موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٢١ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠٢١

الجسد الواحد

د. فادي حداد

د. فادي حداد

د. فادي حداد :

 

لا شك ان الله حزين جدا على ما آلت إليه جماعة المؤمنين الذين تابوا وقبلوا المسيح مخلصا وسيدا على حياتهم. هؤلاء سموا من قبل أهل العالم بالمسيحيين أما المسيح فقد دعاهم أحبائه وأخوته.  إن المسيح لم يأتي ليصنع دينا جديدا بل أتى ليفدي ويملك على قلوب الناس ليكونوا أبناء الله ويسكنوا معه في الأبدية. جميع المؤمنين بالمسيح قد أصبحوا كجسد واحد له أطراف وأعضاء مختلفة مرتبطة ببعضها البعض إن تألم احدهم يشعر معه الآخرون وان فرح احدهم يفرح معه الآخرون.

 

فهل هذا واقع الحال الآن في العالم بين من يدعون بالمسيحيين؟

 

أوصى المسيح تلاميذه قائلا "أحبوا بعضكم بعضا كما أنا أحببتكم ، بهذا يعرف الناس أنكم تلاميذي" وأوصاهم أن يغسلوا أقدام بعضهم البعض وأن كبيرهم هو خادمهم وصلى لكي يكونوا واحدا كما انه هو والأب واحد. ثم قال " انتم نور العالم وانتم ملح الأرض  فأن فسد الملح فبماذا يملح".

 

ثم يكلم الرسول بولس أهل كورنثوس  بحدة  قائلا "لا أكلمكم كروحيين بل كجسديين فانه فيكم حسد وخصام وانشقاق ألستم جسديين وتسلكون بحسب البشر؟ لأنه متى قال واحد أنا لبولس وآخر أنا لأبولوس  أفلستم جسديين؟  فمن هو بولس ومن هو ابولس بل خادمان آمنتم بواسطتهما كما أعطى الرب لكل واحد. أما تعلمون أنكم هيكل الله وروح الله يسكن فيكم؟ إن كان احد يفسد هيكل الله فسيفسده الله لان هيكل الله مقدس الذي هو انتم.  لايخدعن احد نفسه...لأن حكمة هذا العالم هي جهالة عند الله....".

 

ويقول الرسول بولس أيضا للكورونثيين "أما انتم فجسد المسيح وأعضاءه أفرادا لأننا جميعا بروح واحد أيضا اعتمدنا إلى جسد واحد فأن الجسد أيضا ليس عضوا واحدا بل أعضاء كثيرة". ويقول "إن وثق احد بنفسه انه للمسيح فليحسب هذا أيضا من نفسه انه كما هو للمسيح كذلك نحن أيضا للمسيح".

 

لقد سبق أن قال الرب يسوع إن أي مملكة تنقسم على نفسها تسقط. أليست هذه خطة الشيطان لينتصر على يسوع بان يهاجم الجسد الذي رأسه هو يسوع؟ إذا كيف نسمح لإبليس أن يتدخل بهذا الشكل الواضح ليقسم جسد المسيح. 

 

والسؤال الذي علينا الإجابة عليه هو: لماذا اعتبر نفسي إنني أنا فقط لدي التعليم الصحيح وان أي تعليم آخر هو مضل. أليست الحالة هي نفس ما واجهه الأمم  الذين آمنوا بالمسيح مع الذين آمنوا من أصل يهودي؟

 

في لوقا 9/49-50 قال يوحنا للرب يسوع " يا معلم رأينا واحدا يخرج الشياطين باسمك فمنعناه لأنه ليس يتبع معنا" فقال له يسوع "لا تمنعوه لأن من ليس علينا فهو معنا". المسيح فقط هو الذي يعرف من له ومن ليس له وهو الذي سيدين العالم لأنه عارف كل شيء  وهو الذي سيميز بين الجداء والخراف وقد قال "ليس كل من  يقول يا رب يا رب يدخل ملكوت السموات بل الذي يفعل مشيئة أبي".

 

ما أخشاه أننا وبعد أن آمنا بالمسيح  بأيمان هو نعمة من الله  عدنا كما عاد أهل غلاطية الذين وبخهم الرسول بولس في رسالته  بعدما عادوا يستعبدون أنفسهم للطقوس والفرائض لنوال الغفران والقبول لدى الله. ثم يحثهم على السلوك بالروح مبينا أن أعمال الجسد ظاهرة كعبادة الأوثان والسحر والعداوة والخصام والغيرة والتحزب والشقاق والبدع الخ...

 

وفي الرسالة إلى أهل افسس يؤكد الرسول بولس  أنهم بالنعمة مخلصون بالأيمان  ليس بالأعمال لكي لا يفتخر احد. لأهل كولوسي يقول " المسيح محا الصك الذي علينا في الفرائض الذي كان ضدا لنا مسمرا إياه بالصليب... فلا يحكم عليكم احد في أكل أو شرب أو من جهة عيد أو هلال أو سبت التي هي ظل الأمور العتيدة أما الجسد فللمسيح. لا يخسرنكم احد الجعالة (الجائزة / المكافئة) راغبا في التواضع وعبادة الملائكة ... إن كنتم قد متم مع المسيح عن أركان هذا العالم فلماذا كأنكم عائشون في العالم تفرض عليكم فرائض لا تمس لاتذق لا تجس التي هي جميعها للفناء في الاستعمال حسب وصايا الناس التي لها حكاية حكمة بعبادة نافلة وتواضع وقهر الجسد ليس بقيمة ما من جهة إشباع البشرية.

 

إن أكثر الخلافات والانقسامات بين المؤمنين بالمسيح نابعة من اختلافات بالقشور التي نتبناها من ممارسات لفرائض والتمسك بمعتقدات ثانوية لا علاقة لها بخلاصنا دخلت على مدى العصور وأصبح أتباعها أعداء مع الآخرين من الذين في نفس جسد المسيح.

 

يقول الرسول بولس  لأهل فيليبي " أن كنتم قد قمتم مع المسيح فاطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس على يمين الله. اهتموا بما فوق لا بما على الأرض. لأنكم قد متم وحياتكم مستترة مع المسيح في الله..... إذ خلعتم الإنسان العتيق مع أعماله ولبستم الجديد الذي يتجدد للمعرفة حسب صورة خالقه".

 

ماذا نقول إذا ؟ نحن مدعوون لنبطل خدعة إبليس ولنفرح قلب الله بأن لا ندين غيرنا وأن نقبل كل من يدعى باسم المسيح ونحبهم كما أحبنا ويحبهم الله ألآب. نحن المؤمنون بالمسيح أبناء الله ألآب وعروس المسيح. نحن الجسد الواحد الذي رأسه المسيح سنسكن معا  معه في الأبدية. مكتوب ان العالم يعرف أننا أبناء الله إن أحببنا بعضنا بعضا فلنصلي ليعطينا الله نعمة لنحيا كما يحق بأنجيل المسيح فيتمجد الله فينا . آمين.