موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
سنة 525 م طلب قداسة البابا يوحنّا الأوّل من الراهب العلاّمة ديونيزيوس الإسقوثي (منطقة بين رومانيا وبلغاريا) وأحسبه أرمنيّ الأصل – وكان نابغة في علم الفلك، طلب منه أن يؤرّخ الزمان انطلاقًا من ميلاد السيّد المسيح، رافضًا أن تستمرّ البشريّة في التقويم الروماني الوثنيّ الذي يستند على"تأسيس مدينة روما الوثنيّة"، وبالخصوص تقويم الطاغية مضطهد المسيحيين الإمبراطور "ديوقليسيانوس". ومن المعروف أيضًا أن الإمبراطور "داقيوس" ما قصّر في البطش بالمسيحيين والتنكيل بهم، وتذكر الكنيسة أنّها كانت ضحيّة 10 اضطهادات كبرى في زمن الإمبراطورية الرومانية. ومع الأسف لا يرد ذكر هذه المعاناة في مناهج التاريخ المدرسيّة أو الجامعية في بلادنا. كان طلب البابا يوحنّا الأوّل عملاً جريئًا، نفّذه بعلم كبير الراهب "ديونيزيوس"، والّذي من باب التواضع لقّب نفسه "اجزيجووس" أي "الصغير". وكان أوفر رهبان عصره علمًا ومن أكثرهم غيرة وإيمانًا وعبقرية، وما كان عمله سهلاً. لذا، وسط السنوات الكثيرة التي حسبها، قام بغلطة بسيطة جعلته يحدّد موت هيرودس الكبير سنة 753 أو 754 حسب التقويم الوثني. ولكن فيما بعد تبيّن من سجلاّت المؤرّخين أنّ هيرودس توفّي سنة 750، أي سنة 4 قبل الميلاد (ومنهم المؤرّخ يوسيفوس فلافيوس) وأنّ السيّد المسيح وُلد قبل وفاة هيرودس بثلاث سنوات، أي أنّه وُلد سنة 7 قبل الميلاد. وهذا يؤكّد ما جاء في الإنجيل المقدّس (لوقا 2 : 1و2) في الإحصاء الذي جرى في عهد القيصر أوغسطس وبأمر منه، الإحصاء الّذي شمل القدّيس يوسف والسيدة مريم العذراء وألزمهما التوجّه إلى مدينة بيت لحم، يرد في تلك الآية ذكر ميلاد السيّد المسيح في تلك الفترة أي حوالي سنة 7 قبل الميلاد. وهكذا التغى التقويم الوثنيّ وحلّ محلّه التقويم الميلادي، ومازال العالم يستخدم هذا التاريخ، حيث تؤرَّخ جميع أحداث العالم بما هو "قبل" و"بعد" ميلاد المسيح. من أهمّ دعائم الإيمان في أيّام العيد والأيام العادية : الإيمان والصلاح مع عدم محاسبة الذين لا يُدركون معنى العيد وجوهره. وحده الله سبحانه تعالى هو الذي يحاسب البشر. وكلّ انحراف أو تجاوز لمعنى العيد الروحاني من قِبل بعض الناس لا يعطينا الحق في تعميم تلك التجاوزات. بإمكاننا أن ننصح الأفراد الذين يجهلون جوهر العيد من غير إدانتهم وأن نفسّر لهم لباب العيد ولُبّه. صدق القدّيس بولس رسول الأمم والإناء المختار حينما صرخ قائلاً: "مَن أنتَ لتدين القريب؟". خاتمة أرجو أن يكون العام الجديد فاتحة خير وبركة ونعمة لجميع القرّاء الكرام. وكم أرجو أن تكون صفحات السنة الجديدة في سجلّ حياتنا حافلة بنور الحكمة ودفء الفرح مشحونًا بمخافة الله وكذلك الرجاء الصالح لبني البشر آمين! كلّ عام وأنتم بخير!