موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ٣١ مايو / أيار ٢٠٢١

في ختام الشهر المريمي

بقلم :
بسام دعيبس - الأردن
في ختام الشهر المريمي

في ختام الشهر المريمي

 

الأمهات كثيرات، اما من نالت الامتياز الفريد في امومتها ليسوع ابن الله هي واحدة وهي مريم العذراء، والمريمات كثيرات اما ازكى الخلق في نظر الرب فواحدة، هي مريم العذراء أمنا وسيدة بنات حواء وفخر بنات اّدم، عليها منا السلام بلا ملل ولها التهنئة على مر الاجيال،  وعليها التحية والتطويب، فهي الحبيبة، ووالدة الابن الحبيب

 

سبع مريمات ذكرن بالكتاب المقدس، ولكن مريم العذراء واحده، فهي المتألقة والجميلة بينهن عن جدارة واستحقاق...

جميلة في طاعتها للرب: ها أنا أمة للربّ، فليكنْ لي بحسب قولك…

جميلة في اتضاعها و محبتها فذهبت لتخدم اليصابات…

جميلة في ايمانها اذ امنت بما قيل لها من قبل الرب، واستعدادها لما يريده الله…

جميلة في محبتها للهيكل فهي بقيت تخدم فيه حتى عمر 12…

جميله في تسبيحها حينما نطقت بتسبحتها الجميلة : تعظم نفسي الرب …

جميلة في صبرها الصامت لمشاركتها ابنها الحبيب في الاّم وموت الصليب…

جميلة في مواظبتها على الصلاة بنفس واحدة مع النسوة والتلاميذ، وانها عرفت كلمة الله وطبقتها في حياتها…

جميلة في بتوليتها الدائمة وشفاعتها لدى ابنها وامومتها الشاملة وبرائتها من الخطيئة…

جميلة في المسبحة الوردية التي تمثل الصلاة الشعبية للكنيسة ومن خلالها نتأمل حياة السيد المسيح.

 

وعندما نتأمل النشيد المريمي: " تعظم نفسي الرب وتبتهج روحي بالله مخلصي"

 

إنه من اجمل الاناشيد، فاذا كانت المزامير تلخص الكتاب المقدس فان نشيد تعظم يلخص المزامير، انه يلخص مسيرة مريم العذراء، ومسيرة العهد القديم، وينطلق بالمسيرة الى الامام الى ملء الازمنة، ففي عشرة ايات تلخص مريم العذراء رؤيتها،  فتنطلق من ذاتها لترتفع الى مجمل تاريخ الخلاص، الى ان تصل اخيرا الى نظرة كونية شاملة، النشيد سيمفونية متناغمة، وليس بيانا جافا، انه تيار  يجرف الكائن البشري بروحه وعقله وعاطفته وقلبه وجسده وذاكرته، انه محصلة تأمل وصلاة، وتعبير حي عن الحدود المفتوحة بين الارض والسماء، بين الابدية والزمن، بين الله والانسان. وأخيرًا تأملوا في هذا النشيد على المستوى الشخصي، وعلى مستوى تاريخ الخلاص، وعلى مستوى حركة التاريخ البشري.

 

 مريم العذراء ليست صنما جامدا لا حياة ولا حيوية فيه، انها حضور حي يفتح امامنا طرقا كثيرة، ان أمة الله المتواضعة تحمل لنا بشرى خلاص وتحرر ونحن شهود على ذلك

 

عظموا الرب وابتهجوا به من خلال التامل بامه مريم العذراء ونشيدها " تعظم "

وطوبوا مريم، لان القدير صنع بها عظائم واسمه قدوس

ورحمته من جيل الى جيل للذين يتقونه

وباختصار ، لنجهر ونقول : حواء القديمة جلبت لنا المعصية والخطيئة، وحواء الجديدة مريم العذراء ولدت لنا الرب المخلص،  فهنيئا لك يا مريم، وهنيئا لنا بابنك يسوع وبك…

 

والان ارجو ان يتسع صدركم لما اقول …

نصلي المسبحة الوردية وطلبتها ولا يدري الكثيرون ماذا نصلي وماذا نعني بصلاتنا  ومسبحتنا وطلبتنا،

 فالاسئلة كثيرة والاجوبة تكاد تكون قليلة، فعلى سبيل المثال لا الحصر

 

من اين جاءت المسبحة الوردية،  ولماذا نكرر الصلاة فيها،  وما الغاية من التكرار  ؟

 هل  نحن نصلي للعذراء، ونعبدها ونسجد لها ام  لابنها يسوع ؟

وعندما نخاطبها بتابوت العهد، او وردة سرية، او بتولا ممدوحة، او سلطانة المعترفين،  او معونة المسيحيين، او سيدة فلسطين، او سلطانة العائلات، هل  نعرف من اين جاءت هذه الالقاب وهل لها ذكر بالكتاب المقدس !! 

هل  نستطيع ان ندافع عن شفاعتها لدى ابنها يسوع، امام من لا يؤمنون بذلك؟ وما هي حدود شفاعتها  ونوعيتها!

 

عندما نتحدث عن العقائد المرتبطة  بالعذراء عليها السلام والاختلاف

  بشأنها بين المسيحيين انفسهم، نلاحظ انها  كثيرة، هل نستطيع معرفة  اي  الكنائس هي كنيسة الله المستقيمة !

 

تمر السنوات تلو السنوات وكثيرون لا يعرفون الاساسيات في امور دينهم، ومنها الصلوات التي نكررها في كل قداس طول عمرنا، وقد سالت الكثيرين عن معانيها وكانوا  يتلعثمون، ومنها على سبيل المثال… ما معنى هللويا وكيرياليسون وكريستاليسون، والصباؤوت، ومن قائل يا رب لست مستحقًا أن تدخل تحت سقف بيتي، ولماذا قال ذلك… وغيرها الكثير

 

الكتاب المقدس وكتب الصلوات بين ايدينا، ووسائل المعرفة متوفرة في كل مكان لمن يريد، وقليلون يريدون ان  يعرفوا المسيح وامه مريم وماذا نصلي  ولمن نصلي  ولمن نسجد ونعبد، ومن نكرم  والى غير ذلك من الامور التي تختلط على الكثيرين، وان ارى  ذلك من واجب كل انسان فينا ان يتأمل كلمة الله ومعناها، وان يتتبع  ويتفهم تعاليم الكنيسة وعقائدها، وان يصغي الى عظات الكهنة ويستفهم منهم اذا لزم الامر

 

واخيرا اود ان اشارككم بهذه الكلمات لاحدى الراهبات العراقيات:

حصوننا في القلب لا يرهبنا الاعداء ...

والنبع في اعماقنا لن تقطع المياه عنا امنا العذراء ...

قد سكب المسيح فينا روحه لا خوف لا ليل لا بغضاء ...

بل شموس نوره العجيب تمطرنا بالحب والسلام والاضواء ...

سنخدم الرب بكل قطرة من روحنا نسهر في انتظاره بالحلة العصماء ...

حياتنا موصولة بموجة الله فلا انفصال قرّي عينا امنا البتول مريم العذراء ...

 

يا رب ساعدنا لكي نكون على مثال امنا العذراء، نتوق اليك بشوق، ونقبلك طواعية بتهيب وحب واحترام وايمان ورجاء وطهارة، اجعلنا نسبحك بتهليل عظيم وعبادة مضطرمة، أهلنا بشفاعة امنا مريم البتول ان نتحد بك على مائدتك المقدسة، مبتهلين متضرعين من اجل ان نقدم لك الشكر والتسبيح والتمجيد... الى ابد الابدين... امين وكل وانتم بالف خير