موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ٢٧ مايو / أيار ٢٠٢٢

الأحد الخامس المعروف بأحد الأعمى

بقلم :
الأب بطرس جنحو - الأردن
الأحد الخامس المعروف بأحد الأعمى

الأحد الخامس المعروف بأحد الأعمى

 

الرِّسالة


أنتَ يا ربُّ تَحْفَظُنا وَتَسْتُرُنا في هذا الجيل

خَلِّصْنِي يا ربُّ فإنّ البَارّ قَدْ فَنِي

 

فصل من أعمال الرسل القديسين الأطهار (أعمال الرسل 16: 16-34)


في تلك الأيّام، فيما نحن الرُّسُّلَ مُنْطَلِقُونَ إلى الصّلاةِ، اسْتَقْبَلَتْنَا جاريةٌ بها روحُ عِرافَةٍ، وكانت تُكْسِبُ موالِيَهَا كسبًا جزيلًا بعرافتها. فطفقت تمشي في إِثْرِ بولسَ وإِثْرِنَا وتصيحُ قائلة: هؤلاء الرِّجال هم عبيدُ الله العَلِيِّ وهم يُبَشِّرونَكُم بطريق الخلاص. وصنعَتْ ذلك أيّامًا كثيرة، فتضجّرَ بولسُ والتَفَتَ إلى الرُّوح وقال: إنِّي آمُرُكَ باسم يسوعَ المسيح أن تخرجَ منها، فخرج في تلك السّاعة. فلمّا رأى مَوالِيها أنّه قد خرج رجاءُ مَكْسَبِهِم قبضوا على بولسَ وسيلا وجرُّوهُما إلى السُّوق عند الحُكّام، وقدّموهما إلى الوُلاةِ قائِلِين: إنّ هَذَيْنِ الرّجُلَيْنِ يُبَلْبِلانِ مدينَتَنا وهما يهودِيّان، وينادِيان بعادَاتٍ لا يجوزُ لنا قَبُولُهَا ولا العملُ بها إذ نحن رومانيُّون. فقام عليهما الجمعُ معًا، ومزّق الوُلاةُ ثيابَهُمَا وأمروا أن يُضْرَبا بالعِصِيِّ. ولـمّا أَثْخَنُوهُما بالجراح أَلقَوهُمَا في السِّجن وأَوْصَوا السّجّانَ بأن يحرُسَهُما بِضَبْطٍ. وهو، إذ أُوصِيَ بمثل تلك الوصيّة، أَلقاهُما في السِّجن الدّاخليِّ وضبطَ أرجُلَهُمَا في الـمِقطَرَة. وعند نصف الليل كان بولسُ وسيلا يصلِّيَان ويسبِّحان اللهَ والمحبوسون يسمعونَهُما. فحدثَت بغتَةً زلزلةٌ عظيمةٌ حتّى تزعزعتْ أُسُسُ السِّجن، فانْفَتَحَتْ في الحال الأبوابُ كلُّها وانْفَكّتْ قيودُ الجميع. فلمّا استَيقظَ السَّجّانُ ورأى أبوابَ السِّجْنِ أَنّهَا مفتوحةٌ، اسْتَلّ السّيفَ وهَمّ أن يقتُلَ نفسَهُ لِظَنِّهِ أَنّ المحبوسِينَ قد هَرَبُوا. فناداهُ بولسُ بصوتٍ عَالٍ قائِلًا: لا تعمَلْ بنفسِكَ سُوءًا، فإنّنا جميعَنَا هَهُنَا. فطلبَ مصباحًا ووثَبَ إلى داخلٍ وخَرّ لبولسَ وسيلا وهو مُرْتَعِدٌ، ثمّ خرجَ بهما وقالَ: يا سَيِّدَيّ، ماذا ينبغي لي أَنْ أَصْنَعَ لكي أَخْلُصَ؟ فقالا: آمِنْ بالربّ يسوعَ المسيحِ فَتَخلُصَ أنتَ وأهلُ بيتِك. وكَلَّماهُ هو وجميعَ مَنْ في بيتِهِ بكلمةِ الربّ، فَأَخَذَهُمَا في تلكَ السّاعةِ من اللّيلِ وغسلَ جراحَهُمَا واعتَمَدَ من وقتِهِ هو وذووهُ أَجمَعُون. ثمّ أَصعَدَهُمَا إلى بيتِه وقدّم لهما مائدةً وابتَهَجَ مع جميعِ أهلِ بيتِه إذ كانَ قد آمَنَ بالله.

 

الإنجيل

 

فصل شريف من بشارة القديس يوحنا (يوحنا 9 : 1 -38)


في ذلك الزَّمان، فيما يسوعُ مُجْتَازٌ رأى إنسانًا أَعْمَى منذ مَوْلِدِه، فسألَهُ تلاميذُه قائِلِين: يا رَبُّ، مَن أَخْطَأَ أهذا أَمْ أبواهُ حتَّى وُلِدَ أعمَى؟ أجاب يسوعُ: لا هذا أخطأَ ولا أبواه، لكن لتظهَرَ أعمالُ اللهِ فيه. ينبغي لي أنْ أعملَ أعمالَ الَّذي أرسلَنِي ما دامَ نهارٌ، يأتي ليلٌ حين لا يستطيع أحدٌ أن يعمل. ما دُمْتُ في العالَمِ فأنا نورُ العالَم. قالَ هذا وتَفَلَ على الأرض، وصنع من تَفْلَتِهِ طِينًا، وطَلَى بالطِّين عَيْنَيِ الأعمى، وقال له: ٱذْهَبْ وٱغْتَسِلْ في بِرْكَةِ سِلْوَام (الَّذي تفسيرُهُ الـمُرْسَلُ)، فمضى وٱغْتَسَلَ وعَادَ بَصِيرًا. فٱلجيرانُ والَّذينَ كانوا يَرَوْنَهُ من قَبْلُ أنَّه أعمى قالوا: أليسَ هذا هو الَّذي كان يجلِسُ ويَسْتَعْطِي؟ فقالَ بعضُهُم: هذا هو، وآخَرونَ قالوا: إنَّه يُشْبِهُهُ. وأمَّا هو فكان يقول: إِنِّي أنا هو. فقالوا له: كيف ٱنْفَتَحَتْ عيناك؟ أجاب ذلك وقال: إنسانٌ يُقال له يسوع صنع طينًا وطلى عينيَّ، وقال لي ٱذْهَبْ إلى بِرْكَةِ سِلْوَامَ وٱغْتَسِلْ، فمضيتُ وٱغْتَسَلْتُ فأبصرتُ. فقالوا له: أين ذاك؟ فقال لهم: لا أعلم. فأتَوا به، أي بالَّذي كان قبلاً أعمى، إلى الفَرِّيسيِّين. وكان حين صنعَ يسوعُ الطِّينَ وفتح عينَيْهِ يومُ سبت. فسأَلَهُ الفَرِّيسيُّون أيضًا كيف أَبْصَرَ، فقال لهم: جعلَ على عينَـيَّ طينًا ثمَّ ٱغتسَلْتُ فأنا الآن أُبْصِر. فقال قومٌ من الفَرِّيسيِّين: هذا الإنسانُ ليس من الله لأنَّه لا يحفَظُ السَّبت. آخَرون قالوا: كيف يقدِرُ إنسانٌ خاطِئٌ أن يعملَ مثلَ هذه الآيات؟ فوقعَ بينهم شِقَاقٌ. فقالوا أيضًا للأعمى: ماذا تقول أنتَ عنه من حيثُ إِنَّه فتحَ عينَيْكَ؟ فقال: إِنَّه نبيٌّ. ولم يصدِّقِ اليهودُ عنه أنَّه كان أعمَى فأبصَرَ حتَّى دَعَوْا أَبَوَيِ الَّذي أبصرَ وسأَلُوهُما قائِلِينَ: أهذا هو ٱبنُكُمَا الَّذي تقولان إنَّه وُلِدَ أَعْمَى، فكيف أبصرَ الآن؟ أجابهم أبواه وقالا: نحن نعلمُ أنَّ هذا وَلَدُنا وأنَّه وُلِدَ أعمى، وأمَّا كيف أبصرَ الآن فلا نَعْلَمُ، أو مَنْ فتحَ عينَيْه فنحن لا نعلَمُ، هو كامِلُ السِّنِّ فٱسْأَلُوهُ، فهو يتكلَّمُ عن نفسه. قالَ أبواه هذا لأنَّهُمَا كانا يخافان من ٱليهود، لأنَّ اليهودَ كانوا قد تعاهَدُوا أنَّهُ إِنِ ٱعتَرَفَ أحَدٌ بأنَّهُ المسيحُ يُخرَجُ من المجمع. فلذلك قال أبواه هو كامِلُ السِّنِّ فٱسألوه. فدعَوا ثانِيَةً الإنسانَ الَّذي كان أعمَى وقالوا له: أَعْطِ مجدًا لله، فإنَّنا نعلَمُ أنَّ هذا الإنسانَ خاطِئ. فأجابَ ذلك وقال: أَخَاطِئٌ هو لا أعلم، إنَّما أعلم شيئًا واحِدًا، أَنِّي كنتُ أعمى والآن أنا أُبْصِر. فقالوا له أيضًا: ماذا صنع بك؟ كيف فتح عينَيك؟ أجابهم: قد أَخْبَرْتُكُم فلم تسمَعُوا، فماذا تريدون أن تسمَعُوا أيضًا؟ أَلَعَلَّكُم أنتم أيضًا تريدونَ أن تصيروا له تلاميذَ؟ فَشَتَمُوهُ وقالوا له: أنتَ تلميذُ ذاك، وأمَّا نحن فإِنَّنا تلاميذُ موسى، ونحن نعلم أنَّ اللهَ قد كلَّمَ موسى. فأمَّا هذا فلا نعلم مِن أين هو. أجابَ الرَّجلُ وقال لهم: إنَّ في هذا عَجَبًا أَنَّكُم ما تعلَمُونَ من أين هو وقد فتح عينَيَّ، ونحن نعلمُ أنَّ اللهَ لا يسمَعُ للخَطَأَة، ولكنْ إذا أَحَدٌ ٱتَّقَى اللهَ وعَمِلَ مشيئَتَهُ فَلَهُ يستجيب. منذ الدَّهرِ لم يُسْمَعْ أَنَّ أَحَدًا فتحَ عَينَيْ مَولُودٍ أعمى. فلو لم يَكُنْ هذا من الله لم يَقْدِرْ أن يفعلَ شيئًا. أجابوه وقالوا له: إِنَّكَ في الخطايا قد وُلِدْتَ بجُملَتِكَ، أَفَأَنْتَ تُعَلِّمُنَا؟ فأَخْرَجُوهُ خارِجًا. وسَمِعَ يسوعُ أَنَّهُم أَخْرَجُوهُ خارِجًا، فَوَجَدَهُ وقال له: أَتُؤْمِنُ أَنْتَ بابْنِ الله؟ فأجابَ ذاك وقالَ: فَمَنْ هو يا سَيِّدُ لأُؤْمِنَ به؟ فقال له يسوعَ: قد رَأَيْتَهُ، والَّذي يتكلَّمُ معكَ هوَ هُو. فقال: قد آمَنْتُ يا رَبُّ وسَجَدَ له.

 

 

بسم الأب والأبن والروح القدس الإله الواحد أمين.

 

المسيح قام    حقاً قام

 

قبل ستة أشهر من ذبيحة الصليب، ذهب ربنا يسوع المسيح في عيد المظال إلى أورشليم، رغم أنه علم أن حكام اليهود كانوا يسعون لقتله، وكان يكرز في فناء الهيكل. وبينما كان يغادر، رأى رجلاً أعمى جالسًا في الزاوية يتوسل الصدقة. سأل التلاميذ سيدهم، "يا رب، من أخطأ، هو أو والديه، حتى يولد أعمى؟" ومن عارف قلوب الناس استجاب بمشاعر البر بالحب والرحمة. "لم يخطئ هو ولا والديه. "لقد ولد أعمى ليكشف عن أعمال الله".

 

كان رأي الشعب اليهودي أن خطايا الوالدين أصابت الأجيال اللاحقة من أبنائهم. جاء هذا التصور من سوء فهم لأمر الله، الذي أمر إسرائيل بعدم صنع الأصنام، ولا عبادة الأشياء الجامدة. بعبارة أخرى، حثّ شعب إسرائيل على عدم العودة إلى شرك الأصنام. وإذا عصوا وارتدوا عن الإيمان بالله الواحد الحقيقي، فإن عقاب خطاياهم سينتقل إلى أولادهم حتى الجيل الثالث والرابع. تم تعميم هذا الحكم الخاص من قبل الإنسان لكل خطيئة.

 

بالطبع، ناموس موسى، في حالة الخطايا الفردية، نص بوضوح على أن المسؤوليات منفصلة عن كل واحدة. لأنه لن يُعاقب الآباء على خطايا أبنائهم الفردية ولا الأطفال على خطايا والديهم الشخصية. يجب أن يحاسب الجميع وفقًا لأفعالهم.

 

فالرجل الأعمى المولود لم يولد بهذه الطريقة، لأن الله أراد أن يعاقب والديه في وجهه. وأكد له يسوع: "لا هذا أخطأ ولا أبواه".

 

في هذه المرحلة نحتاج إلى توضيح ما يلي. اليوم يولد العديد من الأطفال حديثي الولادة مشوهين بسبب حياة آبائهم الخاطئة. عندما يكون الوالدان مدمنين على الكحول والمخدرات، عندما تكون الأم تحت تأثير المخدرات الضارة أو تأخذها لإجهاض وقتل جنينها وطفلها. هنا يرتكب الجرم الجسيم من قبل الناس، من قبل الوالدين، وليس عقابًا إلهيًا من الله القدوس.

 

إن سؤال التلاميذ سؤال محض، لأنهم سمعوا السيد مرات عديدة في الماضي يقول للمفلوج أنهم مرضوا بسبب حياتهم الخاطئة. إن المكفوفين الخلقيين لم يولدوا لا يبصرون فحسب، بل ولدوا بلا عيون أيضًا. لا يعطيه الرب نور عينيه فحسب، بل يخلق عيونًا جديدة من الطين. وها هي المعجزة العظيمة! أين سمعت هذا النوع من العلاج مرة أخرى؟ أي طبيب يمكنه التبرع بالعيون لمن ولدوا بلا عيون؟ ما هي المعجزة التي يمكن مقارنتها بالحاضر؟

 

نشهد هنا أن يسوع هو الإله الذي أخذ تراب الأرض وخلق الإنسان في بداية الخليقة. وبعد أن تنفس الصعداء في وجهه، جعله "روحًا حية". هنا أيضًا، يصنع الله نفسه من الطين ويخلق عيونًا جديدة، معطيًا للمكفوفين بالفطرة، الضوء الملموس الذي حرم منه كثيرًا.

 

يسوع المسيح، ابن الله وكلمته، هو نور العالم. هو الذي ينير حياتنا ويقدسها، ويوجهنا إلى فعل الصواب دائمًا. بدون المسيح يعيش الإنسان في ظلام الجهل. بدون المسيح، وبغض النظر عن مقدار التعليم الذي يكتسبه المرء، وبغض النظر عن مقدار الثروة والمجد، يظل المرء تحت سيطرة الخطيئة، التي تُظلم وجوده بالكامل وتُظلمه.

 

الخطيئة والأهواء الخاطئة تعمي عيون الروح الروحية. رجل الخطيئة مع أن له عيون جسدية ويرى نور الحواس، يظل أعمى ولا ينظر إلى النور الخيالي للوحي الإلهي. من أسرته أهواء الخطيئة يصبح عبداً للخطية. إنه يحرم نفسه من حريته الحقيقية التي لا يمنحها إلا الله القدوس.

 

من أجل التمتع برؤية مواهب الله الإلهية، يجب أن نبتعد عن سبب العمى الروحي، الخطيئة. كلما استمرينا في رغباتنا الخاطئة ، نأخر الضوء عن دخول هيكل أرواحنا.

 

يمكننا تشبيه الخطيئة بسحابة مظلمة تلقي بظلالها على وجه الأرض ولا تسمح لأشعة الشمس بإضاءة الحياة وإحيائها. وهكذا تصبح الخطيئة عقبة، فلا تصل أشعة النعمة الإلهية إلى الروح  لتعطي الإنسان حياة أبدية.

 

وجد الرجل الكفيف في الوقت الحاضر نوره قريبًا من المسيح. لقد عرف المسيح واعترف به ليكون الإله الحقيقي. اقتداء بمثاله، دعونا نقترب من يسوع ونطلب منه أن يشفينا من عمانا الروحي. دعونا نطلب منه أن يمنحنا النور الذي يمكن تصوره، حتى نتمكن من رؤية طريق الفضائل الذي يجب أن نسير فيه. دعونا نطلب منه أن ينفض عنا الظلمة الشديدة للأهواء التي تغمرنا في الظلمة غير المكتشفة. قال الرب: إذا كان فيك نور ظلمة، دعونا نطلب منه أن يهبنا رحمته الإلهية ورحمته، حتى نطالب بخلاصنا بالمسيح.

 

 

الطروباريات

 

طروباريَّة القيامة لِلَّحن الخامس 

لنسبِّحْ نحن المؤمنينَ ونسجُدْ للكلمة الـمُساوي للآبِ والرُّوح في الأزليَّة وعدمِ الاِبتداء، المولودِ من العذراء لخلاصِنا، لأنَّه سُرَّ بالجسد أن يَعْلُوَ على الصَّليبِ ويحتَمِلَ الم ويُنْهِضَ الموتى بقيامتِهِ المجيدة.

 

قنداق باللحن الرابع

إنّي أتقدّم إليك أيّها المسيح وأنا مكفوف حدَقتي نفسي كالأعمى منذ مولدهِ صارخًا إليك بتوبة: أنت هو النور الفائق الضياء للذين في الظلام.

 

قنداق الفصح  باللحن الثامن

ولئن كنتَ نزلتَ إلى قبرٍ يا من لا يموت، إلاّ أنّكَ درستَ قوّةَ الجحيم، وقمتَ غالباً أيّها المسيحُ الإله. وللنسوةِ حاملاتِ الطيبِ قُلتَ: افرحنَ، ووهبتَ رُسُلكَ السلام، يا مانحَ الواقِعين القِيام.