واقتربنا من الانهزام بالرغم من التقدم التكنولوجي الهائل الذي تفاخرنا به في العقود الماضية من الزمن، الا أن فايروساً مثل كورونا المستجد لا يُرى، أثّر في دول عظمى وصغرى على حدٍ سواء ولَم تردعه حدود سياسية، ولَم يردعه رادع والنتيجة كانت بأنه حصد ارواحاً بالالاف ومن كل مناطق العالم ونشر الخوف والقلق والتوتر.

 

تعلمنا بأننا أفراداً ومجتمعات همنا واحد واعتمادنا فقط على بعضنا لنسند بعضنا البعض. وهذه الفكرة إن تمكنا من أن نقف ونتأملها ومستقبلاً نبني عليها، أنقذنا الانسانية من الظلام الذي عمَّ سابقا والذي يهدأ ولا ينام الا بالتفرقة والاحزان والاوجاع. ولكن إدراكنا بأننا اخوة وأبناء آدم وحواء يتحتم علينا أن نحرص على بعضنا البعض تماماً كما يحرص الفرد منا على ذاته وممتلكاته.

 

تعلم البعض الذي تمكن من التواصل الحقيقي مع ذاته ولم يهرب من ضعف روحه بأن الله هو الوحيد القادر على تخفيف اعبائنا وبأنه العظيم وبأن الاتكال عليه أفضل من الاتكال على البشر.

 

ومن ناحية أخرى، تعلمنا بأن تغيير بعض العادات الاجتماعية عادت عَلِينا بالفائدة الصحية والمادية أيضا. فالتغيير في السلوكيات وبعض العادات لم يعد خياراَ بل أمرا ملحاً وضرورة حتمية، عليها نبني أولويات حياتنا للسنة الجديدة.

 

يقول الحكيم سليمان بأن «نِهَايَةُ أَمْرٍ خَيْرٌ مِنْ بَدَايَتِهِ» لان في كل نهاية هناك درس، وللحكيم عبرة ونضج. فما عرفت البشرية تخبطاً وارتباكاً وقلقاً وذعراً كما شهدنا هذه السنة، ولا استهتاراً بالعلم والمعرفة كما سخر منا هذا الفيروس المستجد، ولا استخفاف بالبشر ومشاعرهم ومستقبلهم وآمالهم كما شعرنا في هذه السنة. الحمدلله بأنها ستمضي وتنتهي ... لكنها تركت وراءها كما تترك فترات الوباء فقراَ مضاعفاً، وضعفاً اخلاقياً توضّح في المنصات الافتراضية، وتحديات إجتماعية على كافة الاصعدة، وعليه، عَلِينا في السنة المقبلة أن نستفيد مما مررنا بِه ونسعى نحو نضج ذاتي ومجتمعي.

 

(الدستور الأردنية)