موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ١٩ سبتمبر / أيلول ٢٠٢١

غرس ثقافة النظافة

رمزي الغزوي

رمزي الغزوي

رمزي الغزوي :

 

زرت أول أمس غابات برقش في شمال البلاد، ومررت بالمكان الجميل الذي صورته الملكة رانيا العبدالله في تغريدة لها على تويتر، وأشارت بإبهام مقلوب بأن المنظر لم يعجبها. فهو متخم بأكوام النفايات التي يتركها المتنزهون.

 

في زيارتي وجدت ذلك المكان تحديداً نظيفا جداً، دون أية عبوة بلاستيك أو منديل ورقي أو بقايا شواء، بينما الأماكن التي تجاوره ظلت على حالها تعجُّ بأطنان النفايات من كل أنواعها، في منظر يوجع الروح. فالبلدية المعنية، وبعد أن غردت الملكة، هرعت على الفور، ونظفت المكان.

 

لا أريد أن أسأل السؤال البديهي الموجع. هل يتطلب الأمر مثلاً زيارة ملكية لكل شبر في غاباتنا حتى تنظف وتتخلص من ما يشوهها؟ وهل تنظيف كل تلك المساحات الواسعة عمل ممكن في ظل آلاف الزوار الذين يترددون كل يوم عليه، ويتركون آثارهم فيه؟.

 

وعلى أثر تلك الزيارة قامت بلديات المحافظات التي فيها غابات بحملة للتنظيف مع أننا قبل فترة قريبة أقمنا حملة كبرى. وكلكم يعلم ما معنى تلك الحملات، ويعرف بروتوكولاتها التي تكاد تختصر على ارتداء قبعة وقميص باسم الحملة مع التقاط ملايين الصور، ونشرها على مواقع التواصل.

 

مئات إن لم أقل آلاف حملات النظافة التي أقيمت في بلدنا على مر عقود طويلة. والنتيجة أن غاباتا ومتنزهاتنا صارت مكب للقمامة بمعنى الكلمة. اي أن تلك الحملات على كثرتها وكثرة صورها لم تقدم ولم تؤخر. بل كانت جهدا ضائعا مع الأسف الشديد. فهي ومع تقديري للنوايا الحسنة للقائمين عليها لم تحدث الأثر المرجو منها. فكيف تريد أن يجمع عشرات من الشباب في ساعة زمن ما (يزبّله) شعب كامل على مدار العام؟. الناس ما زالوا يتركون مخلفات رحلاتهم دون شعور بالخزي أو التقصير.

 

المشكلة تكمن في ثقافتنا كمواطنين، وفي نظرتنا لأنفسنا ولبلدنا ومدنننا وغاباتنا. تلك الثقافة التي تؤمن أن البيت هو الوطن فقط. أي أنه لو كان لدى الواحد منا شعور حقيقي، بأن الوطن بيته؛ لحافظ عليه. ومن هذه النقطة المؤلمة والحسّاسة، يجب أن تنطلق صرخات ومبادرات واعية مبتكرة وذكية، تحلُّ مكان تلك الحملات مع دعمها بتطبيق القانون على المخالفين؛ كي لا نبقى نحرث في البور. فلم يعد ذا جدوى أن نعالج العرض ونترك المرض. نحن بحاجة لإعادة بناء ثقافة تعلي من شأن قيم تُعدُّ الوطن بيتاً.

 

(الدستور الأردنية)